حرب غزة: ما هو مصير الأسرى والرهائن الإسرائيليين بعد مرور أكثر من مئة يوم
أعلنت حماس في 15 يناير/ كانون الثاني، عن مقتل اثنين من الأسرى الإسرائيليين لديها في غزة، وهما يوسي شرعبي، وإيتاي سفيرسكي.
وأكّد الجيش الإسرائيلي في بيان للمتحدث العسكري أنّه أبلغ عائلتي شرعبي وسفيرسكي قبل أيام من إعلان حماس، عن مخاوف بشأن حياتهما، بناء على معلومات استخباراتية.
وجاء إعلان كتائب القسام بشأن الأسيرين على لسان نوعا أرغماني، وهي شابة إسرائيلية محتجزة في غزة، تحدّثت في تسجيل مصوّر، صدر عن الإعلام العسكري في حركة حماس، وبثّته قناة الجزيرة.
وقالت أرغماني إنّ شرعبي وسفيرسكي قتلا بقصف جوي إسرائيلي، وإنها أصيبت بدورها في إحدى الغارات، وطلبت بوقف الحرب، وإعادتها إلى المنزل.
وعلّق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على الفيديو الذي بثّته حماس، مؤكداً مقتل الأسيرين، لكنه رفض مزاعم حماس حول مقتلهما بنيران الجيش الإسرائيلي.
وتأتي أنباء مقتل الأسيرين في غزة بالتزامن مع زيادة الضغط من الشارع الإسرائيلي على الحكومة، والانقسام الداخلي في ملفي الحرب والأسرى والرهائن.
ماذا نعرف عن نوعا أرغماني؟
انتشرت صور الشابة الإسرائيلية المحتجزة لدى حماس، من خلال تسجيل مصوّر خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، أثناء اقتيادها على دراجة نارية، وفصلها عن حبيبها.
في أحدث تقرير صادر عن الجيش الإسرائيلي، ذُكر أن أرغماني اختطفت على يد مدنيين من غزة وليس من قبل مقاتلي القسّام.
وفي التسجيل الأخير الصادر عن الإعلام العسكري في حماس، تقول نوعا أرغماني (26 عاماً) إنّها كانت تتواجد في مبنى واحد، مع الأسيرين شرعبي وسفيرسكي، ومقاتلين من القسّام.
وتحدثت عن تعرّض المبنى لقصف صاروخي من طائرات أف-16 إسرائيلية، وقالت إنّ مقاتلي حماس أنقذوها وإيتاي سفيرسكي من تحت الأنقاض، لكنهم لم يتمكنوا من إنقاذ يوسي شرعبي.
وقالت إن المقاتلين نقلوها وإيتاي سفيرسكي، بعد ليلتين من القصف، إلى مكان آخر. وخلال الانتقال، تعرّض سفيرسكي لنيران من القوات الإسرائيلية، ولم ينجُ.
وقالت نوعا إنها كانت الناجية الوحيدة من بين المحتجزين الثلاثة، لكنها مصابة بشظايا في رأسها وفي جسدها.
ما مصير الأسرى والرهائن الآخرين؟
هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها حماس عن مقتل رهائن وأسرى بنيران الجيش الإسرائيلي، أو عن فقدان الاتصال بهم نتيجة الغارات والقصف على غزّة.
وقال المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في آخر كلمة ألقاها بمناسبة مرور مئة يوم على اندلاع الحرب، إنّ “مصير العديد من الأسرى الإسرائيليين صار مجهولاً خلال الأسابيع الماضية”.
وأضاف قائلاً إنّ “العديد من الأسرى -على الأغلب- قد قُتلوا والاحتلال يتحمل مسؤولية مصيرهم”.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول اعترف الجيش الإسرائيلي بقتله ثلاثة جنود إسرائيليين أسرى في غزّة، عن طريق الخطأ.
وبثّت كتائب القسام تسجيل فيديو أكدّت من خلاله قتل الجيش الإسرائيلي ثلاثة من أسراه هم يوتام حاييم، وألون شمريز، وسامر طلالقة.
وقال الجيش بعد إجراء تحقيق حول مقتل جنوده الثلاث، إنّ عناصره فتحوا النار رغم استغاثة الأسرى، وتلويح أحدهم براية بيضاء.
وأفاد المتحدث باسم الجيش دانييل هاغاري أن القوات الإسرائيلية أخطأت وظنّت أنّ استغاثة الجنود، هي حيلة من مقاتلي حماس.
