بعد ضرباتها الانتقامية:هل تخاطر واشنطن بمصالحها في المنطقة العربية؟
تثير الضربات الجوية الأخيرة، التي شنتها واشنطن، على أهداف في العراق وسوريا، قالت إنها مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، والفصائل التي تدعمها طهران، المزيد من التساؤلات، حول ما إذا كانت مثل تلك الضربات، والتي قالت أمريكا إنها ستستمر، قد تفلح في ردع الجماعات التي تهاجم مصالح أمريكية، على خلفية الحرب في غزة، وما تبديه واشنطن من انحياز واضح لإسرائيل، أم أنها على العكس، ستؤدي إلى اتساع نطاق الحرب ضد المصالح الأمريكية، في وقت تتحدث فيه تقارير واستطلاعات للرأي، عن أن الدعم الأمريكي اللا متناهي لإسرائيل، في حربها الدائرة في غزة، زاد من مشاعر الكراهية لواشنطن في أوساط الرأي العام العربي.
وكانت الضربات الأمريكية، التي أشارت التقارير، إلى أنها أسفرت عن مصرع 40 شخصا، قد جاءت انتقاما لهجوم، استهدف نقطة عسكرية أمريكية في الأردن، في 28 كانون الثاني/يناير الماضي،وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وجرح 34 آخرين.
وفي مؤشر على أن تلك الضربات الأمريكية، ربما تؤدي إلى نتائج عكسية، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في بيان له إن الهجمات الأمريكية تمثل “مغامرة وخطأ استراتيجيا آخر ترتكبه الحكومة الأمريكية ولا نتيجة لها سوى ازدياد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”.
وفي الجانب العراقي، الذي شهد جانبا من الهجمات، استدعى العراق القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد، وقدم له احتجاجا رسميا، في وقت قالت فيه الخارجية العراقية في بيان إن”العراق أكد مجددا رفضه أن تكون أراضيه ساحة لتصفية الحسابات بين الدول المتخاصمة؛ إذ إن بلدنا ليس المكان المناسب لإرسال الرسائل واستعراض القوة بين المتخاصمين”.
مزيد من التورط الأمريكي
ورغم تأكيد كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير دفاع لويد أوستن، مرارا على أن أمريكا، لاتسعى إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإن مراقبين يعتبرون، أن الدعم الأمريكي اللامتناهي لإسرائيل، في الحرب الدائرة في غزة، جعلها متورطة شاءت أم أبت، في صراع أوسع نطاقا في المنطقة،ربما يعرض مصالحها لمزيد من الاستهداف، من قبل مايعرف بفصائل محور المقاومة في المنطقة، والمدعوم من قبل إيران.
وكان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد قال في بيان له “نحن لا نسعى إلى صراع في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر، لكن الرئيس وأنا لن نتسامح مع الهجمات على القوات الأمريكية، وسنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن الولايات المتحدة وقواتنا ومصالحنا”.
ولئن كانت الهجمات الانتقامية الأخيرة لواشنطن، ردا على الهجوم الذي تعرض له الموقع العسكري الأمريكي في الأردن، هي آخر سلسلة من التصعيد في المنطقة، في ظل الحرب الدائرة في غزة، فإن مراقبين يعتبرون أن مايؤدي إلى كل ذلك التصعيد، هو تزايد نسبة الكراهية للولايات المتحدة، بفعل سياستها المنحازة لإسرائيل في حرب غزة.
ويعتبر هؤلاء المراقبون، أنه لم يسبق أن انحازت واشنطن لصالح إسرائيل منذ عقود، كما فعلت منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، الذي شنته حماس على مستوطنات إسرائيلية، حيث استنفرت الإدارة الأمريكية كل امكانيات البلاد لصالح إسرائيل.
وعلى مدار أشهر حرب غزة الممتدة، لقيت إسرائيل دعما لا متناهيا، على المستويين العسكري والسياسي من قبل واشنطن، إذ تدفقت وماتزال تتدفق عليها امدادات الأسلحة الأمريكية، بينما تكررت زيارات بايدن ووزير خارجيته لإسرائيل، في إظهار للدعم وفي مساعي للتغطية السياسية، على ما تقوم به إسرائيل من مخالفات خلال تلك الحرب، وبدا من وجهة نظر المراقبين، أن واشنطن خلال كل تلك الفترة، لا تولي أي اهتمام لمستقبل مصالحها في الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي على حد سواء.
غضب شعبي ورسمي
وعلى المستويين الرسمي والشعبي، في المنطقة العربية، كانت الرسائل واضحة لواشنطن، تحذر من أن الولايات المتحدة، تخسر حتى حلفائها في المنطقة، عبر انحيازها الكامل لإسرائيل، وفي برقية أرسلتها السفارة الأمريكية، في العاصمة الأردنية عمّان ونشرتها شبكة “سي إن إن” التليفزيونية، كان التحذير واضحا من أن الولايات المتحدة تخسر بشدة في “ساحة معركة الرسائل”.
ووفقا للبرقية المنشورة فإن “هذا التقييم جاء بناء على “محادثات مع مجموعة واسعة من المصادر الموثوقة والرصينة”، مشيرة إلى أن “واشنطن تخسر الشعوب العربية على مدى جيل كامل، بدعمها القوي للهجوم الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة”.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، قد تناولت في تقرير لها مؤخرا، مخاطر القبول الأمريكي للهجمات، التي تشنها “إسرائيل” ، على مخيمات اللاجئين والمستشفيات والمباني السكنية، وتأثيره السلبي على مكانة واشنطن، في المنطقة وخارجها، مؤكدة أن هناك حالة غضب متنامية في الشرق الأوسط، تجاه الولايات المتحدة وليس فقط تجاه إسرائيل.
ووسط مايصفه المراقبون، بتعمق الصورة السلبية، للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، على خلفية انحيازها لإسرائيل في الحرب الدائرة في غزة، فإنه من غير المتوقع أن تؤدي الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة، إلى انحسار الصراع بل أنها برأيهم قد تؤدي إلى توسعه، وإلى مزيد من الاستهداف للمصالح الأمريكية في المنطقة.
ويرى بعض هؤلاء، أن أمريكا ورغم ما أعلنته مرارا، خلال السنوات الماضية، من أنها تسعى للانسحاب من منطقة الشرق الأوسط ،فإن الأحداث المتلاحقة في المنطقة، تجعلها تتورط فيها، يوما بعد يوم، خاصة في ظل التزامها المطلق، بحماية إسرائيل حتى لو أدى ذلك إلى وقوفها في وجه كل المنطقة العربية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
هل تؤدي الضربات الإنتقامية الأمريكية على العراق وسوريا إلى مزيد من استهداف مصالحها في المنطقة؟
وكيف ترون إمكانية تورط واشنطن بصورة أكبر في الصراع على خلفية حرب غزة؟
هل تتسع الحرب أم تنحسر بفعل الضربات الأمريكية؟
كيف تقيمون الحديث عن تزايد مشاعر الكراهية للولايات المتحدة في المنطقة؟
وهل هناك اختلاف بين الرؤيتين الرسمية والشعبية لدور واشنطن في حرب غزة في بلدكم؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 5 شباط/ فبراير
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:
أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب