تريث المغرب في فتح “الحدود الجمركية” يشد الأعصاب بسبتة ومليلية
عاد موضوع الحدود الجمركية بين المغرب وثغري سبتة ومليلية المحتلين ليستأثر باهتمام كبير لدى النخب والأوساط الإسبانية داخل المدينتين المغربيتين الخاضعتين للاحتلال الإسباني، بحيث لا يكاد النقاش حولهما يتوقف، حتى على الصعيد الإعلامي، الأمر الذي يحيل إلى أن القرار المغربي بإغلاق الحدود مازال تأثيره ساريا.
صحيفة “مليلية هوي” الإسبانية حررت مقالا لتؤكد هذا الطرح، معتبرة أن تسريع فتح المتوقع للجمارك في سبتة ومليلية يتعين أن يكون من أوليات وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، خوسيه مانويل ألباريس، لسنة 2024، مستحضرة ما دار في النقاش مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، في دجنبر من العام الماضي، لتقول إن “إحدى القضايا الرئيسية التي لا تزال معلقة هي إعادة فتح مكتب جمارك مليلية”.
“ضغط يصطدم بسيادة”
سعيد إدى حسن، محلل سياسي باحث بجامعة كومبولونتسي بمدريد، قال إن فتح الحدود الجمركية بين المغرب وثغري سبتة ومليلية المحتلين، يدخل في إطار الضغط المتواصل لليمين الإسباني على حكومة بيدرو سانشيز؛ فمنذ الزيارة الأخيرة لألباريس إلى المغرب، لم يطرأ أي تغيير في العلاقات المغربية الإسبانية، وعلى الأقل لم تعلن الحكومتان عن أي جديد بخصوص المشاورات والمفاوضات حول عدد من القضايا، بما فيها المعابر الحدودية”، منبها إلى أن “إثارة هذا الموضوع تريد إحراج حكومة سانشيز بالقضايا الخلافية”.
وسجل إدا حسن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مسألة فتح المعابر من القضايا الشائكة لاعتبارات عدة، منها ما هو سيادي، ومنها أن اليمين الإسباني يريد من المغرب أن يتنازل عن مدينتي سبتة ومليلية، وهذا أمر مستحيل والمغرب لن يعلن تقديمه أي تنازل بهذا الخصوص”، لافتا إلى أن “المغرب ملتزم بتعهداته، وكذلك الحكومة المغربية قالت إنها بحاجة لبعض الوقت للتوصل إلى النموذج الأمثل لإدارة هذه المعابر. هذا النموذج يجب أن يراعي قضية السيادة”.
وأشار المتحدث إلى أن “المغرب لن يقبل باعتبار حدود شينغن، أي الحدود مع الاتحاد الأوروبي، كأنها حدود عادية، فالأمر ليس كذلك ولا يتعلق بمناطق عادية من التراب الإسباني، وإنما بمناطق مغربية ومتنازع بشأنها مع إسبانيا”، مؤكدا أن “المغرب يرفض أن تعود هذه المعابر إلى سابق عهدها وتكون نقطا سوداء تغرق المغرب والاقتصاد المغربي ببضائع التهريب، ويريد أن تكون هناك ضوابط قانونية وتسيير يحمي حقوق الإنسان ويحمي كرامة الأشخاص الذين يمرون من هذه المعابر”.
“حساسية مفرطة”
عبد الرحمن فاتيحي، مختص في الشأن الإسباني، قال إن “تحديد موعد فتح الحدود يبدو قريبا، ولكن المغرب متمسك بشروطه التي تحافظ على سيادته في هذه النقطة”، موضحا أن “الصحافة بالثغور المحتلة تواصل مساعيها للضغط على خارجية إسبانيا لأجل الإسراع في التفاوض مع المغرب بخصوص هذا الملف، بعدما اتضح أن الاقتصاد بهذه المناطق المحتلة هوى إلى درجات لافتة دفعت إلى المطالبة دائما بإعادة فتح الحدود”.
وأشار فاتيحي، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “المغرب أعلن أنه ملتزم بخارطة الطريق التي جرى التوقيع عليها في 7 أبريل 2022 حين التقى رئيس الوزراء بيدرو سانشيز مع الملك محمد السادس، ولكن باعتباره بلدا ذا سيادة، فكلمة المغرب محورية في تحديد موعد افتتاح مكتب للجمارك التجارية بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين”، مبرزا أن “إسبانيا تعي جيدا أنها ستستفيد من فتح الحدود اقتصاديا وأيضا سياسيا، لكون الإغلاق يشكل سببا للمزايدات في الجارة الشمالية”.
وخلص المتحدث إلى أن “الرأي العام الإسباني يراهن على فتح الحدود، لكون هذا الموضوع تصدر النقاشات لمدة طويلة، وتم إجراء العديد من التجارب التي أفضت إلى مجموعة من المعطيات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار لفتح الجمارك التجارية في الثغرين”، منبها إلى أن “هذا الموضوع يتمتع بحساسية عالية لدى الديبلوماسية المغربية، لذلك هي تواصل النظر بنوع من الروية في هذا الموضوع، لكونه أضر كثيرا بالاقتصاد الوطني”.