تعديل حكومي مرتقب بالمغرب .. إجراء سياسي ودستوري ينتظر “إسقاط” وزراء
تسير التوقعات بقوة نحو اقتراب “حكومة أخنوش” من رجّة مُقبلة متصلة أساسا بتعديل حكومي مرتقب. “عرف سياسي” صار مألوفاً أن يحدث عند منتصف الولاية الحكومية، لاسيما حين يتبين أن قطاعات حكومية لم تقدم حصيلة تخوّل للوزير الوصي عليها أن “يستأنف الجلوس على الكرسي” إلى غاية نهاية عمر الحكومة، أو حين يكون هناك “شرخ” بين البرنامج السياسي على مستوى قطاع معين وبين أثره على حياة المغاربة.
ورغم أن مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، تحدث عن التعديل الحكومي، قائلا إنه “إجراء سياسي ودستوري يتطلب إجراءات وشروطا حينما ستتوفر سنمضي في هذا المجال”، فإن “الصورة لم تكتمل جيدا، أمام غياب حسم نهائي رسمي بشأن هذه الخطوة”، مع أن “الإحراج السياسي والأخلاقي” الذي يمثله إسقاط وزير أو وزيرة من القطار الحكومي مازال يتريث أن “يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة في وقت لاحق، لأن تجديد الدماء لا يضمن هدر السابقة”، وفق متتبعين.
مصدر لهسبريس توقع أن يبدأ النقاش حول التعديل الحكومي بعد انعقاد مؤتمر حزب الاستقلال قريباً، نافيا ما يروج عن شروع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في مشاورات مع الأحزاب المشكلة للأغلبية لإجراء التعديل المرتقب، ومؤكداً ورود التعديل كأمر طبيعي لتجديد الدماء في الحكومة بعد انصرام نصف الولاية الحكومية.
“عرف سياسي”
عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السّياسية والقانون الدّستوري، قال إن “التعديل الحكومي يظل اختصاصا حصريا للملك بمقترح من طرف رئيس الحكومة”، مؤكدا “أهمية التعديل كعرف سياسي متعارف عليه في العمل السياسي المغربي بعدما تكون الحكومة بلغت نصف ولايتها، ما يجعلها في حاجة إلى دماء جديدة وإلى ممارسة سياسية جديدة لا يمكن التفكير فيها بالمنطق التدبيري المحض خارج الخلفية السياسية”.
ووضّح اليونسي ضرورة التفكير في نفس جديد في عمل الحكومة بربطها بـ”غياب الكفاءة لدى بعض الوزراء الذين أبانوا عن قدرة تدبيرية متواضعة، ولم تكن لهم الكفاءة الكافية للتعاطي مع ملفات حساسة”، مشيرا إلى “العودة إلى العمل بكتابة الدولة عوض الوزراء المنتدبين، نظرا لكون كتاب الدولة يشتغلون بمنطق ‘الميكرو’، بما أن الوزير يشرف على قطاعات متعددة، وكاتب الدولة يتكلف بأحد القطاعات، وهذا ما ينص عليه الفصل 87 من الدستور”.
وأكد الأكاديمي والمحلل المغربي “ضعف العديد من القطاعات الوزارية التي كانت حصيلتها هزيلة، كوزارة التشغيل التي نتحدث عن تسجيل نسبة عالية من البطالة في ولايتها، وفق ما أفرجت عنه المندوبية السامية للتخطيط”، مشيرا إلى “غياب العديد من الوزراء عن قنوات التواصل السياسي، وهو ما يحتاج اليوم إلى ‘بروفايلات’ جديدة تتصف بالعمق والكاريزما، لأن التكنوقراط ليس خلاصاً حين تنتفي المرجعية السياسية”.
“حاجة حكوميّة”
المحلل والأكاديمي عبد الحميد بنخطاب قال إن “مرور سنة ونصف السنة من عمل الحكومة فترة حاسمة للتشخيص وتقييم العمل على مستوى كل قطاع حكومي”، موضحا أن “المدة كافية لكي تظهر بعض الاختلالات التي تفرض أن يتغير الفريق الحكومي، فقد نجد وزراء لم يستطيعوا الاندماج السياسي أو التأقلم مع سرعة الزمن التنموي، وهو ما جعلهم غير قادرين على أداء عملهم بالشكل المطلوب”.
وتابع بنخطاب تصريحه لهسبريس قائلا: “يمكن لرئيس الحكومة وأحزاب الأغلبية التفكير في التعديل، فحتى على مستوى العمل يمكن أن تكون هناك توترات وتصدعات غير بادية للعموم، وقد يضطر حزب من أحزاب الأغلبية إلى تجديد النخب التي اقترحها للاستوزار”، معتبراً “التناسق والتّناغم وتقوية اللّحمة أمورا مفصلية لأجل عمل حكومي أكثر حكامة ونجاعة، وأكثر قابلية لإنجاح تنزيل البرنامج الحكومي، الذي يمكن أن يصطدم بضعف التدبير”.
وزاد المتحدث شارحا: “التعديلات في النهاية تظل عملية تقنية أكثر منها جوهرية، لأن البرنامج الحكومي الأصلي يظل هو هو، ما يستدعي أن أي وزير جديد يتعين أن يضمن الاستمرارية حفاظا على مسار الحكومة المنتخبة منذ 8 شتنبر 2021″، خالصاً إلى أن “الفريق الحكومي يحتاجُ فعلاً إلى تقوية الجبهة الداخلية بناء على عنصر الكفاءة واستيعاب العمل السياسي وطبيعة التدافع الديمقراطي؛ وذلك في النهاية سيكون في خدمة السياسة وفي خدمة الانتقال الديمقراطي”.