وأعلنت حماس في 8 ديسمبر/كانون الأول عن عملية فاشلة قام بها الجيش الإسرائيلي لتحرير الجندي ساعر باروخ (25 عاماً)، أدّت إلى مقتل الأخير.
وقالت حماس في تسجيل نشرته حينها إن الجيش نفذّ عمليته متسلّلاً عبر سيارة إسعاف.
واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل باروخ بعد يوم على إعلان حماس، لكنه انتظر نحو شهر تقريباً، للإعلان أن مقتل باروخ جاء خلال عملية فاشلة لتحريره، دون تحديد الجهة المسؤولة عن قتله.
وبثّت كتائب القسام أكثر من مرة تسجيلات تظهر جثث أسرى ورهائن لديها، وقالت إنهم قُتلوا بغارات إسرائيلية.
وأعلنت في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني عن مقتل شيري سيلفرمان بيباس، وولديها الرضيع كفير بيباس (10 أشهر)، وأرييل (4 سنوات) بقصف إسرائيلي.
وبثّت فيديو للأب يردن بيباس المحتجز أيضاً في غزّة، يطلب من نتنياهو باكياً، إخراج جثث أفراد عائلته من غزّة.
ومن بين الرهائن الذين قتلوا أيضاً، المسنّ آريه زالمن زدمانوفيتش الذي ظهر في تسجيل خلال خضوعه لعلاج داخل إحدى مستشفيات غزّة. وقالت كتائب القسام في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني إنه توفي بسبب نوبات هلع أصيب بها نتيجة القصف على القطاع.
كما أعلنت القسام في 13 نوفمبر/تشرين الثاني عن مقتل المجندة الأسيرة فاؤول أزاي مارك أسياني في غارة إسرائيلية.
ورغم تأكيد الجيش الإسرائيلي مقتل هؤلاء بعد بث صور وتسجيلات فيديو تظهر جثثهم، إلا أنّ الجانب الإسرائيلي نفى مزاعم حماس بشأن مقتلهم بغارات إسرائيلية.
ما موقف عائلات الرهائن والأسرى؟
تحاول حماس من خلال نشر تسجيلات للأسرى والرهائن، التأثير على عائلاتهم التي تطالب بإنجاز صفقة تبادل لتحريرهم.
وتوجّه الحركة رسائل لعائلات الإسرائيليين المحتجزين، من وقت إلى آخر، عبر تسجيلات بعنوان “حكومتكم تكذب” أو “الوقت ينفذ”، مع إشارة إلى مقتل عدد من أقاربهم في القطاع.
وفي بعنوان “لا تتركونا نشيخ” نشرته الحركة، ظهر ثلاثة مسنين إسرائيليين، يطالبون بإعادتهم إلى منازلهم ووقف الحرب.
كما عمدت حماس إلى التذكير بأربعة أسرى جنود تحتجزهم منذ عام 2014، في فيديو قالت فيه إنّ حكومة بنيامين نتنياهو قد أهملتهم، وفقدت الاتصال “بالخلية المسؤولة عنهم”.
وختمت حماس الرسالة المصوّرة بعبارة “في الماضي والآن مرة أخرى، نتنياهو وحكومته غير مهتمين بعودة أبنائكم وأحبائكم… لا تنسوا… الوقت يمضي ويتلاشى”.
ويتظاهر أهالي وأقارب الأسرى والرهائن أسبوعياً للمطالبة بتحرير أبنائهم من غزة.
توجهوا في 15 يناير/كانون الثاني الحالي إلى سياج غزة ووجهوا رسائل إلى أحبائهم عبر مكبرات الصوت.
وتوجهت والدة إحدى الرهائن لابنتها قائلة “نحن نبذل قصارى جهدنا لإعادتك إلى المنزل. ونقول للجميع، ولجميع القادة في حكومتنا، لقد مرّت مئة يوم بالفعل، عليكم إعادتهم الآن”.
وشوهد بعض الأهالي وهم يحملون صوراً لرون أراد، في إشارة للطيّار الإسرائيلي الذي سقطت طائرته في جنوب لبنان عام 1986، وأُسر حيّاً على يد تنظيم “حركة أمل” اللبناني. وقيل بعدها إنه بحوزة حزب الله ولاحقاً أصبح مصيره غامضاً.
وأعلن أمين عام حزب الله حسن نصرالله في 2006 إنّ أراد مات وفُقدت جثّته.
