دسترة حقوق المعارضة تعزز مكانة البرلمان .. والتحكيم يجنب الأزمات
قال الأستاذ الباحث والأكاديمي عبد الله ساعف إن التشريع أصبح حصرا بيد البرلمان بعد دستور 2011، بما في ذلك الشأن الديني والعسكري والأمني وسائر السياسات العمومية، مؤكدا أن المؤسسة التشريعية عززت مكانتها وحضورها في الحياة السياسية المغربية خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف ساعف في مداخلة له بعنوان “البرلمان وتعزيز الممارسة الديمقراطية”، ألقاها بمناسبة تخليد المؤسسة التشريعية ذكراها الستين، أمس الأربعاء، أن “في الممارسة المغربية بعض الملفات الاجتماعية الكبرى والحساسة يمكن اعتبار أنها تحتاج إلى التحكيم، أساسا الملكي، كمدونة الأسرة والقانون الجنائي”.
وشدد المتدخل على أن التحكيم الملكي “يجنب الدولة والبرلمان الدخول في أزمات وانسدادات قد تكون صعبة”، لافتا إلى أن تدخل “فاعلين آخرين وأولئك الذين لا ينتمون إلى المؤسسة التشريعية يبقى محدودا جدا”.
وسجل الأكاديمي ذاته أنه “كان من المنتظر عند الانتقال إلى الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية أن تعزز مكانة البرلمان عبر ملفات العرائض وملتمسات التشريع، إلا أن هذا التفاعل لم يأخذ مجراه، ومازالت آثاره محدودة”، وذلك في انتقاد واضح منه لهذا الضعف، مستدركا بأن “هذا لا يمنع أن يكون هذا التفاعل رافعة مهمة”.
وأفاد ساعد بأنه “خلافا لما حصل عبر تاريخ البرلمان المغربي، منذ 2002 يشهد الجميع بالاستقرار والاستمرارية وتراكم المؤسسة التشريعية في دورة منتظمة للولايات البرلمانية المتوالية وهي في قلب الحياة السياسية المغربية”.
وزاد أن هذا التراكم كانت له “آثار كبيرة مهيكلة وعميقة في صياغة الخريطة المؤسساتية في المغرب وعلى مختلف الفاعلين السياسيين”، مبرزا أن هذه الاستمرارية مرتبطة بالشروط التي تجري فيها الانتخابات بشكل عام، وهي شروط تنزع إلى الاقتراب شيئا فشيئا إلى المقاييس الدولية للديمقراطية المتعارف عليها”.
ولم يقف المتحدث عند هذا الحد، بل ذهب إلى أن التجربة المغربية كان من المهم فيها “الحرص على الدورية المنتظمة للانتخابات وعلى استكمال الولايات التشريعية، في وقت كانت العديد من الولايات التشريعية السابقة لم تكتمل ولم تذهب إلى نهايتها”.
وأشار ساعف إلى أن هذا الاستقرار واستنفاد الدورات التشريعية، “ما كان له إلا أن يقوي موقع البرلمان في الحياة السياسية المغربية”، موضحا أن بروز الملاحظة منذ 2002 كان لها أثر على “إشكالية كبيرة تتمثل في نزاهة الانتخابات، ما ساهم في تعزيز مكانة المؤسسة التشريعية وأدى إلى تركيز التشريع بين أيدي البرلمان، وتم حصره في أيدي المؤسسة التشريعية مع دستور 2011″، معتبرا ذلك “منعرجا جعل كل القوانين لا يعترف بها إلا بعد المرور عبر البرلمان”.
كما سجل ساعف أن دسترة حقوق المعارضة “خلق مناخا جديدا في البرلمان، وهذا الاعتراف بحقوق الأقلية أعتبره من ضمن المستجدات التي عززت مكانة البرلمان في النقاش العمومي المغربي”.