“الطريقة التيجانية” تنشد وساطة المغرب في تسوية الأزمة السياسية بالسنغال
في ظل استمرار الأزمة السياسية في السنغال بين السلطة والمعارضة، إثر قرار الرئيس ماكي سال تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الـ25 من الشهر الجاري، تراهن الطريقة التيجانية، واحدة من أكبر الطرق الصوفية في السنغال، على دور المغرب من خلال الملك محمد السادس وعلاقات الرباط التاريخية مع “خلفاء” الطرق الصوفية في هذا البلد ودبلوماسيته الروحية في إفريقيا للعب دور الوساطة في هذه الأزمة التي يترقب العالم مخرجاتها بكثير من القلق.
في هذا الإطار قال محمد المصطفى سيسي، مؤرخ وباحث في شؤون الصحراء، كما أنه المستشار المكلف للشيخ محمد الماحي إبراهيم أنياس، الخلفية العام للفضية التيجانية بالسنغال وأحد كبار شيوخ الطريقة التيجانية بهذا البلد، والذي يشغل منصب رئيس الاتحاد الإسلامي الإفريقي، إن “الأزمة السياسية الحالية في السنغال هي بين السلطة وبين الجناح القوي في المعارضة بقيادة المعارض عثمان سونكو، وهو الجناح المحسوب على الإسلام السياسي والتيار الإخواني المناهض للتصوف بشكل عام”.
وأضاف المصطفى سيسي، في تصريح لهسبريس، أن “غالبية الشعب السنغالي تنتمي إلى التصوف بشكل عام وإلى الطريقة التيجانية بشكل خاص، إذ هناك عدة فروع لهذه الطريقة على الأراضي السنغالية، وبالتالي فإن هذا البلد الذي ينتمي معظم أبنائه إلى التصوف وإلى الطريقة التيجانية من الصعب جدا أن يأتي أي أحد، مهما كانت انتماءاته الإيديولوجية أو السياسية، ليتجاهل دور المغرب فيه”، مشيرا إلى أن “المملكة المغربية تتمتع في هذا الإطار بقوتين: القوة الروحية أو الدبلوماسية الروحية، ثم القوة الاقتصادية التي تتنامى في السنغال وفي غيرها من الدول”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “كل هذه العوامل مجتمعة، رغم القلق الكبير الذي يساور مجموعة من الدول بشأن مستقبل علاقاتها مع السنغال في ظل الأزمة السياسية الراهنة وصعود التيار المناهض للتصوف، تبين أن الشعب السنغالي بأكمله يدرك تماما أهمية المغرب بالنسبة لبلاده روحيا واقتصاديا، وبالتالي فإنه مهما يكن من يصل إلى حكم البلاد فلن يستطيع تجاهل هذا الدور ولا التأثير على طبيعة العلاقات المغربية السنغالية الضاربة في عمق التاريخ”.
ولفت مستشار الخليفة العام للفضية التيجانية بالسنغال إلى أن “تعلق التجانيين السنغاليين بمرقد شيخهم أحمد التيجاني في فاس، وبمراقد خلفائه في الرباط ومراكش، وتعلقهم أيضا بالدراسة في الجامعات المغربية، كلها عوامل تساهم بدورها في ضمان ديمومة واستمرارية العلاقات الأخوية والمتميزة بين الرباط ودكار، بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، وتسمح للمغرب بأن يكون له دور دائم في مستقبل السنغال”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الرباط في حل الأزمة الداخلية السنغالية، أورد المتحدث ذاته أن “المغرب يمكن أن يلعب أدوارا كثيرة جدا على هذا المستوى، من خلال وساطة أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بين الأطراف المتصارعة، سواء السلطة بقيادة الرئيس ماكي سال أو المعارضة بجميع أطيافها، كون كلمته مسموعة لدى جميع هذه الأطراف التي تعي جيدا أن الرباط شريك حيوي للسنغال وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والروحية”.
وبين المؤرخ السنغالي ذاته أن “المغرب بإمكانه أيضا أن يلعب أدوارا أخرى من خلال تفعيل ورقة الطريقة التيجانية والطرق الصوفية بشكل عام، إذ تربط المملكة المغربية علاقات قوية بجميع الأطياف والأقطاب الصوفية والروحية بالسنغال، التي بدورها يمكن أن تلعب دور الوساطة من خلال المغرب في هذه الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد”.
وخلص سيسي إلى أن “السنغال لم تنفجر حتى الآن، إذ لم تنجح هذه الانتفاضة التي حاولت المعارضة إشعالها لأن جميع خلفاء الطرق الصوفية بلا استثناء سكتوا عن هذا الموضوع، بما يعني أنهم يدعمون السلطة الحالية القائمة بقيادة ماكيسال الذي نجح بدوره في إقناع هذه الطرق بوجود تيار جديد معارض ومناهض للتصوف ومساند للسلفية والإخوانية البعيدة عن أفكار المجتمع السنغالي”، مشيرا إلى أن “المعارضة تنفي عنها هذه التهم إلا أنها لم تستطع أن تثبت عكس ذلك”.