وشاركت لجنة أهالي الأسرى والرهائن في جلسة للكنيست في 26 ديسمبر/كانون الأول، قاطعوا خلالها كلمة نتنياهو وهتفوا قائلين “الآن”، في إشارة إلى عقد صفقة عاجلة لتحرير أبنائهم.
كما اجتمع بعض الرهائن الذين أُفرج عنهم من غزّة بنتنياهو وبعض الوزراء الأعضاء في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، وتحدثوا عن تجربتهم، وعما وصفوها بأنها ظروف سيئة يعاني منها الأسرى والرهائن.
وطالبوا بالعمل على إخراج المحتجزين الآخرين.
وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في 5 ديسمبر/كانون الثاني إنّ الاجتماع تخلّله “فوضى وصراخ” وأنّ بعض العائلات غادرت اللقاء.
ويُشار إلى أنّ بعض من أفرج عنهم من غزة، لديهم أقارب ما زالوا محتجزين لدى حماس وفصائل أخرى.
وأبدى البعض خشية على حياة المحتجزين في غزّة، منذ بداية العملية العسكرية وذلك بسبب القصف العنيف الذي يطال القطاع.
هل هناك أفق لصفقة تبادل جديدة؟
ويشكّل ملف الأسرى والرهائن أبرز التحديات التي تواجه الجيش الإسرائيلي بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتصرّ حركة حماس مؤخراً على عدم التفاوض لإطلاق سراح الأسرى والرهائن قبل وقف نهائي لإطلاق النار.
وقالت الحركة في بيان صدر في 16 ديسمبر/كانون الأول إنها تؤكد “على موقفها بعدم فتح أي مفاوضات لتبادل الأسرى، ما لم يتوقف العدوان على شعبنا نهائياً، وقد أبلغت الحركة موقفها هذا لجميع الوسطاء”.
بينما يكرّر الجيش الإسرائيلي أنّ الهدف من العملية العسكرية المستمرة في غزة، هو الضغط لإطلاق المزيد من الأسرى والرهائن، أو لتحريرهم من أيدي خاطفيهم.
ويرجّح الجانب الإسرائيلي وجود نحو 137 شخصاً إسرائيلياً في غزة. لكن لا معلومات دقيقة عن عدد الأحياء أو عدد الذين قتلوا منذ بداية الحرب خلال تواجدهم في الأسر.
وقال المتحدث العسكري باسم كتائب القسّام أبو عبيدة في أكتوبر، إنّ لدى حماس والفصائل الأخرى ما بين 200 و250 محتجزاً. وأعلن حينها عن مقتل نحو 50 منهم نتيجة “القصف الإسرائيلي”.
وقام الطرفان بعملية تبادل خلال أسبوع من الهدنة العسكرية انتهت في الأول من ديسمبر/كانون الأول.
وأفرجت إسرائيل عن 250 من المعتقلين الفلسطينيين أغلبهم من النساء والأطفال، مقابل إفراج حركة حماس عن 77 شخصاً من الإسرائيليين ومزدوجي الجنسية، وعن عمّال آخرين من الجنسية التايلندية.
ونقلت وكالة الأناضول التركية عن القناة 13 الإسرائيلية أنباءً عن اقتراح جديد لصفقة إطلاق الأسرى والرهائن تسلّمته إسرائيل من قطر.
وقالت عائلات الأسرى والرهائن في بيان إن التقارير صفقة جديدة “تعطي القليل من الأمل للعائلات القلقة على مصير أحبائها”.
وطالب بيان العائلات وفق ما ذكرت “تايمز أوف إسرائيل” الحكومة “بالموافقة على أي صفقة من شأنها أن تؤدي إلى إطلاق سراحهم على الفور أحياء”.
وكانت القناة 13 الإسرائيلية تحدثت في الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول عن تسريبات من اقتراح صفقة جديدة للإفراج عن الأسرى والرهائن.
لكن حركة حماس ردّت على التسريبات بنفي وجود أي مفاوضات قبل وقف إطلاق النار.
وسبق أن ذكر قادة من حركة حماس عبارة “تبييض السجون” في إشارة إلى صفقة تبادل تفرج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
لكن ليس من الواضح بعد مضمون وتفاصيل الصفقة الجديدة، وإن كان واقع ارتفاع عدد القتلى في صفوف الرهائن والأسرى الإسرائيليين في غزة، سيفرض شروطاً جديدة.