تفاصيل حرق جثة امرأة ضواحي الجديدة
أعادت عناصر الدرك الملكي بكل فصائلها التابعة لجهوية الجديدة، اليوم الخميس، بحضور ممثل النيابة العامة المختصة بمحكمة الاستئناف بعاصمة دكالة، تشخيص ارتكاب جريمة قتل فتاة وحرقها، تحت حراسة أمنية مشددة، من قبل مشتبه فيه خمسيني، والتخلص منها في مكان خلاء بالقرب من دوار النواصرة التابع للنفوذ الترابي لجماعة الحوزية بجهة الدار البيضاء-سطات.
في البداية، جرى تطويق مكان الحادث بعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، وحضور ممثل النيابة العامة المختصة وكبار مسؤولي الدرك الملكي بجهوية الجديدة وممثلي السلطة المحلية بالحوزية، حيث أحيط شريط بمسرح الجريمة أمام تجمهر عدد من ساكنة دوار النواصرة لتتبع لقطات من تمثيل الجريمة التي كسرت هدوء المنطقة يوم الجمعة الماضي، والتي تزامنت مع جريمة ثانية بمدينة الجديدة بحي السلام جناح البستان، حيث حددت هوية المشتبه فيه بارتكابها في انتظار إيقافه.
شعوذة وجنس
حسب ما استقته هسبريس من مكان الحادث، فإن المشتبه فيه، البالغ من العمر 59 سنة، قدم من منطقة الشمال واستقر بدوار الغضبان بالجماعة الترابية مولاي عبد الله نواحي الجديدة، ثم انشغل باستدراج عدد من الضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مدعيا قدرته على جلب الحبيب والسعادة وكثرة الرزق ودفع النحس والعين والعنوسة، باعتماد طاقاته الروحانية والسحر والشعوذة، حيث كان يستقبل زبائن أغلبهم من النساء.
واستغل المشتبه فيه معرفته بالهالكة الساكنة بالدار البيضاء قيد حياتها، وكسب ثقتها قبل أن يربط معها علاقة غير شرعية، وتعودت على زيارته، بين الفينة والأخرى، إلى أن بدأ يشك في تصرفاتها ويتسرب إليه هاجس خيانتها له، حيث دخل معها في ملاسنة كلامية قبل فجر يوم الجمعة الماضي، بمقر سكنه بدوار الغضبان الشعبي بمولاي عبد الله نواحي الجديدة، انتهت بالإجهاز عليها وإسقاطها جثة هامدة.
التخلص من الجثة
بعدما تيقن المشتبه فيه من إزهاق روح خليلته، جلس برهة من الزمن جانب الجثة، يفكر في طريقة للتخلص منها وطمس معالم الجريمة وتمويه المحققين والنجاة بنفسه من المسؤولية الجنائية، حيث قرر نقل الجثة على متن سيارة خفيفة خاصة كانت في حوزته وسلك ممرات وطرقا غير معبدة، بعيدا عن أنظار الناس وكاميرات المراقبة والسدود القضائية بحكم درايته بالمنطقة.
قطع المشتبه فيه ما يفوق 30 كيلومترا، على متن سيارته واضعا جثة خليلته في الصندوق الخلفي للعربة، حتى وصل إلى دوار النواصرة بالجماعة الترابية الحوزية، تزامنا مع صلاة فجر يوم الجمعة الماضي. وبعد تأكده من خلو المكان، توقف وأنزل جثة الهالكة، وسكب عليها كمية من البنزين الذي كان بحوزته، ثم أضرم النار في جثة الهالكة، جانب قنطرة الطريق السيار الرابطة بين الدار البيضاء والجديدة، ثم غادر المكان عائدا إلى منزله بمولاي عبد الله.
استنفار أمني
في صباح يوم الجمعة الماضي بعد صلاة الصبح بدقائق، كان أحد الشبان مارا من الطريق بالقرب من دوار النواصرة جماعة الحوزية، متجها نحو مقر عمله بإحدى المقاولات السياحية، قبل أن يلمح بصره قبسا من نار، بالقرب من القنطرة، حيث تقصى الأمر ليتفاجأ بوجود جثة آدمية في نهاية احتراقها.
سارع الشاب نحو عدد من المصلين الذين كانوا قد أدوا فريضة الصبح، وأخبرهم بالواقعة الغريبة عن المنطقة، قبل أن يتأكد المواطنون من أن الحادث جريمة قتل وحرق لجثة آدمية مجهولة؛ وهو ما دفعهم إلى إشعار السلطة المحلية بالمنطقة، والتي أخبرت بدورها المركز الترابي للدرك الملكي بالحوزية، حيث استنفرت جهوية الدرك بالجديدة جميع سرياتها ومراكزها القضائية والترابية، فضلا عن مختصين في التشخيص القضائي.
انتقل فريق من المحققين وأفراد تابعون للتشخيص القضائي إلى مكان الحادث بعد إشعار النيابة العامة المختصة بالجديدة، حيث جرت معاينة الجثة ومسح محيط الجريمة وحجز كل ما يفيد في فك طلاسمها وتوجيه الجثمان نحو المشرحة بمستشفى محمد الخامس بدكالة، الذي أكد تعرض الهالكة قيد حياتها للعنف والاعتداء المؤدي إلى الموت قبل الحرق.
عملت عناصر الدرك الملكي على توسيع دائرة البحث الأولي ونسقت مع عناصر الأمن الوطني بالجديدة، ورجعت إلى كل الشكايات الموضوعة لدى مختلف الأجهزة الأمنية التي يبسط فيها أصحابها اختفاء أقربائهم في ظروف غامضة، خاصة الإناث باعتبار أن الجثة تعود لامرأة مجهولة في بداية الأمر. وقاد التنسيق الأمني إلى اكتشاف جثة امرأة ثانية كانت صاحبتها موضوع بحث لفائدة العائلة، بحي السلام بمدينة الجديدة، حيث تشابكت الخيوط قبل أن يتم تحديد هوية المشتبه فيه بقتل المهاجرة المغربية بشقة بحي السلام في انتظار إيقافه، مع التأكد من انفصال الجريمتين عن بعضهما.
تقنيات تفك اللغز
قادت الأبحاث الميدانية والتقنية، التي اعتمد عليها المحققون من مختلف الفصائل الأمنية، إلى الوصول إلى مجموعة من الأرقام الهاتفية التي كانت توجد بالمنطقة قبل صلاة الصبح إلى حدود اكتشاف الجثة. كما استمعت الضابطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لإفادات عدد من المواطنين إلى أن جرى فك اللغز بالوصول إلى الرقم الخاص بالمشتبه فيه، الذي كان دائم الاتصال بالهالكة قيد حياتها وكانت معروفة بالتردد على منزله.
بعد رصد المسالك الطرقية التي مر منها المشتبه فيه اعتمادا على تقنيات معلوماتية متطورة وتحديد هويته ومعرفة مكان وجوده، انتقل فريق خاص من القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة إلى مقر سكن المشتبه فيه بدوار الغضبان بالجماعة الترابية مولاي عبد الله، وجرى إيقافه وحجز أداة الجريمة والسيارة التي استعملت في نقل الجثة وإعادة تشخيص ارتكابه الجريمة ووضعه تحت تدبير الحراسة النظرية قبل عرضه على سلطة الملاءمة بالجديدة لاتخاذ المتعين في حقه.