حرب غزة: هل تستطيع واشنطن وقف إسرائيل عن اجتياح رفح؟
يرى مراقبون أن الموقف الأمريكي بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في رفح يبدو متناقضا وغير واضح.
أحدث هذه التناقضات قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إنه بدون خطة إسرائيلية ذات مصداقية وقابلة للتنفيذ، فإن واشنطن لن تدعم المضي قدما في عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح.
لكن ميلر أضاف في تصريحات صحفية نقلتها وكالة رويترز يوم الاثنين 12 فبراير/ شباط أنه لا يعتقد أن قطع المساعدات الأمريكية عن إسرائيل سيكون خطوة أكثر تأثيرا من الخطوات التي اتخذتها واشنطن بالفعل.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمة يوم الأحد، “عدم شن هجوم على المدينة، بدون خطة (موثوقة) لحماية المدنيين”. وهو ما عده مراقبون وكذلك حركة حماس موافقة ضمنية أمريكية على اجتياح رفح.
وفي خطاب ألقاه الخميس الماضي، اعتبر بايدن أنّ الردّ العسكري الإسرائيلي في قطاع غزّة على الهجوم الذي شنّته حركة حماس كان “مفرطا”.
ورغم التصعيد في الخطابات الأمريكية ضد إسرائيل بشأن حرب غزة، إلا أن مراقبين يرون أن هذا التصعيد يعد بمثابة تبادل أدوار بين الجانبين طالما لم تطالب الإدارة الأمريكية بوقف دائم لإطلاق النار وعملت على تنفيذه بشكل حقيقي.
يأتي هذا في وقت وصفت الرئاسة الفلسطينية، حديث نتنياهو عن ممرّ آمن للمواطنين في رفح بأنه “خداع للعالم” لتمرير التهجير القسري خارج غزة، داعية الإدارة الأمريكية إلى عدم البقاء “رهينة” للسياسة الإسرائيلية.
وقال متحدث الرئاسة نبيل أبو ردينة، في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية “وفا”، إن “على الإدارة الأمريكية ألا تبقى رهينة للسياسة الإسرائيلية، خاصة أن المنطقة باتت على مفترق طرق، واستمرار الحرب على الشعب الفلسطيني سيؤدي إلى توسّعها إقليميًا”.
وأضاف: “يجب وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني فورا، ووقف المجازر التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة يوميًا، وخاصة إذا شن جيش الاحتلال هجومًا بريًا على مدينة رفح المكتظة بالنازحين”.
وأشار إلى أنه: “على المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية التحرك بشكل عاجل لإجبار إسرائيل على وقف هذا الجنون قبل فوات الأوان، ومنعها من التقدم برًّا نحو مدينة رفح، لأن حدوث ذلك يعني سقوط الآلاف من الضحايا”.
استمرار التحذيرات الدولية
هذا وقد توالت التحذيرات الدولية بشأن العملية الإسرائيلية المرتقبة في رفح جنوبي قطاع غزة.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إنها تشعر بقلق بالغ إزاء إعلان إسرائيل التخطيط لشن عملية عسكرية كبيرة في رفح.
وقالت الوزيرة أثناء مؤتمر صحفي مع نظيرها الفلسطيني في العاصمة الألمانية: “أنا أشعر بقلق، خاصة، بسبب إعلان الحكومة الإسرائيلية شن عملية عسكرية برية كبيرة في رفح”.
إلا أن الوزيرة عادت لتقول إنها تدرك أن هناك “وجودا لحماس في رفح” مشددة على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
كما حضّت الصين إسرائيل على وقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح “في أقرب وقت ممكن”، محذّرة من “كارثة إنسانية” في حال تواصل القتال.
وقال ناطق باسم الخارجية الصينية في بيان إن “الصين تتابع عن كثب الوضع في منطقة رفح وتعارض وتدين الأعمال التي تضر بالمدنيين وتنتهك القانون الدولي”.
وانضمت كندا أيضا إلى عدة دول حثت إسرائيل على عدم الاستمرار في خطتها لاجتياح مدينة رفح جنوبي غزة برياً، وقالت على لسان وزيرة خارجيتها، ميلاني جولي، إنَّ الهجوم الإسرائيلي البري المحتمل على رفح سيكون مدمرا بالنسبة للفلسطينيين.
وأعربت جولي عن قلقها للغاية إزاء ما يحدث في غزة وخصوصا رفح، مشيرة إلى أن العملية ستكون مدمرة على الفلسطينيين وكل من يسعى للاحتماء.
من جانبه اعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة فولكر تورك أن احتمال التوغل الإسرائيلي الكامل في رفح بجنوب قطاع غزة أمر “مرعب”.
وأشار إلى أن “ما حدث في ضوء المذبحة التي وقعت حتى الآن في غزة يجعلنا نتصور تماما ما ينتظرنا في رفح”.
وقال تورك في بيان له “التوغل في رفح قد يعني نهاية المساعدات الهزيلة التي كانت تدخل إلى غزة، وتنفيذ مثل هذه العملية في رفح في ظل الظروف الحالية يهدد بمزيد من الجرائم”.
من جهته، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان “أشعر بقلق بالغ بشأن القصف والتوغل البري الإسرائيلي المحتمل في رفح”، متوعدا بملاحقة أي طرف ينتهك القوانين الدولية.
وقال خان في بيان نشره على منصة إكس إن التحقيق الذي يجريه مكتبه بشأن غزة “يمضي قدما بصفته مسألة شديدة الإلحاح”.
كما حذر مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من كارثة إنسانية قال إنها على وشك الحدوث في مدينة رفح، مطالبا المسؤولين الأوروبيين بفعل ما هو أكثر من التعبير عن قلقهم.
وفي سياق متصل، وصفت منظمة أطباء بلا حدود الهجوم البري المعلن من إسرائيل على رفح بأنه سيكون كارثيا، وشددت على أنه يجب ألا يتم المضي فيه، داعية إسرائيل إلى وقفه فورا.
ودعت أطباء بلا حدود جميع الحكومات الداعمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن الخطاب السياسي ليس كافيا.
وأوضحت “أطباء بلا حدود” أن الاحتياجات هائلة، والوضع يتطلب استجابة إنسانية آمنة على نطاق أوسع بكثير في قطاع غزة.
في غضون ذلك، اتهم المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي وكالات الأمم المتحدة العاملة في قطاع غزة بعرقلة جهود إسرائيل لتوفير الأمن للمدنيين في رفح، على حد قوله.
وقال ليفي في لقاء مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية إن إسرائيل تريد توفير ممرات آمنة لإجلاء المدنيين حتى لا تستخدمهم حماس دروعا بشرية، وفق تعبيره.
كما ناشد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية وكالات الأمم المتحدة التعاون مع إسرائيل بخصوص خطة يطورها جيش الاحتلال لإجلاء المدنيين من مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
هل تقدر واشنطن على منع إسرائيل من اجتياح رفح؟ ولماذا؟
هل الولايات المتحدة جادة في وقف العملية الإسرائيلية في رفح؟ ولماذا؟
كيف ترون التصعيد في الخطابات الأمريكية ضد إسرائيل بخصوص حرب غزة؟
هل تتفقون مع اتهام السلطة الفلسطينية لواشنطن بأنها رهينة السياسة الإسرائيلية؟