العدالة الانتقالية لم تف بـ”عدم التكرار”
كشف أحدث تقارير الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أنه رغم مرور 17 سنة على انطلاق عملية “العدالة الانتقالية” فإن الملفات التي لم تتم معالجتها إلى الآن ووضعت خارج الأجل قد تجاوزت 30 ألف ملف، كما تستمر “مطالب إنصاف العديد من المجموعات، وبالأخص مجموعة تازمامارت”.
وفي التقرير السنوي المقدم، الأربعاء، بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالعاصمة الرباط، سجلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أنه رغم وعود عدم التكرار، فإن “الانتهاكات الجسيمة” تكررت بعد الأحداث الإرهابية في 16 ماي 2003 بالدار البيضاء و”ما صاحبها من اعتقالات شملت الآلاف ممن سمو بالسلفية الجهادية”، كما “استمرت الانتهاكات، لتشمل المدافعين عن حقوق الإنسان؛ أمثال إدريس السدراوي ومحمد المديمي وغيرهما، ونشطاء الحركات الاحتجاجية الاجتماعية بالمدن والقرى، وضمنهم نشطاء الريف، ونشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونان سعيدة العلمي ورضا بنعثمان على سبيل المثال، وملف محمد باعسو بمكناس الذي طبع بطابع أخلاقي”.
وفي مجال حرية تكوين الجمعيات، رصد التقرير “استمرار التلكؤ في تسليم الوصولات المؤقتة فورا، وعدم تمكين العديد من الجمعيات الحقوقية من وصولات الإيداع”، واستحضرت حالة فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان “على سبيل المثال فقط”.
وحول “حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة”، سجل التقرير الحقوقي السنوي “استمرار محاكمة الصحافيين والمدونين بمقتضى القانون الجنائي وليس بقانون الصحافة (…) عدم التناسب ما بين الغرامات في الأحكام ذات الصلة بالصحافة والنشر، وضعف الضمانات القانونية لممارسة الحق في الوصول إلى المعلومات، واحتكار الدولة المغربية لوسائل الإعلام العمومية”.
وذكر التقرير أنه “رغم أن ممارسة التعذيب بالمغرب ليست سياسة ممنهجة” فإن “وضعية السجناء كارثية نتيجة قلة الأطر والموظفين، وسوء ظروف إقامة السجناء، نظرا للاكتظاظ الناتج عن استمرار الاعتقال الاحتياطي بشكل مقلق، مع ما ينتج عن ذلك من تأثيرات سلبية على كل مناحي العيش بالسجون؛ من حيث التغذية، والنظافة، والاستحمام، والفسحة، والزيارة، والتطبيب، ومتابعة الدراسة”.
ومن بين ما اهتم به تقرير وضعية الحقوق بالمغرب هذه السنة “استمرار المضاربات العقارية؛ مما يشجع البناء العشوائي، وانتشار الفقر، واستحالة التوفر على شقة حتى من الموظفين والعمال نظرا للمضاربات” التي يساهَم فيها رسميا عبر “مؤسسة العمران”.
كما استنكر “الانتهاكات الخطيرة لحقوق العمال”، وأوصى بالتخلي عن “محاولة فرض قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب يكون هدفه تكبيل الحق الدستوري في الإضراب”.
وبالنسبة لتصنيف المغرب المتدني في سلم التنمية البشرية، ذكر التقرير أن “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي قدمت كوصفة لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، كانت نتائجها ضعيفة إلى حد الآن باعتبار تراجع المغرب في سلم التنمية البشرية؛ مما يبرز أن بلادنا لا تزال محتاجة إلى مقاربة جديدة في مجال التنمية تنسجم مع معايير حقوق الإنسان، مع لجنة تحقيق في الأموال المبذرة دون تحقيق أية نتيجة ملموسة”.
وعبّر التقرير عن قلقه من “التزايد المقلق لجرائم الاغتصاب، خصوصا في صفوف الفتيات”، مع ذِكره أن “الاستغلال الجنسي للأطفال يتفاقم في إطار ما يسمى بالسياحة الجنسية، حيث تنشط الإجرامية المتاجرة في الأطفال، فضلا عن استغلالهم الاقتصادي في الحقول والمعامل والصناعة التقليدية وخدمة البيوت”.