“بيت الشعر” يحتفي بكيليطو.. محقق يطرق الصعب لفك شفرات الألغاز
الأحد 18 فبراير 2024 – 03:00
اختتمت السبت، بقصر الباهية بمدينة مراكش، أشغال الدورة الأكاديمية “كيليطو والشعر”، التي نظمت من طرف بيت الشعر في المغرب، بتعاون مع كلية اللغة العربية التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، وبدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، احتفاء بالمنجز الأدبي للكاتب والأديب عبد الفتاح كيليطو، مع مشاركة عدد من الباحثين والأكاديميين المغاربة.
وخلال مداخلته بهذه المناسبة أوضح الباحث والناقد محمد أيت لعميم أن “المتأمل في المسار التأويلي لعبد الفتاح كيليطو يلاحظ أنه تحكمه إستراتيجية خاصة، نلمحها في كل النصوص التي اشتغل عليها، وهي نصوص تراثية بالأساس، منها المحكي القصير والسرد الطويل، والنوادر والمحكيات والقصة الفلسفية والرسائل، والنصوص النقدية والأبيات الشعرية…”.
وأضاف أيت لعميم: “هذه الغزارة في النصوص التراثية فسيفسائية التشكيل يتم التعامل معها بتأويل قصد توليد المعنى من أرحام خلناها صارت عقيمة بسبب تكرار واجترار سطحي الدلالة، أو الإيهام بكشف القصديات. وضد هذه الألفة الدلالية سيسعى كيليطو إلى خلخلتها للعثور على السراج الوهاج في درج عتمة النصوص”.
وتابع الباحث ذاته: “يتأسس فعل القراءة لدى كيليطو على مساءلة البداهة واكتشاف العادي، ووضع اليد على الرسالة المسروقة، متقمصا شخصية المحقق الذي يسلك الطريق الصعب في فك شفرات اللغز، ومعتمدا تفسير الأدب بالأدب”، مشيرا إلى أن “حضور الشعر في المدونة النقدية عند كيليطو يخدم غايات عدة، منها أنه قنطرة لتأسيس المفاهيم والقضايا التي تتأثر باهتمامه، كما تتم قراءته بالروح التي تشعرك بالنصوص الأخرى، بالإضافة إلى تغير النصوص الشعرية عبر المواقع التي ترد فيها، ومن ثم تضيء وتستضيء في السياقات المختلفة”.
وتأتي أهمية كيليطو من “إعادة النظر في تاريخ الشعر العربي، من خلال إدراج جزء ظلت الثقافة الكلاسيكية تتناساه، وهو شعر الهزل، ومثل له بالشاعر ابن الحجاج الذي قلب الأغراض الشعرية وادخل فيها السخرية والمحاكاة الساخرة؛ وما يميز مقاربته القراءة بالمفارقة، فاللزوميات التزم فيها الصدق فكانت مثار شكوك سقط الزند، والتزم فيه الكذب فكان مقبولا، ومقدمة اللزوميات انحرف فيها الكلام في العروض ولم يخصص للمضمون إلا بضعة أسطر فأثار هذا المنهج شكوكا”، وفق المصدر ذاته.
وتميزت فعاليات هذه الدورة الأكاديمية بمحاضرة افتتاحية لعبد الفتاح كيليطو تحت عنوان “لزوم ما لا يلزم” بكلية اللغة العربية بمراكش، تلتها ثلاث جلسات تتناول تباعا مواضيع “الشعر في تأويل كيليطو لنسق الأدب العربي الكلاسيكي”، و”صورة المعري في كتاب (أبو العلاء المعرّي أو متاهات القول)”، و”الشعر في أعمال كيليطو القصصية والروائية”.
يشار إلى أن “بيت الشعر في المغرب” مؤسسة ثقافية مدنية مستقلة وغير ربحية، تأسست سنة 1996 بالدار البيضاء، ويتركز نشاطها حول الشعر باعتباره فعلا إنسانيا خلاقا، وتسعى إلى تعزيز حضور الشعر في مختلف مناحي الحياة وترسيخ وجوده كوسيلة للتواصل الإنساني والحضاري.