حرب “حماس” وإسرائيل تدخل الشهر الرابع
أعلنت إسرائيل أنها “أكملت تفكيك” بنية القيادة العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في شمال قطاع غزة؛ فيما تدخل، الأحد، حربها ضد الحركة شهرها الرابع وسط مخاوف من توسعها إقليميا.
وفجر الأحد، تحدث شهود عن غارات جوية إسرائيلية على خان يونس، المدينة الكبيرة في جنوب قطاع غزة والمركز الجديد للاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي و”حماس”. وأفادت وكالة وفا الفلسطينية بسقوط عدد من القتلى والجرحى.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، أنه يركز عملياته، من الآن فصاعدا، على وسط غزة وجنوبها بعد ثلاثة أشهر من الحرب التي أتاحت له حسب قوله “تفكيك بنية حماس العسكرية” في شمال هذا القطاع الصغير، البالغ عدد سكانه زهاء 2,4 ملايين نسمة.
وقال دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “أكملنا تفكيك بنية حماس العسكرية في شمال قطاع غزة”، مضيفا أن مقاتلي الحركة يتحركون “بشكل غير منظم ومن دون قيادة”.
وقال بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان مساء السبت: “قبل ثلاثة أشهر، ارتكبت حماس مذبحة فظيعة… أمرت حكومتي (الجيش) بخوض الحرب للقضاء على حماس وإعادة رهائننا وضمان أن غزة لن تشكل مرة أخرى تهديدا لإسرائيل”، مضيفا: “يجب ألا ننهي الحرب قبل أن نحقق هذه الأهداف”.
وتعهدت إسرائيل “القضاء” على حماس بعد هجوم غير مسبوق شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر وأدى إلى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، اقتيد نحو 250 شخصا واحتُجزوا رهائن ولا يزال 132 منهم داخل القطاع.
وأدى القصف الإسرائيلي على القطاع مترافقا مع هجوم بري اعتبارا من 27 أكتوبر إلى مقتل 22 ألفا و722 شخصا غالبيتهم نساء وأطفال، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية، ليل السبت، أنها أجلت موظفيها من مستشفى في وسط غزة. وقالت كارولينا لوبيز، منسقة خدمات الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في غزة، عبر منصة إكس، “أصبح الوضع خطيرا إلى درجة أن بعض أعضاء فريقنا الذين يعيشون في المنطقة لم يتمكنوا حتى من مغادرة منازلهم بسبب التهديدات المستمرة من المسيّرات والقناصة”.
إلى ذلك، قُتل ستة أشخاص فجر الأحد في قصف إسرائيلي على جنين، معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية المحتلة، حسبما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية.
وتحدثت الوزارة عن سقوط “6 شهداء بقصف الاحتلال الإسرائيلي تجمعا للمواطنين في جنين”.
“سئمنا!”
تجمع متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية، مساء السبت، في ميدان هابيما بتل أبيب، مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة واستقالة الحكومة وسط الحرب المستمرة مع حماس في غزة.
وقال شاشاف نيتزر (54 عاما) لوكالة فرانس برس: “سئمنا! سئمنا! الحكومة عبارة عن حفنة من الأغبياء. يقودوننا إلى مكان فظيع. يقودوننا إلى مستقبل لا يوصف. بيبي نتانياهو وجميع الحمقى الآخرين يدمرون إسرائيل ويدمرون كل ما كنا نأمله ونحلم به”.
وأضاف: “نحتاج إلى انتخابات جديدة. نحتاج إلى حكومة جديدة. نحتاج إلى زعيم جديد”.
كانت المعارضة الإسرائيلية دعت إلى رحيل نتانياهو، قائلة إنه لا يتمتع بـ”ثقة” الشعب لقيادة حملة عسكرية “طويلة” في غزة.
وفي باريس وفي عدد من المدن الإقليمية في فرنسا، تظاهر الآلاف للمطالبة بـ”وقف للنار” ودعما لسكان غزة.
وأعاد فلسطينيون، السبت، دفن جثامين نبشت من قبورها في مقبرة بمدينة غزة، في المنطقة التي ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي هجوما بريا منذ نهاية أكتوبر، حسب ما أظهر فيديو لفرانس برس.
وأظهرت اللقطات، التي صُوّرت في مقبرة حي التفاح، الجثامين التي نبشت في أكفانها وسط أكوام من التراب. وتبدو جثامين أخرى مدفونة جزئيا، بين شواهد مقلوبة في المقبرة الصغيرة المحاطة بالمباني وحيث تبدو على الأرض بوضوح علامات جنازير الدبابات. ووسط انتشار الذباب انهمك نحو عشرة رجال يضعون قفازات وكمامات، في إعادة دفنها.
دمر الهجوم الإسرائيلي أحياء كاملة في غزة، وأدى إلى نزوح 1,9 ملايين شخص يشكلون 85 في المائة من سكانه حسب الأمم المتحدة. ويعيش سكان القطاع في ظروف مزرية وسط نقص حاد في المياه والغذاء والدواء والعلاج. وخرج كثير من المستشفيات عن الخدمة جراء الدمار اللاحق بها.
وحذر مارتن غريفيث، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، من أن القطاع الفلسطيني بات “بكل بساطة غير صالح للسكن (..) باتت غزة مكانا للموت واليأس ويواجه (سكانها) تهديدات يومية على مرأى من العالم”.
خطر توسع النزاع
وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خلال زيارته بيروت، إن “إسرائيل أعلنت هدفها المتمثل في القضاء على حماس. يجب أن تكون هناك طريقة أخرى للقضاء على حماس لا تؤدي إلى مقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء”، مشددا على أن تجنب نزاع إقليمي هو “ضرورة قصوى”.
منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف “بنيات تحتية” وتحركات مقاتلين؛ لكنّ الخشية من توسّع نطاق الحرب تصاعدت بعد اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الثلاثاء، بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وقالت السلطات اللبنانية وحزب الله وحماس وواشنطن إن إسرائيل نفذت العملية.
وأسفر التصعيد عند الحدود مع إسرائيل عن مقتل 181 شخصا في الجانب اللبناني؛ بينهم 135 عنصرا من حزب الله، وفق آخر حصيلة السبت.
في الإقليم أيضا، كثّف الحوثيون، المدعومون من إيران في اليمن، هجماتهم على سفن تجارية في البحر الأحمر؛ بينما تستهدف مجموعات أخرى في العراق وسوريا القوات الأمريكية المتمركزة في البلدين باستخدام صواريخ ومسيّرات.
في الغضون، اتصلت كاترين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية، بنظيرها الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، السبت، لحضّ “إيران وحلفائها” على وقف “أعمالهم المزعزعة للاستقرار على الفور”.
وأعلن البنتاغون أن القوات الأمريكية أسقطت، صباح السبت، مسيّرة فوق البحر الأحمر في المياه الدولية قرب سفن تجارية.
ويزور أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، الأحد، الأردن، في إطار جولة له في الشرق الأوسط تهدف إلى وقف التصعيد في المنطقة.