أخبار العالم

شقير يربط تفاقم “التبول العلني” بندرة المراحيض العمومية في الدار البيضاء



سلّط الدكتور محمد شقير، الباحث والأكاديمي المغربي، الضوء على استفحال ظاهرة التبول العلني بفضاءات الدار البيضاء العمومية وبجنبات الشوارع والطرق خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن “هذه الظاهرة كانت تقتصر فقط على بعض الأماكن المنعزلة وبعض الأزقة المتوارية عن الأنظار؛ في حين أصبحنا نصطدم بمشاهد مقززة لبعض الأشخاص ومن مختلف الأعمار وهم يتبولون علنيا وعلى رؤوس الأشهاد في أرصفة شوارع معروفة، مثل شارع أنفا وشارع مولاي يوسف وشارع بوردو ومحج المهدي بنبركة”.

وأضاف الباحث في خبايا المجتمع المغربي، في مقال توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية بعنوان “شوارع الدار البيضاء الكبرى بين التبول العلني وندرة المراحيض العمومية”، أن هذا السلوك المقرف يعكس الخلخلة المزلزلة التي هزت منظومة القيم لدى بعض ساكنة العاصمة الاقتصادية؛ فمن الصعب تخيل كيف يمكن لشخص كيفما كان سنه أو مستواه الفكري أو الاجتماعي أو ظروفه الصحية أن يسمح لنفسه وتأتيه الجرأة من التبول أمام الملأ دون أن يشعر بالحرج أو تسري في جسمه قشعريرة الحياء والحشمة اللذين تربى عليهما المغاربة”.

هذا نص المقال:

تشهد فضاءات الدار البيضاء العمومية، خلال السنوات الأخيرة، تفاقم ظاهرة مقرفة سلوكيا وملوثة مجاليا تتمثل في التبول العلني بجنبات الشوارع والطرق؛ فبعدما كانت هذه الظاهرة تقتصر على بعض الأماكن المنعزلة وبعض الأزقة المتوارية عن الأنظار، أصبحنا نصطدم بمشاهد مقززة لبعض الأشخاص ومن مختلف الأعمار وهم يتبولون علنيا وعلى رؤوس الأشهاد في أرصفة شوارع معروفة، مثل شارع أنفا وشارع مولاي يوسف وشارع بوردو ومحج المهدي بنبركة…. بل بلغ الأمر أن يتبول بعض السائقين، خاصة من سائقي سيارات الأجرة، على جنبات المقبرة المسيحية الموجودة على طول جنبات هذا الشارع المؤدي إلى العنق أو تحت إحدى النخلات التي تؤثث فضاءه؛ مما يعكس الخلخلة المزلزلة التي هزت منظومة القيم لدى بعض ساكنة العاصمة الاقتصادية، فمن الصعب تخيل كيف يمكن لشخص كيفما كان سنه أو مستواه الفكري أو الاجتماعي أو ظروفه الصحية أن يسمح لنفسه وتأتيه الجرأة من التبول أمام الملأ دون أن يشعر بالحرج أو تسري في جسمه قشعريرة الحياء والحشمة اللذين تربى عليهما المغاربة.

إن تفاقم هذه الوضعية القيمية راجع إلى افتقاد المدينة لمراحيض خصوصية أو عمومية، بعدما تم الإجهاز أو إقفال تلك المراحيض التي خلفتها سلطات الحماية كتلك التي كانت موجودة في ساحة وادي المخازن أو في شارع الجيش الملكي أو قرب السوق المركزي بشارع محمد الخامس، وبعدما تم هدم مراحيض المعرض الدولي وكذا المراحيض العمومية التي كانت موجودة ببوشنتوف. ومن ثمَّ، فإن انعدام المراحيض العمومية وعدم اهتمام مجلس المدينة ببنائها أو الترخيص لبعض الخواص بفتح بعضها من الأسباب التي أدت إلى تحويل كل الأماكن والجدران والفراغات والمرائب… إلى “مبولات جماعية”، بما في ذلك الساحات الموجودة بوسط المدينة؛ نظرا لغياب أية مراقبة، والوجود المكثف للحانات بها.

لقد أصبح من المألوف رؤية بعض الأشخاص وهم يتبولون بشكل علني أو شبه علني في الساحات العمومية وعلى مرأى من الجميع دون إحساس بأي حرج أو إزعاج؛ بل وصل الأمر إلى أن تتحول بعض جنبات وجدران أقدم محكمة ابتدائية توجد بوسط المدينة، بما تمثله من تراث معماري أشرف على بنائه أول مقيم عام بالمغرب، الذي يطل تمثاله من فناء القنصلية الفرنسية المحاذية لها، إلى “مبولة عمومية” وفضاء لرمي الأزبال والقاذورات، أمام أنظار السلطات المحلية والأجهزة القضائية التي لا تحرك ساكنا أمام هذه الظاهرة المخلة بالحياء العام والمؤثرة على جمالية البنيات العمومية والماسة بهيبة القضاء.

وبالتالي، فعلى الرغم من قيام السلطات المحلية بإعادة ترميم بعض مراحيض المدينة، خاصة تلك الموجودة بساحة وادي المخازن، وفتح مراحيض جديدة بالممر الأرضي الموجود بوسط المدينة، وتفويت مراحيض للخواص بشارع باريس، فإن البيضاويين ما زالوا ينتظرون إنجاز مشروع 100 مرحاض عمومي التي تم الإعلان عنها، بعدما تم إلغاء الصفقة التي أبرمت مع شركة أجنبية لتجهيز شوارع وساحات المدينة بمراحيض ذكية يبلغ سعر كل مرحاض ستين مليون سنتيم.

من هنا، ضرورة إسراع مجلس المدينة الحالي بإنجاز هذا المشروع الصحي والضروري لساكنة الدار البيضاء بعدما تحول التبول العلني بالشوارع والفضاءات العمومية إلى ظاهرة يومية بسبب خلل كبير في منظومة قيم المواطنة، ورفض أصحاب المقاهي أن تتحول مراحيضهم إلى مبولات مفتوحة لغير الزبناء وعدم استجابة المراحيض العمومية، مع ندرتها، لاحتياجات الساكنة في قضاء حاجاتها الطبيعية نظرا لتوسع المدينة وكثرة تنقل هذه الساكنة مع ما تحمله من أمراض مزمنة خاصة مرض السكري.

إلى جانب ذلك، يمكن لمجلس المدينة أن يفسح المجال للخواص ليستثمروا في هذا القطاع، حيث إن مرحاضا واحدا قد يسمح بتشغيل أكثر من ثلاثة أفراد ويوفر دخلا لأكثر من عائلة؛ فينضاف هذا المشروع إلى مختلف المشاريع الصغرى التي تعرفها المدينة من سبيرات ومحلبات وغيرها.

وفي انتظار ذلك، ينبغي على السلطات المحلية أن تحرك شرطتها الإدارية لزجر أية مخالفة للتبول العلني وتطبيق غرامات مالية على مرتكبيها؛ بل متابعة المخالفين في حالة العود أمام القضاء، على غرار قرار الغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الابتدائية بمراكش بمتابعة محاميين على خلفية “واقعة التبول” داخل قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي محمد السادس ولأجل الإخلال بالحياء العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى