أخبار العالم

ورقة بحثية تكشف أربعة تحديات أمام إدارة الكوارث الطبيعية في المغرب



سعت ورقة بحثية مغربية حديثة الصدور إلى دراسة طبيعة التدبير المغربي للكوارث الطبيعية بالمملكة، صلة بالزلزال الذي ضرب خمسة أقاليم خلال الثامن من شتنبر الماضي، ونتجت عنه وفاة حوالي 2900 مواطن وإصابة أكثر من 5500 مواطن، إلى جانب بيان التحديات التي تواجه إدارة الكوارث الطبيعية بالمغرب.

وكشفت الورقة الصادرة عن “المعهد المغربي لتحليل السياسات” عن أن “المملكة قد عملت، خلال المراحل السابقة، على وضع الأسس التشريعية والتنظيمية الكفيلة بالتعامل مع مخاطر الكوارث الطبيعية؛ وذلك من خلال تكييف وملاءمة المرجعيات التوجيهية لإدارة الطوارئ بالمغرب، عبر المصادقة على المرجعيات الدولية التي وضعت مبادئ استرشادية لتجنب وتخفيف أخطار الكوارث والتأهب لها”.

وأوضحت الوثيقة ذاتها أن “جهود الاستشراف التي قادتها المملكة أثمرت وضع مخططات موضوعاتية؛ كالمخطط الوطني للحماية من الفيضانات والمخطط العام لتنظيم الإغاثة، واستراتيجية الحد من المخاطر البيئية؛ غير أن هذه المخططات تميزت بطابعها القطاعي والجزئي، الأمر الذي استوجب المرور إلى مخطط استراتيجي وموحد”.

تدبير الزلزال

في سياق متصل، أوضحت الورقة البحثية التي أعدها الباحث عبد الرفيع زعنون أن “زلزال الحوز كشف عن ضعف حكومي على مستوى تدبير الأزمات الطبيعية، خصوصا فيما يتعلق بالجانب التواصلي خلال الأيام الثلاثة الأولى. هذا إلى جانب التأخر في الإعلان عن حزمة التعافي من الزلزال”، منوهة في هذا الإطار بـ”المبادرات الملكية التي همت تعزيز جهود تعزيز الاستجابة العمومية وتطوير المشاريع لمواجهة هذه الكارثة”.

وفسر الباحث سالف الذكر كيف أن هذه التحركات الملكية “أسهمت في تحفيز مختلف الإدارات المعنية على بذل جهود أكثر جدية وفعالية في وضع المشاريع وتنفيذها، مع مأسسة التضامن ضمن صندوق خاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال لتغطية نفقات تقديم الدعم المباشر للمتضررين وإعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المنكوبة”.

كما أكدت الورقة أن “تداعيات الزلزال الأخير أبانت عن محدودية الاستجابات الظرفية التي تقتصر على الإغاثة والإيواء وجبر الضرر الآني، لتظهر بذلك الحاجة إلى إسنادها باستجابات ذات طابع مستدام؛ وهو الأمر الذي تمت بلورته عبر المصادقة على إحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير”.

تحديات إدارة الطوارئ

كشفت الورقة البحثية المعنونة بـ”أربعة تحديات تواجه إدارة الكوارث الطبيعية بالمغرب” أن هذا النوع من الإدارة بالمغرب يجد نفسه أمام أربعة تحديات؛ ففي البداية، يظهر التحدي القانوني الذي يتمثل في “ضرورة ملاءمة الأطر التشريعية والتنظيمية مع المرجعيات الدولية، ومن تم وضع تحديد دقيق لمفهوم الخطر الطبيعي؛ فضلا عن وجود غموض في الضمانات المرتبطة بتحديد المسؤوليات بين الجهات”.

في الإطار نفسه، يتمثل التحدي الثاني في “التقننة”، على اعتبار أن الدعائم التقنية لتدبير الكوارث “لا تزال تتسم بالهشاشة؛ بالنظر إلى عدم استغلال النظام الاحتمالي لمخاطر الكوارث الطبيعية في أغلب الأجهزة”. كما تصطدم إدارة الكوارث بالمغرب بتحدي “التخطيط”؛ ذلك أن “جهود الاستشراف انصبت على الجوانب التقنية في وقت أهملت فيه التخطيط الاستراتيجي”، وفقا للمصدر ذاته.

وكآخر تحدّ حسب الورقة عينها، يظهر تحدي التمويل، على اعتبار أن “عنصر الكوارث الطبيعية لم يحدد بشكل واضح في ميزانيات مختلف القطاعات المتدخلة في تدبير الكوارث الطبيعية، في وقت لم تمكن فيه التمويلات المرصودة لتدبير مخاطر الكوارث الطبيعية من توسيع نطاق ومدى الاستفادة”.

توصيات للمستقبل

أوصى الباحث عبد الرفيع زعنون، ضمن ورقته البحثية، بـ”ضرورة تأسيس وكالة وطنية لتدبير الكوارث الطبيعة كمؤسسة عمومية تكون تابعة للحكومة وخاضعة لرقابة البرلمان، مع تضمين أنشطتها ضمن التقرير المتعلق بالمؤسسات والمقاولات العمومية المرفقة بمشروع قانون المالية”.

وكتوصية ثانية، اقترح الباحث “العمل على تثمين دور وكالة تنمية الأطلس الكبير مع تعميمها بالمناطق الواقعة ضمن أحزمة الكوارث الطبيعية، إضافة إلى تأطير علاقتها مع الوكالات الجهوية للتنمية ومع الوكالة الوطنية لتدبير الكوارث”، لافتا في الإطار عينه إلى “أهمية الاهتمام بالبعد الترابي لإدارة الطوارئ بخلق فروع محلية أو جهوية لوكالة تدبير الكوارث الطبيعية”.

كما أوصى زعنون، ضمن الورقة البحثية ذاتها، بـ”توحيد الإطار المالي والتدبيري لبرامج التصدي للكوارث الطبيعية عبر تجميع الحسابات المالية ضمن صندوق موحد”، إلى جانب “تهيئة علاقة مستدامة مع الفاعلين غير الرسميين من خلال تشبيك أصحاب المصلحة ضمن شبكة وطنية للمنظمات المشتغلة في مجال الإغاثة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى