أخبار العالم

“المستهلك” تثمّن فرض معايير جديدة على شركات السجائر وتنتظر تفعيل المراقبة



رغم أن المغرب يتوفّر على نصوص تنظيمية “متقدّمة” في ما يخص تنظيم صناعة وتسويق السجائر الكلاسيكية المستوردة والتدخين في الأماكن العمومية، منذ عقود، فإنه لم يعمد إلى تطبيق بعض المقتضات إلا حديثا، بعدما أعلنت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة أن “تحديد المستويات القصوى للقطران والنيكوتين وأول أكسيد الكربون في السجائر المعروضة للبيع في السوق المغربية سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 2024”.

هذا القرار الذي ورد في المرسوم رقم 2-21-235 الصادر بتاريخ 18 شتنبر 2021 كانت جمعيات حماية المستهلك تنتظر تنزيله، وهو ما خلق نوعاً من الارتياح لديها بخصوص “حماية الصّحة العامة نسبيّا”، بما أن “القضاء على التّدخين يعدّ مهمة شبه مستحيلة، نظرا لتفشي الإدمان في المغرب”. لكن الفعاليات سالفة الذكر تستفسر بخصوص المراقبة، رغم أن بلاغ الجمارك كان واضحا في قوله: “المرسوم يعين إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة كإدارة مسؤولة عن مراقبة محتويات السجائر المستوردة أو المنتجة محلياً”.

قرار إيجابي، ولكن…

أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين”، قال إن “المعايير الجديدة التي وضعتها السلطات المغربية كانت مطلبا قديما استجابت له، بهدف مطابقة محتويات السجائر من المواد الكيماوية مع المعايير الدولية المعمول بها”، مؤكدا أن “الخطوة التي اتخذتها الجمارك إيجابية، لأنه من الصعب الحد من التدخين، لأن له عوائد اقتصادية مهمة مساهمة في الاقتصاد الوطني، كما أن الإدمان عليه موجود بقوة في المغرب؛ وهذا واقع”.

بيوض أضاف، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الذي ينقص هذا القرار هو أن تبرز لنا السلطات المغربية كيف يمكن مراقبة مدى مطابقة السجائر المستوردة مع هذه المعايير الجديدة”، وزاد موضحا: “إلى حدود الآن ليس لدينا في المغرب مختبر أو هيئة لتفكيك السّجائر التي نستوردها لمعرفة المحتويات الحقيقية من النيكوتين والقطران والكربون، وبالتالي هل سنكتفي بمعطيات الشّركات المُصنعة التي ترفقها مع الشحنات المعدة للتصدير نحو المغرب؟”.

وأكد المتحدث عينه أن “فرض احترام الحدود القصوى للمواد الكيميائية الّثلاث في السجائر خطوة إيجابية لا غبار عليها، لكن المراقبة تستوجب تقديم توضيحات بشأنها”، مردفا: “يمكن أن تكون للجمارك آلياتها التي تتبين بها، لكننا كفاعلين في حماية المستهلك ننتظر أن نتوفر على إضاءات بشأنها تساعدنا على الفهم أكثر”، وتابع: “نحن نعتبر أن تصريح الجهة المصدّرة غير كاف، لكون العديد من المنتجات التي يتم توجيهها إلى خارج السوق الأوروبية أو الأمريكية تكون أقل قيمة من تلك التي يجري تسويقها في بلدان صناعتها”.

وشدد الفاعل المدني ذاته على أن تكون هذه المعايير “فرصة ليجتهد المشرع المغربي لإصدار المراسيم التنظيمية المتعلقة بتنزيل القانون رقم 15.91 المتعلق بمنع التدخين والإشهار والدعاية للتبغ على أرض الواقع، خصوصا مادته الرابعة التي تنص على منع التدخين في الأماكن العموميّة”، مؤكدا أنه “يمكن خلق فضاءات خاصة بالتدخين، بما أن القانون يقصد تفادي التدخين في كل مكان معد للاستعمال الجماعي، وكل مرفق عمومي، وكذا المؤسسات العامة والمكاتب الإدارية”.

“قرار منتظر”

طارق البختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، أفاد من جانبه بأن “الأصل في كلّ قرار رسمي هو حماية الصّحة العامة، لاسيما أن النّسب المرتفعة من القطران والنيكوتين والكربون كانت مسبّبة لسرطانات قاتلة وأمراض تنفسية عديدة”، موضحا أن “هذا القرار كان منتظرا لكي نستطيع تكييف السجائر المستوردة أو المصنعة محليا مع المعايير الدولية لضمان المنافسة، مع أن المراقبة مازالت صعبة”.

وأوضح البختي، ضمن إفادات قدمها لجريدة هسبريس، أن “هذا القرار سيرفع اليقظة لمكافحة التهريب وتشديد المراقبة على الشركات التي تصنع السجائر محليّا”، مسجلاً أن “التّحايل سيكون منتشراً، كأن يتم احترام المعايير في كمية وانتهاكها في كميات مخفيّة وسط البضاعة المستوردة أو الموجهة للسوق؛ لذلك فالحل هو تشديد الخناق على الشركات لتحترم هذه المعايير، وبالتالي ضمان أن تتجه للسوق وفق الشروط التي تنص عليها السلطات المغربية”.

وأجمل المتحدث ذاته بأن “المدمن صار يشعر بأن نسب المواد الكيماوية في السيجارة غير كافية، وهو ما قد يدفعه للاستهلاك من السوق السوداء أو من المنتجات المهربة، فهذه المواد تظل مرغوبا فيها”، مردفا: “يجب أن نتعامل مع ذلك بالرفع من التوعية والحد من إمكانات تسرب منتجات لا تحترم المعايير إلى الأسواق”، كما أشار إلى أن “القرار الذي تم سنه يستدعي الرفع من درجة الترصد لدى المصالح، سواء الجمارك أو إدارة مراقبة التراب الوطني والأمن الوطني”.

وكانت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة أوضحت أمس في بلاغ لها أن “المستويات القصوى حددت في 10 مليغرامات بالنسبة للقطران، و1 ملغرام بالنسبة للنيكوتين، و10 مليغرامات بالنسبة لأول أكسيد الكربون، وبالتالي يمنع تسويق السجائر التي تحتوي على نسب تفوق هذه المستويات”، مؤكدة أنه “من أجل التأكد من مطابقة السجائر المعروضة بالسوق المغربية لهذه المعايير الجديدة يجب ابتداء من فاتح يناير 2024 أن ترفق جميع عمليات عرض استهلاك السجائر المستوردة أو المنتجة محليا بنتائج التحاليل المخبرية المنجزة من طرف المختبرات المعتمدة المختصة في هذا المجال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى