حرب غزة: روايات سكان القطاع عن قصف منازلهم بعد تدمير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بشكل كلي
- Author, مروة جمال
- Role, بي بي سي نيوز عربي – غزة اليوم
أكثر من 70 ألف وحدة سكنية دُمرت في قطاع غزة بشكل كلي، كما هدمت أكثر من 290 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي بحسب بيان للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فما هي روايات المواطنين الغزيين عن هدم منازلهم؟
يقول سامر الزعانين، وهو صحفي من غزة “وصلني اتصال من جيش الاحتلال يهددني بوقف ممارسة عملي الصحفي أو هدم منزلي، وبالفعل تم تنفيذ هذا التهديد وهدم منزلي بالجرافات، لكن من لطف الله كنت قد نزحت مع أسرتي من منزلنا ببيت حانون شمالّي غزة إلى المنطقة الوسطى”.
هدم المنزل ليس أكثر ما يؤلم الزعانين، فهناك خسارة أكبر عبّر عنها الصحفي الشاب قائلاً: “منزلي كان جديداً، شّيدته عام 2017 في منطقة هادئة وراقية اخترتها بعناية، كان بالنسبة لي كل حياتي، وكثيراً ما كنت أرعاه بزراعة النباتات المختلفة بمشاركة ابني وابنتي. ومن أكثر المواقف التي أثرت في، سؤال ابني بعد هدم المنزل عن مصير قصب السكر الذي كان قد زرعه، ولم استطع إجابته وإخباره بأن المنزل بأكمله قد دمر”.
علي شلح أحد سكان حي الشجاعية شماليّ غزة يتحدث عن تعرض منازل الشارع الذي يقيم فيه للتدمير بشكل كامل، دون سابق إنذار قائلاً “في شارعي كانت هناك 12 عمارة سكنية، كل منها تتكون من أربعة أو خمسة طوابق، وتعرضت كلها للقصف، وتمت تسويتها بالأرض دون سابق إنذار، وذلك بعد عملية اجتياح برّي نفذها الجيش الإسرائيلي في منطقتنا. في حي الشجاعية بأكمله لا يوجد سوى الدمار، لم يعد هناك منزلٌ صالح للسكن”.
وأضاف: “طبعاً لكل منا ذكريات تربطه بمنزله، هذا المنزل تعبت لسنوات طويلة كي أتمكن من بنائه كشقة سكنية فوق بيت العائلة كي أتزوج فيها وأنجب فيها أطفالا يعيشون في أمان. الآن أنا وأولادي مشردون في الشوارع، بدون مصدر رزق؛ إذ كنت أعمل في أحد المحال التجارية الملحقة بالمنزل، واليوم أنا بدون عمل أو سكن أو أي شيء والحمد لله”.
ويشكك مسؤولو وحدة التنسيق الإسرائيلي لأنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في حجم الأزمة الإنسانية في غزة، وقالوا في وقت سابق لبي بي سي: “إسرائيل لا تستهدف المدنيين أو البنية التحتية، إلا إذا كان هناك اشتباه في استخدامها من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة”.
وصرح أحد كبار مسؤولي هذه الوحدة في رده على سؤال لبي بي سي حول جدوى هدم مدرسة بأكملها بعد أن اجتاحتها القوات الإسرائيلية بالفعل، فأجاب بأن “حماس تستخدم المباني المدنية (مثل المدارس) لشن هجمات ضد القوات الإسرائيلية”.
ويقول معين أبو رزق، الذي شاهد قصف منزله أمام عينيه “أنا من سكان منطقة الزهرة، وقد تم إشعار برجنا السكني بالإخلاء الفوري في الأيام الأولى من عمر الحرب، وكانت أول ثلاثة أبراج سكنية استهدفت في هذه المنطقة من بينها البرج الذي أقطن فيه”.
ويتابع قائلا: “وفور إخطارنا من قبل قوات الجيش الإسرائيلي بأنّ المنزل سيتعرض للقصف، غادرنا على وجه السرعة بالملابس التي كنا نرتديها فقط”.
ويضيف: “لم يمهلونا لأخذ أيّ شيءٍ من ضروريات الحياة معنا، ولا حتى بعض الملابس. وبمجرد نزولنا من المنزل ومغادرتنا له، قُصف وسُوي بالأرض أمام أعيننا”.
ويتذكر قائلا: “كما قُصف 29 برجاً سكنياً كان يضم كل واحد منها 22 شقة سكنية في المتوسط، وأصبحت كل هذه الأسر في الشارع، وظللنا نردد: حسبنا الله ونعم الوكيل، قبل أن نتفرق ويذهب كلٌ منّا لأحد مخيمات إيواء النازحين في مخيمي البريج والنصيرات”.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيين الأونروا قالت في بيانٍ لها على موقع إكس إنّ 90 في المئة من سكان غزة تعرّضوا للتهجير القسري، ويبحثون عن مكان آمنٍ في قطاعٍ لا يوجد فيه أمان.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أعلن عن تدمير 134 مقراً حكومياً، و95 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و295 مدرسة وجامعة بشكلٍ جزئي، و150 مسجداً بشكلٍ كلي، و245 مسجداً بشكل جزئي، فضلا ًعن 3 كنائس.
كما اعلن في بيانه الأخير خروج 30 مشفى عن الخدمة، واستهداف 150 مؤسسة صحية بشكل جزئي، وتدمير 121 سيارة إسعاف بشكل كامل، و200 موقع أثري وتراثي، وإسقاط 65 ألفاً من المتفجرات على قطاع غزة منذ بداية الحرب.
وكان سياسيون إسرائيليون من اليمين المتطرف قد تقدموا ببعض المقترحات بهدف “ضمان أمن إسرائيل”، منها “تشجيع” المدنيين على مغادرة غزة إلى مصر أو دول عربية أخرى، بل وحتى إعادة الاستيطان اليهودي في القطاع، ومنهم أعضاء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال فيليب لازاريني، وهو المفوض العام للأونروا، لبي بي سي في وقت سابق إنه يشعر بالقلق بشكل واضح من أنه كلما طال أمد القتال، أصبح المأزق الإنساني الذي يواجهه المدنيون في غزة أكثر سوءا.
ويضيف لازاريني: “ما شهدناه هو انهيار النظام المدني.. لقد تعرضت كلّ البنية التحتية تقريباً، متضمنة خطوط المياه والكهرباء، لأضرار بالغة، وبالتالي فإن الخدمات العامة الأساسية في غزة لم تعد متوفرة”.
وتنفي إسرائيل الاتهامات التي تتحدث عن تعمدها استهداف المنشآت المدنية أوالصحية، أو نيتها تحويل غزة إلى أرض لا تصلح للحياة.