تسارع مشروع خط أنبوب الغاز المغربي النيجيري يسائل غياب التمويل الأوروبي
“إلى حدود اللحظة”، ورغم “التسارع الكبير” الذي يعرفه مشروع خط أنبوب الغاز المغربي-النيجيري و”الحديث المتصاعد” عن الأهمية الاستراتيجية التي سيقدمها للدول المشاركة فيه، لم تدخل أوروبا باستثمارات تمويلية فيه.
وتشكل أوروبا “محطة أساسية” في المشروع، إذ تعتبر “مستفيدا كبيرا” من كميات الغاز التي ستمر من 14 دولة، ورغم ذلك لا تبدو القارة العجوز “متحمسة” للاستثمار في المشروع.
ويعيش هذا المشروع الضخم على وقع “تسارع” كبير في الآونة الأخيرة، إذ شكل موضوع مباحثات هاتفية بين العاهل المغربي محمد السادس والرئيس النيجري بولا أحمد أديكونلي تينوبو، ولقاءات رسمية، آخرها بين ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وأنطوان فيليكس عبدواللاي ديومي، وزير النفط والطاقة بجمهورية السنغال.
ويرى خبراء أن مسألة غياب الدعم الأوروبي مفادها أن “هذا المشروع إفريقي”، ولا يهم المغرب ونيجيريا والدول الأخرى وجود تمويل أوروبي من عدمه، طالما أن مسار التمويل يسير في الطريق الصحيح.
مشروع إفريقي
يرى إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، أن “لا أحد كان يؤمن بمشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي خلال الإعلان عنه سوى الأفارقة أنفسهم، باعتبارهم أصحاب الفكرة. وبالتالي، فهو مشروع إفريقي خالص”.
وقال العيساوي ضمن تصريح لهسبريس: “للمغرب حاليا توجه أطلسي وإفريقي، ظهر جليا في خطاب العاهل المغربي الأخير، ما يعني أن المملكة تعول على الغرب الإفريقي أكثر من تعويلها على أوروبا”.
وأضاف أن “المملكة من خلال المبادرة الأطلسية ومشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، تهدف إلى إبعاد الصورة النمطية عن منطقة الغرب الإفريقي والساحل، التي تعتبرها مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار”، وهي “رسالة مهمة إلى أوروبا بأن منطقة الساحل وغرب إفريقيا ليست مركزا لتصدير الأزمات، بقدر ما هي مكان للفرص، والأفارقة سينجحون في هذا الرهان القوي بدون أي دعم أجنبي، بل بوسائلهم من خلال القطاع الخاص”.
وشدد العيساوي على أن وجود تمويلات من “أوبك”، ورغبات من روسيا، وغيرها من الجهات الأجنبية، ناجم عن “طموح لدى هذه الجهات للاستفادة من هاته الفرص، وليس من خلال الطلب المغربي النيجيري”.
ستدخل أوروبا مع بداية المشروع
من جانبه، اعتبر عبد الخالق التهامي، خبير اقتصادي، أن مسألة تمويل خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي، “لا ترتبط بموقف أوروبي حكومي، بل بالقطاع الخاص، الذي هو بكل تأكيد مستفيد كثيرا في حالة وجود تمويل من طرفه”.
وأبرز التهامي، في تصريح لهسبريس، أن “القارة الإفريقية، ومنها المغرب، تتجه إلى البحث عن تمويلات من جهات أخرى، بعيدا عن أوروبا، معروفة بقوة دعمها وطموحها، كما هو الحال لدى الدول الخليجية، ما يؤشر على انفتاح طموح وجديد”.
ولفت الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن التفسير الآخر يمكن أن يكون هو “عدم وجود اقتناع أوروبي نهائي بخصوص هذا المشروع”، مشددا على أن “المتغيرات التي تحصل والتسارع الإيجابي في المشروع يمكن أن يدفعا القارة العجوز إلى الدخول في استثمارات فيه”.
وختم التهامي بأن مسألة التوجه الأوروبي نحو الهيدروجين، “تفسير آخر لغياب هذا التمويل، لكن الغاز الطبيعي ما يزال له دور كبير في العقود القادمة، كما أن أوروبا تريد الغاز. وبداية بناء خط الأنبوب المغربي النيجيري، أي خروجه من التفكير إلى واقع ملموس، ستدفع بكل تأكيد أوروبا لوضع أموالها فيه”.