طائرة مسيرة سترسم خريطة لأسرار القارة القطبية الجنوبية
- Author, جورجينا رانارد
- Role, مراسل العلوم والمناخ – بي بي سي
-
هبط فريق من العلماء والمهندسين في القارة القطبية الجنوبية لاختبار طائرة بدون طيار ستساعد الخبراء على التنبؤ بآثار تغير المناخ.
وستقوم الطائرة ذاتية التحكم برسم خريطة لمناطق القارة التي طالما كانت خارج نطاق عمل الباحثين.
وجرى اختبار قدرات الطائرة في الظروف الجوية الصعبة في أعلى قمم ويلز.
وفي تجربتها الأولى، ستقوم الطائرة بمسح الجبال تحت الغطاء الجليدي للتنبؤ بمدى سرعة ذوبان الجليد وتسببه في ارتفاع مستوى سطح البحر في العالم.
ويريد العلماء فهم أسرار القارة القطبية الجنوبية بشكل أفضل، لكنهم ما زالوا مقيدين بالتكنولوجيا الحالية.
ومن الشائع في القارة القطبية الجنوبية هبوب رياح قوية وتسجيل درجات حرارة أقل من درجة التجمد وهبوب عواصف مفاجئة. وهذه الظروف الخطيرة، بالإضافة إلى فصول الشتاء المظلمة والحاجة إلى نقل الطيارين والكميات الكبيرة من الوقود، تضع قيودًا على استخدام الطائرات التقليدية المأهولة.
وطورت هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي بالتعاون مع شركة “ويندريسرز” البريطانية الطائرة المسيرة الجديدة بحيث يمكن إصلاحها بسهولة في حال حدوث خطأ ما.
وتم اختبار الطائرة المسيرة في منطقة سنودونيا في شمال ويلز، التي تقارب الظروف المناخية الصعبة والتضاريس فيها القارة القطبية الجنوبية.
وأثناء تدريب تجريبي، وسط رياح قوية وأمطار تهطل على مدرج الهبوط، أوضحت المهندسة ريبيكا تومي أن الطائرة المسيرة يمكنها الطيران إلى مناطق نائية دون مخاوف على سلامة الطيارين.
ويمكن للطائرة حمل 100 كيلوغرام من البضائع لمسافة تصل إلى 1000 كم. ويتم تحميل الأدوات بما في ذلك الرادار والكاميرات في الجزء الخلفي من الطائرة المسيرة وعلى جناحيها، ويتم برمجة مسارها بحيث يقوم المهندس بمراقبة الرحلة من جهاز حاسوب.
وستقوم ريبيكا بتشغيل الطائرة المسيرة من قاعدة روثيرا في القارة القطبية الجنوبية، ولكن تأمل هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا في أن تتمكن الطائرة في نهاية المطاف من بدء رحلتها من بريطانيا.
كما أن الطائرة غير المأهولة تستخدم وقودًا أقل بكثير من الطائرات التقليدية، حيث تستهلك 10 براميل مقارنة بـ 200 برميل في رحلة بحثية واحدة، مما يقلل من التأثير البيئي للبحث العلمي على الكوكب.
وستتم معالجة البيانات التي تجمعها الطائرة في المقر الرئيسي لمسح القطب الجنوبي البريطاني في كامبريدج.
ويوضح العالم توم جوردان أن بعضًا منها سوف يغذي نموذجًا للقارة يسمى “BEDMAP2″، والذي يوضح الشكل المعقد للأرض تحت الجليد.
ووضع جوردان علامات استفهام على أجزاء واسعة من الخريطة، موضحا أن مساحات كبيرة من القارة القطبية الجنوبية لا تزال غير محددة؛ لأنه لم يتمكن أحد من الوصول إلى هناك على الإطلاق.
وقال “يمكنك رؤية سلسلة التلال الجبلية تحت الجليد هنا وهناك. هل يستمر ذلك عبرها؟ هل أجزاء منها تحت مستوى سطح البحر؟ لا أعرف”.
“إن إجراء هذا المسح مثير حقا، لأنه يكشف مساحة فارغة في الخريطة”.
ويغطي الجليد الهائل في القارة القطبية الجنوبية سلاسل جبال ضخمة، بعضها بحجم جبال الألب الأوروبية، وخنادق ووديان. وتقع بعض المناطق تحت مستوى سطح البحر.
ومن المهم أن يفهم العلماء هذه التضاريس لأنها تحدد مدى سرعة ذوبان الجليد.
ومن المحتمل أن تذوب الطبقة الجليدية المعرضة للمياه الدافئة بسرعة أكبر، ولكن إذا اعترضت الجبال طريقها، فسوف تذوب بصورة أبطأ، كما يقول توم.
وفي تجربتها الأولى، سيُطلق الرادار الموجود على الطائرة المسيرة موجات الراديو باتجاه طبقة جليدية تسمى فوكس بيدمونت، ومن ثم سخترق جزء من هذه الموجات الطبقة الجليدية ليصل إلى عمق الأرض ويرتد مرة أخرى، لتقوم الطائرة بقراءة هذه الارتدادات ورسم شكل الأرض.
يقول العالم توم جوردان: “إنها تشكل هذه الصورة – الانتقال سطرًا تلو الآخر. وهذا أمر آخر تكون الطائرات المسيرة رائعة فيه”.
إن النماذج الحالية لارتفاع مستوى سطح البحر العالمي نتيجة ذوبان الصفائح الجليدية لها هوامش واسعة، ولكن مع فهم أفضل لتضاريس القارة القطبية الجنوبية، يمكن للعلماء تقديم تنبؤات أكثر دقة.
ويقول توم “سيساعدنا ذلك في التخطيط للمستقبل”.
وخلال الأسابيع القليلة المقبلة ستبدأ الرحلات الأولى. وتشمل التجارب الأخرى إجراء مسح للحياة البحرية مثل أسماك الكريل، التي تعد جزءًا حيويًا من السلسلة الغذائية، وإجراء مسح للمناطق الحساسة بيئيًا.