في ذكرى “20 فبراير”.. فاعلون يساريون يدعون إلى “تطهير السياسة من الفساد”

في مثل هذا اليوم من سنة 2011، نزل المغاربة بكثافة إلى شوارع المملكة، حاملين في أذهانهم تصورات متقاطعة لمغرب جديد ملؤُهُ الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة، في وقت كانت الشعوب المجاورة تناضل هي الأخرى من أجل مستقبل أكثر إشراقا.
اليوم، تكمل حركة “20 فبراير” ربيعها الثالث عشر. 13 سنة كانت كافية لتعاقب ثلاث حكومات ومرور البلاد من فترات سياسية واقتصادية بارزة، الأمر الذي يعيد إلى الواجهة تساؤلات تبدو “مشروعة” عن مآل مطالب الحركة وما تم إنجازه خلال الفترة الأخيرة التي تعدت عقدا من الزمن.
ومن “محاسن الصدف” ربما أن يتزامن تخليد الذكرى الثالثة عشرة للحركة مع حملة “غير مسبوقة” جرّت منتخبين ومسؤولين سياسيين إلى ردهات المحاكم، ومنها إلى زنازين السجون، في ملفات تتعلق في جوهرها بالفساد وتبديد المال العام واختلاسه، وهو الأمر الذي كانت الحركة المذكورة خرجت للقطع معه.
سياسيون تحدثوا لهسبريس، ممن كانوا ضمن فريق عشرين فبراير، يرون أن “روح الحركة لا تزال حاضرة إلى جانب مطالبها، حيث أبان الواقع الراهن أنها كانت على صواب”، معتبرين أن “المغرب اليوم يعيش على وقع انتشار ملحوظ للفساد داخل المؤسسات، وهو ما يستوجب التوجه نحو تطهير الحقل السياسي برمته”.
مطالب ذات بعد راهني
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال إن “20 فبراير تظل مناسبة غالية لدى التواقين إلى مغرب الغد والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة الفعلية.
وعلى الرغم من مرور أزيد 13 سنة، إلا أنه يتضح أن المطالب التي رُفعت وقتها ما تزال راهنية ومستعجلة وملحة كذلك، على اعتبار أن المغرب بحاجة إلى ديمقراطية حقيقية ومؤسسات مسؤولة أمام المواطن”.
وأضاف العسري، في تصريح لهسبريس، أن “مطلبيْ الملكية البرلمانية وربط المسؤولية بالمحاسبة لا يزال الواقع يؤكد عليهما؛ فشباب الحركة كانوا ذوي نظرة مستقبلية. ونحن اليوم نرى كيف أن منتخبين ورؤساء مجالس ترابية يتابعون بتهم الفساد ويتم جرهم إلى القضاء”، مشيرا إلى أن “أهم ما نجحت فيه الحركة هو تكسير حاجز الخوف ومصالحة الناس مع الاحتجاج وملاقاة الشباب مع السياسة، لا الأحزاب”.
وعاد المتحدث للتعليق على جر سياسيين إلى القضاء بالقول: “الحملة التي نشاهدها اليوم ليست لا بداية عهد جديد ولا مرحلة عابرة، بل تعكس إجراء وقائيا من الدولة تجاه نفسها حتى لا تصير رهينة لدى الضالعين في ملفات الفساد، وهي كذلك تنفيس للوضعية حتى لا تؤول إلى الأسوأ”.
وأورد المتحدث أن “كل هذه الأمور جعلتنا كمغاربة نرى انتخابات لا تخوضها أحزاب ذات برامج سياسية ورؤى ومشاريع، بل يخوضها أفراد يتوفرون على المال لا غير ويصيرون بذلك مكلفين بإدارة شؤون المواطنين”، داعيا إلى “الانتقال نحو مغرب جديد تصبح فيه الكلمة للسياسة وتُربط فيه المسؤولية بالمحاسبة”.
ضرورة “تطهير” الحقل السياسي
علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، أكد أن “المغرب لم يتقدم كثيرا خلال الآونة الأخيرة في مكافحة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، فآخر تقرير أوضح أنه في تراجع، الأمر الذي يجعل المطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير ذات راهنية خلال الوقت الحالي، ما دام أننا أمام هذه التطورات التي تؤكد ذلك فعليا”.
واعتبر بوطوالة، في تصريح لهسبريس، أن “ظاهرة الفساد استفحلت بشكل كبير ضمن دواليب الدولة، وهو ما يجعل المغاربة ينتظرون تدخلا حاسما من الدولة في هذا الاتجاه. ولعل أبرز إشارة في هذا الإطار ستكون هي المصادقة على قانون الإثراء غير المشروع”، موضحا أن “المغرب كان بإمكانه التحول إلى دولة صاعدة بحلول 2025، غير أن الحكومات الأخيرة لم تكن في الموعد”.
وأشار المتحدث إلى أن “أي إجراء في اتجاه محاربة الفساد، سواء على مستوى البرلمان أو المؤسسات الأخرى أو الجماعات المحلية كذلك، لا يمكن إلا الترحيب به، غير أن الإشكال الأساسي المطروح هو المتعلق بتطهير الحقل السياسي، فلو كان هذا الأخير سالما، لما برز الفساد بهذه المؤسسات والمرافق العمومية”.
وزاد نائب الأمين العام لحزب “الرسالة” أن “المطلوب اليوم هو تطهير الحقل السياسي من مختلف الظواهر التي تسيء إليه، مع إحداث نوع من الربط الجدلي بين محاربة الفساد والديمقراطية؛ ذلك أن الوصول إلى هذه الأخيرة يتطلب إشاعة الحريات العامة واحترام خصوصيات الأفراد”.