نشطاء مغاربة يطالبون بـ”تمييز إيجابي” في المناطق المهددة بالخصاص المائي
كان تلقّي تشخيص وضعيّة الماء التي قدمها نزار بركة، وزير التجهيز والماء، مختلفاً عند ساكنة المناطق التي يعدّ “العطش” ملازما لوجودها في السنوات الأخيرة، لاسيما خلال فترات ارتفاع درجة الحرارة؛ فزاكورة وطاطا، مثلاً، وجد أهاليهما أن “المرحلة الخطيرة التي بلغناها”، وفق توصيف وزير الماء، هي “كابوس جديد سيؤرق بال الساكنة التي عانت خلال السنوات الأخيرة بسبب الجفاف الحاد”.
وقال المسؤول الحكومي: “لم نكن نتصور أن نصل إلى هذا الحد، الذي كان له وقع سلبي على نسبة ملء السدود التي لا تتجاوز 23.5 بالمائة، بتراجع وصل إلى 7 نقط مقارنة مع السنة الماضية”، الأمر الذي يحيل إلى أن السيناريوهات المتكررة سنويا بخصوص معضلة “العجز المائي” في مناطق الجنوب والجنوب الشّرقي ومناطق أخرى بالمغرب، ستظلّ “طقسا صيفيّا قاسيّا”، وفق تعبير فعاليات مدنية.
زاكورة تتخوّف
محمد لمين لبيض، حقوقي بمنطقة زاكورة، قال إن “الساكنة بمناطق الجنوب الشرقي، وخصوصاً زاكورة، استقبلت الأنباء الرسمية المتعلقة بأننا دخلنا مرحلة الخطر الشديد في ما يخص الموارد المائية، بترقب شديد”، موضحاً أن “الوضع المائي بهذه المدينة كان دائما كارثيا، ما يعني أن المزيد من التدهور للمخزون الوطني من الماء لا يجعل الحل ممكنا في أفق الزاكوريين وغيرهم”.
وأضاف لبيض، في تصريح لهسبريس، أن “زراعة الدلاح تحتاج منعاً تامّا الآن بعد هذه الأخبار، خصوصا وأن القرارات العاملية لم يتم احترامها خلال السنة الماضية بسبب التّحايل والتلاعب، ما أدى إلى المزيد من الاستنزاف للفرشة المائية”، مؤكداً أن “إقليم تنغير مازالت فيها أودية حيّة سارية الجريان، ومع ذلك جرى منع زراعة الدلاح فيه، في وقت هناك ضرورة ملحة لوقف هذه الزراعة أيضا في إقليم زاكورة بسبب الوضع المتدهور للاحتياطات المائية”.
وسجل الفاعل الحقوقي ذاته أن “حقّ سكان المنطقة في الماء يتعيّن على الجهات الرّسمية أن تحرص عليه، لأن العديد من النقاط على مستوى عمالة زاكورة يتم تزويدها الآن بالماء من خلال الشاحنات الصهريجية كجماعات ترناتة والروحا وفزواطة وكتاوى ومزكيطة وتينزولين وتمزموط”، منبها إلى أن “واحات النّخيل بدورها صارت تحتضر، والإرث السّوسيو-ثقافي الخاص بها تضرر بشكل مخيف بسبب النقص المائي”.
وألحّ المتحدث على أن “تحرص السياسة المائية المغربية على التمييز الإيجابي للمناطق التي تضررت من الجفاف، لاسيما على مستوى الماء الصالح للشرب”، لافتاً إلى أن “ثمة حاجة عاجلة لإعادة النظر في بعض الزراعات المستنزفة للماء حمايةً لحصص الأفراد من الماء التي تضررت بشكل كبير، وأصبحت تبلغ مستويات جد متدنية على مستوى الجنوب الشرقي بالتّحديد”.
معضلة العطش بطاطا
من جانبه، سجّل الفاعل المدني بمدينة طاطا مصطفى آيت بنعلي أن “الوضع الذي بلغته الفرشة المائية بطاطا في السنوات الأخيرة كان مصدر قلق دائم بالنسبة للساكنة ولكل الفعاليات”، مؤكدا أن “ما أعلن عنه رسميا من طرف الحكومة مؤخراً زاد من حدة المخاوف، نظراً للتراكم الذي عاشته الساكنة بسبب العطش، بحيث في العديد من المرات لم تتوفّر إمدادات كافية بالنّسبة لأهالي المنطقة”.
ودعا آيت بنعلي بدوره إلى أن “تكون هناك سياسة رسميّة حازمة في التخطيط الفلاحي على المستوى الوطني، خصوصاً في التعامل مع الزراعات الموسميّة التصديرية التي استنزفت الفرشة المائيّة”، مشدداً على أن “المياه التي تزود بها الساكنة ببعض المناطق التابعة لطاطا، تعرف ارتفاعا في نسبة الملوحة، كما أن الانقطاعات تتكرر كل صيف، وهو ما خلق مخاوف أن تصبح هذه الانقطاعات شيئا يوميّا بسبب نقص حقينات السدود على المستوى الوطني”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الوضع بخصوص نقص الموارد المائيّة سيكون مضاعفاً بالمناطق التي شهدت ضرراً في السّابق، مثل طاطا وزاكورة وباقي مناطق الجنوب والجنوب الشرقي وتاونات”، مسجلا أن “تسريع أوراش تحلية مياه البحر يعد الآن ضرورة استراتيجية لكي يعود الاطمئنان إلى الساكنة، لا سيما وأن السلم الاجتماعي بهذه المناطق رهين بشكل أساسي بتوفر مياه كافية”.