رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان تكرس انتصارات المملكة وهزائم الخصوم
خيبة أمل جديدة تلك التي حصدها خصوم المملكة المغربية في مساعيهم الحثيثة لضرب الثقة التي تحظى بها لدى المنتظم الدولي وعلى كافة المستويات؛ فبعدما حاولوا تجييش الرأي العام الدولي ضد ترشح المملكة لرئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من خلال الطعن في السجل الحقوقي والتراكمات التي حققتها على هذا المستوى، جرت رياح الإصرار المغربي بما لم تشته سفن العداء للرباط التي تم انتخابها، الأربعاء، لرئاسة المجلس الحقوقي الأممي بتأييد 30 عضوا من الأعضاء المكونين للمجلس، لتتفوق بذلك المملكة على منافستها الوحيدة، جنوب إفريقيا، التي لم تحصل سوى على 17 صوتا.
إنجاز جديد ينضاف إلى جملة الإنجازات التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، فيما اعتبر حقوقيون أن انتخاب الرباط لهذا المنصب كان أمرا متوقعا ونتيجة حتمية للجهود والتراكمات التي حققتها البلاد في هذا المجال، والتزاماتها المبدئية بتكريس وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان إن على المستوى الوطني من خلال تقوية الإطار القانوني والمؤسساتي المؤطر لممارسة هذه الحقوق، أو على المستوى الإقليمي والدولي من خلال تعزيز التعاون مع عدد من الدول من أجل إرساء مبادئ الديمقراطية وإشاعة الممارسات الحقوقية الجيدة.
وكانت “جمعيات ونشطاء حقوقيون” محسوبون على البوليساريو قد أطلقوا في الأسابيع القليلة الماضية حملة أسموها “الحملة الإعلامية الدولية ضد ترشح المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان”، انخرط فيها قياديون من الجبهة الانفصالية وكذا وسائل إعلام جزائرية مقربة من النظام العسكري الحاكم في هذا البلد، فيما حاولت بعض التنظيمات والجمعيات، قبيل جلسة التصويت التي أفرزت انتخاب المغرب، افتعال وفبركة انتهاكات حقوقية مزعومة قالت إن السلطات المغربية ارتكبتها في حق “نشطاء صحراويين” في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
صرخة في واد وقرار دولي
في هذا الصدد، قالت عائشة الدويهي، رئيسة مركز جنيف لحقوق الإنسان، إن “انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان الأممي أكد أن الحملة التي قادها أعداء المملكة المغربية للحيلولة دون ظفره برئاسة هذا المجلس، لم تتعد كونها زوبعة في فنجان وصرخة في واد”، مسجلة أن “خصوم الرباط حاولوا تجييش العديد من المنظمات التابعة لهم وبعض ما يسمى بالنشطاء الحقوقيين ضد المغرب، غير أن الإرث الحقوقي لهذا الأخير انتصر على كل هذه المحاولات اليائسة”.
وأضافت الدويهي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “قرار انتخاب المغرب لرئاسة هذا المجلس، هو قرار دولي وأممي بامتياز، أخذ بعين الاعتبار التراكمات التاريخية للمملكة على مستوى حقوق الإنسان والتزاماتها في هذا الصدد وكذا المبادرات والاستراتيجيات التي اعتمدتها، وهو ما شفع لها وجعلها تحظى بثقة غالبية الدول الـ47 الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان”.
وأوضحت رئيسة مركز جنيف لحقوق الإنسان أن “المملكة المغربية أبانت في كل المحطات عن التزامها المطلق بتكريس الخيار الديمقراطي، إذ طوت صفحة انتهاكات حقوق الإنسان منذ أزيد من عقدين من الزمن، وأصبحت نموذجا للدول السائرة في طريق بناء دولة الحق والقانون عبر العديد من المبادرات، على غرار الانفتاح على الرقابة الدولية في مجال حقوق الإنسان وملاءمة تشريعاتها الوطنية مع الاتفاقيات والصكوك الدولية ذات الصلة، أضف إلى ذلك الممارسة على أرض الواقع التي تنتصر لهذا التوجه، سواء من خلال الاجتهاد القضائي أو من خلال المبادرات لبناء السلم ومحاربة التطرف والإرهاب”.
وخلصت الدويهي إلى أن “المغرب استحق بامتياز رئاسة مجلس حقوق الإنسان، وهو اليوم يجني ثمار ما زرعه منذ عقود من الزمن من خلال الانضباط والالتزام والوفاء بالتزاماته الطوعية، وحتى غير الطوعية”، مشددة على أن “الأصوات المعادية للمغرب كانت بعيدة جدا عن صوت القرار الدولي الذي حسم بانتصار وفوز ساحق للمملكة على جنوب إفريقيا، حيث كان هذا الفوز متوقعا منذ البداية؛ كون الرباط اشتغلت على هذه المحطة الحقوقية من مدة وتمكنت بالفعل من حسمها”.
رهان فاشل ورمزية كبيرة
من جانبه، أورد رمضان مسعود، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدريد، أن “انتخاب المغرب بـ30 صوتا لرئاسة مجلس حقوق الإنسان بجنيف هو هزيمة كبيرة لخصوم المملكة، خاصة الجزائر والبوليساريو اللتين راهنتا دبلوماسيا وإعلاميا على إفشال انتخاب الرباط لهذا المنصب وقادتا حملات هوجاء ضده، بل وراهنتا على حليفهما الجنوب الإفريقي لتولي الرئاسة، غير أن كل هذه المساعي باءت بالفشل”.
واعتبر مسعود، في حديث مع هسبريس، أن هذا الانتخاب “يعد تثمينا من المجتمع الدولي لجهود المملكة وورشاتها الناجحة فيما يخص تكريس ثقافة حقوق الإنسان، خاصة خلال العهد الجديد، من خلال إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة وبعدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، موضحا أن “المغرب أظهر للعالم أنه ماض بخطوات ثابتة في تكريس هذه الثقافة الحقوقية وإشاعتها في محيطه الإقليمي والدولي”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “تولي المغرب هذا المنصب الذي يحمل رمزية كبيرة، يعد في حد ذاته تقوية للأوراش الكبرى التي تقودها المملكة في تعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان والنهوض بآلياتها، خاصة ما يتعلق منها بالحق في التعبير وحرية التجمع وحقوق النساء والأقليات التي خطى فيها المغرب خطوات هامة بشهادة عدد من المنظمات الدولية والتقارير ذات الصلة”.