كيف يحافظ المغرب على المكاسب الدبلوماسية لقضية الصحراء في 2024؟
الأربعاء 3 يناير 2024 – 06:00
حقق المغرب خلال العام الأخير تقدما هاما على الصعيد الدبلوماسي، لا سيما فيما يرتبط بقضية الصحراء المغربية؛ فبالإضافة إلى استمرار سحب مجموعة من الدول، لاسيما الإفريقية، اعترافها بجبهة البوليساريو الانفصالية، واعتراف أخرى بمغربية الصحراء، كان تأييد إسبانيا-باعتبارها المستعمر السابق للأقاليم الجنوبية المغربية-لمبادرة الحكم الذاتي، التحول الأبرز في القضية، وهو ما يستشف من خلال رد فعل الجزائر باعتبارها حاضنة البوليساريو.
لكن هذه المكتسبات الدبلوماسية تواجه، وفق مراقبين، تحدي الحفاظ عليها، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها العالم. ولتحقيق ذلك، يرى أحمد نور الدين، خبير في العلاقات الدولية، أنه “ينبغي الحفاظ على وتيرة مرتفعة للتحركات الدبلوماسية المغربية في المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، والتعامل بلغة الوضوح التي عبر عنها الملك محمد السادس لحشد المؤيدين للموقف المغربي داخل أوروبا وإفريقيا والعالم”.
وأضاف نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الخارجية المغربية واعية بأن هذه القاعدة الذهبية التي أرساها الملك يجب أن تسري على جميع الدول دون استثناء. ومن هذا المنطلق، يجب أن نتعامل مع تصريحات وزير خارجية الجزائر، أحمد عطاف، حول الميول نحو إيجاد حل مع المغرب”، معتبرا أن “التجربة علمتنا أنه كلما اشتد الخناق على الجزائر داخليا أو خارجيا، حاولت فتح جسور التواصل مع المغرب من باب الخداع والمراوغة إلى أن تنقشع الأزمة ثم تعود إلى مواقفها السابقة”.
واعتبر الخبير ذاته، في هذا السياق، أن “أهم مفتاح لحل النزاع هو التحرك على مستوى اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة، ولتكن البداية خلال العام الجاري من خلال تمرين طرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، وفرض الأمم المتحدة إحصاء اللاجئين في تندوف وتمتيعهم بحقوقهم، وإخضاع المخيمات لحماية الهيئة العليا للاجئين، والفصل بين المدنيين والميليشيات”.
من جانب آخر، حذر أحمد نور الدين من الوقوع فيما وصفه بـ”الفخ الجزائري”، مؤكدا أن “أي مصالحة مع الجزائر قبل اعترافها الكامل بمغربية الصحراء وتسجيل ذلك في الأمم المتحدة، وإغلاق مخيمات تندوف وتسليم سلاح الميلشيات والانسحاب من كل شبر مغربي اعتدت عليه وإعادة ممتلكات المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975، سيؤدي المغرب ثمنه غاليا”.
من جانبه، اعتبر بوسلهام عيسات، باحث في الدراسات السياسية والدولية، أن الحفاظ على المكتسبات الدبلوماسية التي تم تحقيقها في قضية الصحراء المغربية، “يقتضي تكثيف الجهد الدبلوماسي والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية التي نتقاسم معها القيم نفسها بالفضاء الأطلسي (الواجهة الأطلسية) الذي كان ركيزة محورية هامة في خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء”.
كما أن الدفاع عن المصالح العليا للوطن، وفق عيسات، “يتطلب نوعا من اليقظة الدبلوماسية الاستراتيجية إزاء تحركات خصوم الوحدة الترابية، التي يلاحظ من خلال تتبع سلوكها الدبلوماسي أنها أصبحت تحاكي كفعل مضاد مسار الدبلوماسية المغربية نفسه، سواء تعلق الأمر بالخطاب الدبلوماسي المعاكس في صيغة تصريحات أو بلاغات، أو من خلال تنظيم ملتقيات ومؤتمرات بدون أجندة وأهداف دبلوماسية فعلية وواضحة المعالم، لممارسة نوع من التأثير المضاد والتشويش على المبادرات الخلاقة والهادفة التي تدعو إليها المملكة المغربية، في إطار تعزيز التعاون الإفريقي جنوب-جنوب وفق مقاربة رابح-رابح، وهي المبادرات التي تحظى بدعم وتأييد دولي كبير”.