حرب غزة: “ديون في ديون” معاناة الطلبة الغزيّين في مصر
- Author, مروة جمال
- Role, برنامج غزة اليوم – بي بي سي
لم تقتصر معاناة الغزيّين من الحرب التي يشهدها قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على من يعيشون في القطاع فحسب، بل امتدت تأثيراتها إلى الغزيّين الذين يوجدون خارج القطاع، ومن بينهم الموجودون في مصر.
ومنذ بداية الحرب، شددت السلطات الإسرائيلية الحصار على قطاع غزة، ومنعت الخروج منه، باستثناء الحالات المرضية الحرجة وحملة جوازات السفر الأجنبية الذين يتم الموافقة على خروجهم من قبل السلطات الإسرائيلية، أما الدخول إلى القطاع فقد أبلغت السلطات المصرية الفلسطينين العالقين في مصر والراغبين بالعودة الطوعية إلى القطاع، بفتح المعبر خلال فترة أيام الهدنة التي اتفقت عليها حركة حماس وإسرائيل نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين يُمنع الدخول إلى القطاع خارج فترات الهدنة.
وفي ظل هذه الإجراءات وإغلاق المعبر خارج فترات الهدنة، تقطعت السبل بعدد من الغزيّين في الخارج، لا سيما الطلبة، الذين انقطعت عنهم كذلك التحويلات المالية من داخل القطاع، وهو ما جعلهم يعيشون معاناة كبيرة رغم ابتعادهم عن القصف.
وأطلق العديد من الطلاب الفلسطينيين الوافدين إلى مصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المناشدات لإعفائهم من المصروفات الدراسية مراعاة لظروف ذويهم المادية في القطاع.
يقول أمير محمد سليمان، وهو طالب غزّي يدرس في كلية الطب جامعة الزقازيق، لبرنامج “غزة اليوم” عبر راديو بي بي سي عربي، إن بعض الأهالي في قطاع غزة كانوا يدخرون أموالاً ويخصصونها لتعليم أبنائهم في مصر، لكن مع اندلاع الحرب واستمرارها طوال هذه المدة اضطروا لإنفاق كل ما يدخرونه بسبب “التضخم الرهيب” في أسعار السلع نتيجة عدم توفرها.
ويضيف أمير أن الأهالي أصبحوا غير قادرين على دفع الرسوم الدراسية لأبنائهم أو مصاريفهم الشخصية، مناشداً السلطات المصرية بإعفاء الطلاب الفلسطينيين من الرسوم الدراسية، تقديراً للأوضاع التي يعيشونها في ظل الحرب الحالية.
ويشير أمير إلى أن السلطات المصرية ومنذ بداية الحرب، قررت تخفيض رسوم الطلبة الفلسطينيين لاستكمال تعليمهم الجامعي في مصر بنسبة 50 في المئة، إلا أن القيمة بعد التخفيض مازالت مرتفعة، إذ تبلغ قرابة 3 الآف دولار، مضيفا أن هناك مصروفات أخرى يحتاجون إليها، وتبلغ في مجملها ما بين 15 ألفاً إلى 20 ألف جنيه مصري (485 إلى 650 دولار).
أما حازم ناجي، الذي يدرس بكلية طب الأسنان في جامعة عين شمس، فلخص معاناته بجملة واحدة: “ديون في ديون”، مضيفا : “منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصبحت الطريقة الوحيدة التي يدبر بها الطلاب الفلسطينيون أمورهم هي الاستدانة من معارفهم”.
وأوضح حازم أن كل الأموال التي كانت تصلهم من قطاع غزة، انقطعت بالكامل منذ بداية الحرب، موضحاً أنه كفلسطيني مغترب، يحتاج لـ 200 دولار شهرياً على الأقل لتغطية مصاريف المعيشة والسكن فقط، ناهيك عن الاحتياجات الأخرى.
وأضاف أن تكاليف المعيشة أصبحت مرتفعة جداً على الطلاب الفلسطينيين، إذ ارتفع إيجار الشقة السكنية “الذي كان منذ أقل من عام يبلغ 10 آلاف جنيه مصري (قرابة 325 دولار) إلى ما يتراوح بين 20 و30 ألف جنيه مصري (650 و970 دولار)”.
الأزهر يستجيب
وقال حازم، الذي كان يعيش في خان يونس في قطاع غزة، إن الأوضاع في القطاع كانت سيئة جداً منذ فترة ما قبل الحرب، إذ انخفض عدد الطلبة الغزيّين الوافدين إلى مصر بشكل كبير خلال العام الجاري، بسبب “الظروف المعيشية الصعبة” التي كان يعيشها أهالي غزة حتى قبل اندلاع الحرب، موضحاً أن الأهالي كانوا يوفرون المصروفات بصعوبة شديدة، “أما الآن فالوضع تأزم للغاية”.
واختتم الطالبان حديثهما مع بي بي سي بتوجيه مناشدة للسفارة الفلسطينية في القاهرة ووزارة التعليم العالي المصرية للاستجابة لمطالب عدد من الطلاب الفلسطينيين الوافدين للدراسة في مصر، والذين يقدر عددهم بستة آلاف طالب – بحسب وزارة التعليم العالي المصرية – ولإعفائهم من الرسوم الدراسية حتى تنتهي الحرب في قطاع غزة، على أقل تقدير.
واستجابة لتلك المناشدات، قرر شيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، إعفاء الطلاب الفلسطينيين من المصروفات الدراسية بجامعة الأزهر.
وتتعامل السلطات المصرية مع الطلبة الفلسطينيين على نحو خاص منذ فترة ما قبل الحرب الحالية، إذ قررت في يونيو/حزيران الماضي، تخفيض الرسوم الدراسية بنسبة 50 في المئة لكافة الطلبة الفلسطينيين الدارسين في الجامعات المصرية.
وحاولت بي بي سي الحصول على رد من السفارة الفلسطينية في مصر، لكنها امتنعت عن التعليق، كما حاولت التواصل مع وزارة التعليم العالي المصرية، إلا أن الدكتور عادل عبدالغفار، مستشار وزير التعليم العالي، قال إن إعفاء الفلسطينيين بشكل كامل من الرسوم الدراسية، هو اختصاص أصيل للمجلس الأعلى للجامعات المصرية، مؤكداً أن المجلس “سيناقش المناشدات خلال الأسبوع الجاري”.