هل تقترب بريطانيا من ترك “المنطقة الرمادية” في قضية الصحراء المغربية؟
الخميس 11 يناير 2024 – 07:00
دعا النائب البريطاني ليام فوكس وزيرَ خارجية بلاده، ديفيد كامرون، إلى اتخاذ “موقف أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة” بشأن قضية الصحراء المغربية، معتبراً في رسالة أن موقفاً أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة تجاه المبادرة المغربية للحكم الذاتي أساسي، ليس فقط للعلاقات الدبلوماسية بل أيضا من أجل السلام والتعاون الدولي.
ويظهر بشكل جلي لمراقبين تزايد التقارب بين المملكتين في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد “البريكسيت” (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، إذ حقق حجم التجارة الثنائية برسم سنة 2022 مبلغ 22.9 مليار درهم، كما ارتفعت المبادلات بنحو 50 في المائة، لتنتقل من 15.3 مليار درهم سنة 2019 إلى 22.9 مليار درهم في 2022.
وأمام واقع العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي ظل تقييم المغرب لعلاقاته وشراكاته مع الدول عبر “النظارة” التي أوردها الملك محمد السادس في أحد خطاباته، المتعلّقة بموقفها من قضية الصحراء المغربية، يطرح العديد من المراقبين سؤال معيقات إقدام المملكة المتحدة على اتخاذ موقف مشابه لمواقف حلفائها مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وهولندا، الأمر الذي أشار إليه ليام فوكس أيضا في رسالته الموجهة إلى وزير الخارجية.
عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، اعتبر أن رسالة النائب البرلماني البريطاني إلى وزير خارجية بلاده “تنبع أساسا من قناعته الراسخة التي تكونت لديه بعد زيارته إلى المغرب ووقوفه على حجم التغيرات التي تعرفها بلادنا على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والاستقرار الذي ينعم به المغرب في منطقة يغلب عليها الشك، والفرص المختلفة التي يوفرها في مجال الاستثمار والتجارة بحكم الأوراش المفتوحة التي ستزداد وتيرتها في أفق تنظيم كأس العالم 2030”.
ومن ثمة، يضيف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، فإن “هذه الرسالة تصب في اتجاه إثارة انتباه الدبلوماسية البريطانية إلى ضرورة الاصطفاف بجانب الدينامية الدولية التي تتفاعل بشكل متزايد مع مبادرة الحكم الذاتي كحل أوحد ووحيد لوضع حد لهذا النزاع الإقليمي المفتعل الذي يرخي بظلاله على فرص الاستثمار والاستقرار والتعاون في المنطقة، وهو بذلك يوجّه رسالة واضحة وصريحة إلى الدبلوماسية البريطانية التي عليها أن تخرج من حالة التردد وأن تدعم بشكل صريح ومباشر مبادرة الحكم الذاتي، لأن الوقت لم يعد يسمح بالانتظار، خاصة أن المغرب تربطه علاقات متميزة مع المملكة المتحدة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والتاريخية”.
في السياق ذاته، ذكّر الحسين كنون، محام رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، بأن موقف ليام فوكس “سبقته مواقف مماثلة من مجموعة من حكماء المملكة المتحدة بشأن ملف الصحراء المغربية، لا سيما في ظل الشراكة المعززة بين البلدين بعد البريكسيت، التي توجت بالربط الكهربائي بين الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وبريطانيا، ما يُعتبر في القانون الدولي اعترافاً ضمنياً بمغربية هذه الأقاليم”.
ومع ذلك، اعتبر كنون، في حديث لهسبريس، أن “الاعتراف الضمني لا يكفي في ظل هذا الزخم من الشراكات على أصعدة عدة بين البلدين، وفي ظل أيضاً الصداقة التي تجمع المؤسستين الملكيتين”، مشيراً إلى أن “كل هذه العوامل تحتم على بريطانيا المزيد من الوضوح الذي يطلبه المغرب من جميع الدول الشريكة والصديقة والخروج من المنطقة الرمادية”، قبل أن يختم بالقول: “أنا أرى أن كل هذه الشراكات لا يمكن إلا أن تتوج باعتراف صريح بمغربية الصحراء ووجاهة الحكم الذاتي”.