الذكاء الاصطناعي: ما الذي يحدث عندما تعتقد أنه يختلق الأكاذيب حولك؟
- Author, زو كلينمان
- Role, محررة شؤون التكنولوجيا في بي بي سي
تخيل هذا المشهد: أنت في البيت مع عائلتك وفجأة يبدأ هاتفك بالرنين… أشخاص تعرفهم يحذرونك من شيء شاهدوه عنك على وسائل التواصل الاجتماعي.
سوف ينتابك شعور غير جيد.
في حالتي، كان ذلك لقطة شاشة (screenshot)، تم أخذها على ما يبدو من روبوت الدردشة الخاص بإيلون ماسك “غروك”، -لم أستطع التحقق منها- لكنها كانت تضعني في قائمة لأسوأ من ينشرون المعلومات المضللة على منصة إكس (تويتر سابقاً)، إلى جانب بعض من أكبر أصحاب نظريات المؤامرة في الولايات المتحدة.
لم يكن لدي أي شيء مشترك معهم، وبصفتي صحفية، فإن تلك القائمة لم تكن قائمة العشرة التي أرغب أن أكون فيها.
إمكانية الدخول إلى “غروك” غير متاحة في المملكة المتحدة، لذا طلبت من كل من “تشات جي بي تي”، و “بارد” من غوغل، أن يُعدا القائمة ذاتها، باستخدام الأمر نفسه. فرفض كلاهما الأمر، ورد “بارد” بالقول إنه سيكون “أمراً غير مسؤول” القيام بذلك.
لقد كتبت الكثير من التقارير الصحفية عن الذكاء الصناعي والقوانين المنظمة له، وأحد أكبر الهموم ومصادر القلق لدى الناس هو كيفية مواكبة قوانيننا لهذه التكنولوجيا المتغيرة بسرعة والمزعجة للغاية.
ويتفق خبراء من دول عدة على أن البشر يجب أن يكونوا قادرين طوال الوقت على تحدي أفعال الذكاء الاصطناعي، ومع مرور الوقت تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد على صنع محتوى يتحدث عنا وعلى اتخاذ قرارات أيضاً تتعلق بحياتنا.
لا يوجد حتى الآن قانون رسمي في المملكة المتحدة ينظم عمل الذكاء الاصطناعي، لكن الحكومة تقول إن أي قضايا تتعلق بنشاطه يجب أن تطوى ضمن عمل الهيئات التنظيمية الحالية.
قررت أن أحاول وضع الأمور في نصابها الصحيح.
وكان أول اتصال لي مع منصة إكس، التي تجاهلتني، كما تفعل مع معظم الاستفسارات الإعلامية.
ثم حاولت مع جهتين منظمتين في المملكة المتحدة. أول جهة كانت مكتب مفوض المعلومات وهو الهيئة الحكومية المكلفة بحماية البيانات، لكنه اقترح أن أتوجه إلى “أوفكوم”، التي تعمل على تطبيق قانون السلامة على الانترنت.
وأبلغتني “أوفكوم” أن القائمة لا يغطيها القانون لأنها لا تعتبر نشاطاً إجرامياً.
وقالت: “المحتوى غير القانوني… يعني أن المحتوى يجب أن يرقى إلى مستوى الجنحة الجنائية، وبالتالي فإنه لا يغطي الأخطاء المدنية كالتشهير. وسيتعين على الشخص أن يتبع الإجراءات المدنية لاتخاذ رد ما”.
وهذا يعني بشكل أساسي أنني بحاجة إلى محامي.
هنالك عدد من القضايا القانونية المرفوعة حالياً أمام القضاء حول العالم، ولكن ليس هناك سابقة حتى الآن.
ففي الولايات المتحدة، رفع مذيع في محطة إذاعية يُدعى مارك وولترز دعوى قضائية على الجهة المنشئة لـ “تشات جي بي تي” وهي “أوبن إيه آي”، بعد أن ذكر روبوت الدردشة على نحو خاطئ بأنه احتال على مؤسسة خيرية.
وهدد عمدة إحدى المدن في استراليا بفعل الشيء نفسه بعد أن قال روبوت الدردشة نفسه بغير وجه حق إنه ثبتت إدانته بتلقي الرشوة. لكنه في الحقيقة كان أحد المبلغين عن الرشوة، ويبدو أن الذكاء الاصطناعي ربط بين النقاط الخطأ في المعلومات الموجودة عنه. وقد انتهت القضية بتسوية بين الطرفين.
تواصلت مع محاميتين لديهما خبرة في الذكاء الاصطناعي، الأولى لم تعطني مجالا للخوض في الموضوع.
والثانية أخبرتني أنني في “منطقة غير مواتية” في إنجلترا وويلز، مؤكدة أن ما حدث معي من الممكن اعتباره تشهيراً، لأنه تم التعريف بهويتي، وتم نشر القائمة.
لكنها قالت أيضاً إن المسؤولية تقع على عاتقي لإثبات أن المحتوى ضار. وفكرة قيامي بإثبات أنني صحفية متهمة بنشر المعلومات المضللة كانت خبرا سيئا بالنسبة لي.
لا أعلم كيف انتهى بي الأمر أن أكون على تلك القائمة، أو من رآها بالتحديد. وكان من المحبط جداً أنني لم أستطع الوصول إلى “غروك “بنفسي.
إن روبوتات الدردشة الخاصة بالذكاء الاصطناعي معروفة بأنها “تهلوس”، وهو التعبير الذي تستخدمه شركات التكنولوجيا العملاقة لاختلاق الأشياء. وحتى الجهات المنشئة لها لا تعرف السبب وراء ذلك. وهي تحمل إخلاء للمسؤولية يقول إن انتاجهم قد لا يكون محل ثقة، وإنك قد لا تحصل بالضرورة على نفس الإجابة مرتين.
التطور النهائي في المؤامرة
تحدثت إلى زملائي في وحدة التحقق من صحة المعلومات في بي بي سي، وهو فريق من الصحفيين يقوم بالتحقق من صحة المعلومات والمصادر.
فقاموا ببعض التحقيق، وهم يعتقدون أن لقطة الشاشة (Screenshot) التي اتهمتني بنشر المعلومات المضللة وأطلقت كل هذه الحكاية ربما كانت مزورة في المقام الأول.
وأنا أدرك المفارقة التي حصلت في الموضوع.
لكن خبرتي فتحت أعيني على واحد فقط من التحديات الكامنة أمامنا مع لعب الذكاء الاصطناعي دوراً قوياً بشكل متزايد في حياتنا.
إن المهمة الماثلة أمام الجهات المنظمة للذكاء الاصطناعي هي التأكد بشكل دائم من وجود طريقة مباشرة تمكن البشر من تحدي الكمبيوتر. وإذا كان الذكاء الاصطناعي يكذب في الحديث عنك- فمن أين تبدأ؟ ظننت أنني أعرف الجواب، لكن مع ذلك كان الطريق صعباً.