أخبار العالم

الجزائر تنقل الحرب العدائية ضد المغرب من أرض الصحراء إلى سماء إفريقيا



يبدو أن معاكسة النظام الجزائري للاختيارات الاستراتيجية للمغرب لم تعد تقتصر فقط على الأرض من خلال “دبلوماسية البصل والأسمدة”؛ بل تعدتها لتشمل السماء، حيث كشف ياسين بن سليمان، المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية، أول أمس الثلاثاء، خلال عرض قدمه أمام لجنة المالية بالمجلس “الشعبي الوطني” في هذا البلد المغاربي، عن خطة لافتتاح سبعة خطوط جوية جديدة في القارة السمراء خلال العام الحالي، حسب ما أفادت به وسائل إعلام مقربة من النظام.

وفي وقت تستمر فيه الجزائر في محاولة إثبات موقعها “المفقود” في إفريقيا، والذي خسرته نتيجة سياستها العدوانية والتدخلية في شؤون مجموعة من الدول، سجل متتبعون أن هذه الخطوة الجزائرية ليست إلا تعبيرا دقيقا عن غياب الفهم الدقيق لطبيعة التحولات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها القارة السمراء ونتاجا طبيعيا لانعدام الرؤية السياسية والدبلوماسية لدى صانع القرار الجزائري الذي يستمر في مأ أسموه سياسة “التقليد الأعمى” لتوجهات المغرب في عمقه الإفريقي، مشددين على أن السياسة الخارجية لقصر المرادية في هذا الصدد لا تستند إلى أي أساس استراتيجي.

رد فعل ورغبات عسكرية

في هذا الإطار، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، إن “خطوة الجزائر هي جزء من دبلوماسية ردود الأفعال التي تؤطر التحركات الجزائرية في القارة الإفريقية، خاصة مع تبلور استراتيجية مغربية طموحة للانفتاح على القارة الإفريقية منذ عقود وبشكل خاص في مجال الربط الجوي، حيث يعتبر المغرب حلقة وصل إفريقية متميزة لدول إفريقية متعددة مع باقي دول العالم”.

وأضاف الخبير ذاته أن “الخطوة الجزائرية اليوم هي خطوة متأخرة وغير ذات قيمة ومحاولة فاشلة للتضييق على سياسات المغرب التنموية في القارة الإفريقية، من خلال خلق تنافس محموم بدون رؤية استراتيجية واضحة المعالم أو فهم دقيق لمتطلبات القارة الإفريقية واحتياجاتها في ظل الأعطاب الحقيقية التي يواجهها الاقتصاد الجزائري من خلال اعتماده بشكل كلي على الصادرات الخام للمواد النفطية في غياب عرض اقتصادي أو سياحي جزائري يتناسب وحجم المبادرة المطروحة”.

وزاد المتحدث عينه شارحا أن “المملكة المغربية، في ظل الرؤية الملكية المستنيرة التي تعتمد على حلول تنموية إفريقية مستدامة للإشكالات الإفريقية من خلال مشاريع مهيكلة ومبادرات جيو-سياسبة متوازنة، هي في الطريق الصحيح لتحقيق الريادة الإفريقية وتقديم بديل تنموي إفريقي للشعوب الإفريقية وبشكل خاص مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، التي تندرج في إطار مشاريع تهدف إلى تحقيق التكامل الجهوي وإرساء إطار مؤسسي للمشاورات حول القضايا الاستراتيجية، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء المشترك في القارة الإفريقية”.

ولفت الخبير في إدارة الأزمات، في تصريح لهسبريس، إلى أن “ارتهان الدبلوماسية الجزائرية لرغبات صانع القرار العسكري برؤية الشمولية وبفهمه الأمني الضيق لطبيعة التفاعلات الإقليمية في غياب تأسيس فهم دبلوماسي للإشكالات القارية والإقليمية يجعلها جزءا من العطب القاري والإقليمي وأحد محركات الصراع في القارة بدل أن تكون باعتبار حالة الاستقرار النسبية التي يعيشها النظام الجزائري أحد صمامات الأمان القارية والإقليمية”.

وخلص إلى أنه “في ظل التغيرات الجيوسياسية الكبرى المهددة للأمن الدولي والقاري والإقليمي ما زالت السياسة الخارجية الجزائرية غير قادرة على بلورة مواقف تصب في خدمة جهود الاستقرار القاري والإقليميـ وما زال السلوك الدبلوماسي الجزائري يشكل عبئا سياسيا على التوجهات الإقليمية المستقبلية للشعوب الإفريقية وطموحاتها المشتركة في عالم التكتلات الجهوية الكبرى التي تخدم المصالح المشتركة لشعوبها”.

تقليد وثقافة عسكرية

من جانبه، أوضح هشام معتضد، خبير في الشؤون الاستراتيجية، أن “التوجه الجزائري لنسخ التجربة الاقتصادية والمالية واللوجستية المغربية في إفريقيا يعكس غياب نموذج سياسي مؤسساتي جزائري قادر على الإبداع الاستراتيجي أو خلق رؤية خاصة بالجزائر قادرة على خلق إضافة نوعية لإفريقيا”.

ولفت معتضد، في حديثه مع هسبريس، إلى أن “السعي وراء تقليد كل ما هو مغربي سياسيا واستراتيجيا ليس بالأمر الجديد في الفكر المؤسساتي الجزائري، حيت إن التاريخ يشهد على التقليد الأعمى العديد من التوجهات والاستراتيجيات المغربية دون الأخذ بعين الاعتبار انتظارات الشعب الجزائري أو احترام الخصوصيات المغربية وأخلاقيات التنافسية الدولية”.

وسجل الخبير في الشؤون الاستراتيجية أن “طبيعة النظام في الجزائر يفسر هذا السلوك؛ فالنظام العسكري الجزائري، الحاكم الفعلي للجزائر، ليس قادرا على إنتاج أفكار سياسية أو تفعيل مختبرات للإنتاج الاستراتيجي من أجل تنزيل رؤى منسجمة وقدرات البلد. ومن ثمّ، ينطلق من كل مبادراته من فكر المعاداة والمعاكسة التي تستمد بدورها من الثقافة العسكرية التي تسعى إلى تقليد الديناميكية المغربية ورؤية الرباط الاستراتيجية في إفريقيا”.

وأورد المتحدث ذاته أن “مقاربة الاستنساخ التي يعتمد عليها النظام العسكري الجزائري يجعلها تظهر بالتلميذ الإفريقي للمغرب والنظام الفاقد لأدنى أبجديات التفكير الاستراتيجي؛ وهو ما سيدفعها إلى الارتكاب أخطاء كبيرة سيدفع الشعب الجزائري ثمنه على المستويين المتوسط والبعيد”، مشيرا إلى أن “النظام الجزائري يعمل على تسخير أموال ثرواته الطبيعية للهرولة في إفريقيا من أجل إثبات وجود سياسي ولو مصطنع من أجل معاكسة المصالح المغربية وتضليل رأيه العام الداخلي، وخاصة للبحث عن شرعيته المفقودة على المستويين الداخلي والخارجي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى