أخبار العالم

فعاليات تدعو إلى التخلي عن ظهير “سلطات الحماية الفرنسية” لقطع الأشجار



ردت فعاليات بيئية على عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الذي قال إن “عمليات قطع واقتلاع الأشجار بالمدن وأحوازها تخضع لمقتضيات ظهير 30 يونيو عام 1916، المنظم لهذه العمليات حيث إن كل عملية اقتلاع أو قطع تستلزم الحصول على رخصة بذلك مسلمة من طرف السلطات”، مطالبة بـ”التخلي عن هذا الظهير الذي يعود إلى فترة الحماية، ووضع إطار قانوني جديد يتلاءم ومجمل التحولات التي نعيشها بسبب التغيرات المناخية”.

جواب لفتيت، الذي كان ضمن جواب كتابي لسؤال وجهه إليه النائب البرلماني سعيد بعزيز، أشعل نقاشا ظهر في الآونة الأخيرة بخصوص أن “مجموعة من الأشجار، لاسيما شجر الأرز الذي تعرض لعملية اجتثاث مخيفة. وقد بدا ذلك واضحا في التراجع البين في كثافتها وعدد الأشجار بها على مستوى مجموعة من المناطق”، وفق متتبعين؛ مع أن السلطات تبرز أن “الأمر راجع إلى الجفاف والرعي، ولكنه محكوم أيضا بقطاع الأشجار”.

“أشجار نادرة ومعمرة”

أيوب كرير، الخبير في المناخ والتنمية المستدامة ورئيس جمعية “أوكسيجين للبيئة والصحة”، قال إن “تأطير قطع الأشجار بظهير يعد مسألة جد مهمة تبرز العناية المبدئية الرسمية بالأشجار؛ لكن هذا الظهير يبدو مُتقادما ويعود إلى فترة الحماية الفرنسية”، لافتا إلى أن “تطورات كثيرة حصلت في مجال الفضاءات الخضراء طيلة قرن كامل”، مؤكدا أن “العديد من الرخص منحت من طرف السلطات المحلية بشكل سهل، على الرغم من تنديدنا بكونها تشكل خطرا على التوازن البيئي”.

وأشار كرير، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “العديد من الأشجار المعمرة التي كان يتعين أن تتم حمايتها بموجب الظهير تم نسفها بكل بساطة دون الأخذ بعين الاعتبار طابعها البيئي وبكونها شاهدا على فترات تاريخية حاسمة وجزءا من الذاكرة المُشتركة”، مسجلا أن “بعض مخططات التهيئة تجد أحيانا مجموعة من الأشجار تقف عقبة أمامها، فتضطر إلى محوها، بترخيص من السلطات. لهذا، فإن إعادة النظر في الظهير مسألة أساسية وحاسمة في الوقت الحالي”.

وأبرز الخبير في المناخ والتنمية المستدامة ورئيس جمعية “أوكسيجين للبيئة والصحة” أننا “نحتاج إلى إطار قانوني مُستجيب للتحولات التي نعيشها حيثُ تزداد الحاجة إلى الغطاء الغابوي الذي صار ينحسر بفعل الزحف العمراني والتهور البشري”، مؤكدا أن “هناك معايير دولية يمكن أن نعمل على تكييفها مع تشريعنا الوطني؛ من قبيل أن قطع الأشجار يكون مقابل تكلفة مادية جد باهظة بشكل يشعر الإنسان بأن البيئة لها سلطة عليه وليس العكس، لأن انتشار العديد من أمراض الحساسية هو راجع إلى تراجع الفضاء الغابوي”.

وأفاد المصرح أن “الحكومة أعلنت، مؤخرا، عن مجموعة من التدابير الصارمة لوقف قطع الأشجار ووقف العمليات التخريبية التي يتعرض لها الفضاء الغابوي”، مشددا على أن “النقاش هو في القطع القانوني، أي الذي جاء بناء على ترخيص وفق هذا الظهير الذي يعود إلى سلطات الحماية، والمقصود هو أن تكون المعايير جد مشددة إلى درجة التضييق على القطع وعدم السماح به قانونيا إلا للضرورة القصوى”.

“تشريع جديد”

مصطفى العيسات، ناشط بيئي رئيس جمعية البساط البيئي الأخضر، قال إن “الظهير الذي نشتغل به يحتاج إلى تحيين عاجل، لحماية الأشجار من أي مخاطر للسطو على هذا الإرث البيئي الذي يشكل رئة المدن ويسهم في تلطيف الجو وخفض درجة الحرارة”، مؤكدا أن “الترسانة القانونية مهمة لحماية التراث الغابوي المغربي والواحات أيضا، فلم يعد اليوم مسموحا باستغلال النخيل في المشاريع السياحية ونقله إلى الفضاءات السياحية بشكل يواصل هشاشة هذه الفضاءات وتعرضها للحرائق سنويا”.

وأشار العيسات، ضمن تصريحه لهسبريس، إلى أن “الوضع الذي يعيشه انتزاع الأشجار يسهم في التصحر الذي يشكل عبئا كبيرا على التنوع البيولوجي؛ وبالتالي يجب أن تكون قوانينا متشددة وصارمة في عملية اجتثاث الأشجار”، مضيفا أن “التهيئة الحضارية أيضا لا بد أن تتعزز بهذا التأطير القانوني، وتحديد الأسباب التقنية والأمنية والفنية لتأطير النقاش العام الدائر اليوم حول هل نزرع الأشجار أو النخيل، ووضع ضوابط لكي لا تشكل هذه الأشجار خطرا من حيث حجب الرؤية أو الضرر بالبنية التحتية إذا تفرعت الجذور”.

وخلص المصرح عينه إلى أن “الحاجة إلى تشريع في هذا الصدد ليست ترفا؛ لأنه علينا أن نحمي الأشجار النادرة والمعمرة من الاستنزاف.. وبالتالي نحافظ على بيئة متوازنة، لأن التوسع العمراني جعل المدن كصناديق إسمنتية بلا روح.. وهذا التوسع يكون على حساب الغابة”، خاتما أن “وضع تصور قانوني جديد سيكون في خدمة الاستراتيجية التي نسير ضمنها للتكيف مع التغيرات المناخية الحادة؛ لأن الغابة تحافظ على الفرشة المائية، وتسهم في خلق فضاءات رطبة وخصبة نحن في حاجة إليها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى