إطلاق نار في براغ: الشرطة تبحث عن دوافع ارتكاب أكبر جريمة قتل جماعي في تاريخ البلاد
بدأت الشرطة في جمهورية التشيك تحقيقاتها لمعرفة الدوافع وراء ارتكاب أسوأ جريمة إطلاق نار جماعي تشهده البلاد، سقط فيها 14 قتيلا إضافة إلى 25 مصابا على يد طالب فتح النار في إحدى جامعات العاصمة براغ.
ودعا الرئيس التشيكي بيتر بافيل، إلى الوحدة في البلاد، وقال إنه “لا يجب استخدام عمليات القتل لشن هجمات سياسية أو نشر معلومات مضللة”.
ومن بين الضحايا، الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم بعد، والد الطالب الذي أطلق النار.
وأعلنت الحكومة التشيكية الحداد الوطني يوم السبت.
وأعرب بافيل عن “حزنه الشديد” و”غضبه العاجز أمام هذه الخسارة غير المبررة في الأرواح”.
وبدأ إطلاق النار يوم الخميس، حوالي الساعة الثالثة مساء بالتوقيت المحلي (الساعة الثانية بتوقيت غرينتش)، في مبنى كلية الآداب بجامعة تشارلز قبالة ميدان جان بالاخ وسط العاصمة التشيكية.
وتأسست جامعة تشارلز عام 1347، وهي أقدم وأكبر جامعة في جمهورية التشيك وواحدة من أقدم المؤسسات المماثلة في أوروبا.
وأطلق المسلح النار على الطلاب في أروقة المبنى وقاعات الدراسة، وكانت عملية قتل بشكل عشوائي على ما يبدو، بينما اختبأ الموظفون والطلاب تحت الأثاث في القاعات.
وتظهر لقطات درامية للحادث على وسائل التواصل الاجتماعي، أشخاصا يتدلون من نوافذ مبنى الجامعة في محاولة للنجاة من إطلاق النار، قبل أن يقفزوا إلى جزء آخر من السطح على بعد عدة أمتار. وما زال في الخلفية أصوات إطلاق نار.
وفي مقطع فيديو منفصل، شوهدت حشود مذعورة وهي تفر من جسر تشارلز التاريخي في المدينة، وهو أحد المعالم السياحية الرئيسية.
وداخل مبنى الجامعة استخدم الطالب جاكوب وايزمان، الكراسي والمكاتب لإغلاق باب قاعة الدراسة، الذي كان فيها مع مدرس عندما بدأ إطلاق النار.
وبعد وقت قصير من إغلاق الباب، قال وايزمان إنه سمع شخصا يحاول فتح الباب. وقال لصحيفة الغارديان: “كان يتجول في كل قاعة دراسة ليرى ما إذا كان هناك أشخاص يطلق النار عليهم”.
وفي النهاية جاءت الشرطة وأخرجت وايزمان ومدرسه، وأضاف: “بينما كنا نخرج، كانت هناك دماء في جميع أنحاء الكلية”.
وتحدثت السائحة الأمريكية هانا ماليكوت، لبي بي سي عن لحظة وجودها وعائلتها في ساحة جان بالاخ أثناء الهجوم.
وقالت: “كان حشد من الناس يعبرون الشارع عندما سمعنا الطلقة الأولى. اعتقدت أنها كانت مثل مفرقعات نارية أو نتيجة مرور شيء ما في سيارة، حتى سمعت الطلقة الثانية وبدأ الناس يركضون”.
وأضافت،”رأيت رصاصة تضرب الأرض على الجانب الآخر من الميدان على بعد نحو 9 أمتار قبل أن تخترق أحد المتاجر. وتم إغلاق المنطقة بأكملها وكانت العشرات من سيارات الشرطة وسيارات الإسعاف تتجه نحو الجامعة”.
وقال جو هايلاند، 18 عاما، من بريطانيا لبي بي سي، إنه سمع 4 طلقات نارية.
وأضاف هايلاند، الذي كان يقضي إجازته الأولى مع الأصدقاء في التشيك: “كان الجميع يركضون بحثا عن مخبأ. أعاني من مشكلة في ركبتي، وأنا أعتمد على عكازين. لذلك تعثرت”.
وأضاف، “وصلنا إلى المترو ونزلنا هناك لأننا اعتقدنا أنه سيكون الأكثر أمانا.”
تقول الشرطة إن المسلح كان طالبا في الجامعة، عمره 24 عاما، وليس لديه سجل إجرامي سابق، لكنها أضافت أنه تم العثور لديه على “ترسانة ضخمة من الأسلحة والذخيرة”.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الجاني يدعى ديفيد كوزاك.
وقبل إطلاق النار، تلقت الشرطة تقريرا يفيد بأن المشتبه به كان متوجها إلى براغ من بلدة مجاورة بنية قتل نفسه.
وأخلى الضباط مبنى جامعيا آخر كان من المتوقع أن يحضر فيه المسلح محاضرة، لكن بعد وقت قصير حضر الطلاب إلى المبنى الرئيسي للكلية القريب.
ويُعتقد أن المسلح، الذي قالت الشرطة إنه “تم القضاء عليه”، قتل والده في مكان منفصل.
وقالت الشرطة إن لديها معلومات غير مؤكدة من حساب على موقع التواصل الاجتماعي تفيد بأنه استلهم الهجوم من حادث مماثل في روسيا، لكنها لم تقدم مزيدا من التفاصيل.
وأضافت أن المسلح المقتول ربما قتل أيضا شابا وطفلته التي لم يتجاوز عمرها شهرين، وعثر عليهما مقتولين في غابة على مشارف براغ في 15 ديسمبر/كانون الأول.
وقالت الشرطة إن من بين 25 شخصا أصيبوا في إطلاق النار، هناك 10 إصاباتهم خطيرة، مضيفة أنه لم يصب أي من أفراد الشرطة.
وقال رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، في بيان إن بلاده صدمت بهذا “العمل المروع”.
وأضاف، “لا توجد كلمات تعبر عن إدانة ما حدث، وعن الألم والحزن الذي يشعر به مجتمعنا بأكمله في هذه الأيام قبل عيد الميلاد”.
وقال إن السبت سيكون يوم حداد، مضيفا أنه سيتم تنكيس الأعلام على جميع المباني العامة وسيكون هناك وقوف دقيقة صمت عند منتصف النهار. وتم إلغاء العديد من الأحداث الرياضية والثقافية.
ومساء الخميس، أشعل الناس الشموع وتركوا الزهور بالقرب من مكان إطلاق النار.
أدى الهجوم إلى واحدة من أكبر عمليات القتل الجماعي يرتكبها مسلح واحد ويسقط خلالها أكبر عدد من الضحايا في أوروبا خلال هذا القرن:
ومن الحوادث المماثلة في أوروبا:
– النرويج، يوليو/تموز 2011: قتل أندرس بهرنغ بريفيك، 77 شخصا في يوم واحد، بدأ الجريمة بزرع قنبلة في سيارة مفخخة أدت إلى مقتل ثمانية في مبنى حكومي في أوسلو، ثم قتل بالرصاص 69 آخرين، معظمهم من المراهقين، في مخيم صيفي على جزيرة تابع لجناح الشباب في حزب العمال الحاكم.
– ألمانيا، أبريل/نيسان 2002: قتل روبرت شتاينهاوزر، 19 عاما، 16 شخصا بينهم 13 مدرسا وتلميذين ورجل شرطة، في مدرسة جوتنبرغ الثانوية للألعاب الرياضية في مدينة إرفورت. وكان قد طُرد من المدرسة في الخريف السابق للجريمة.
– ألمانيا، مارس/آذار 2009: قتل تيم كريتشمر، 17 عاما، حوالي 15 شخصا في حادث إطلاق نار بدأ في مدرسته السابقة في بلدة فينيندن، بالقرب من شتوتغارت. وقتل بالرصاص تسعة طلاب وثلاثة معلمين في المدرسة قبل أن يتوجه إلى بلدة فيندلينغن القريبة حيث أطلق النار على ثلاثة آخرين من المارة.
– سويسرا، سبتمبر/أيلول 2001: دخل فريدريش ليباخر مبنى البرلمان الإقليمي في مدينة تسوغ مرتديا زي الشرطة وأطلق النار على 14 شخصا وأصاب 10 آخرين.
– صربيا، أبريل/نيسان 2013: أطلق ليوبيسا بوغدانوفيتش النار على 13 شخصا، من بينهم صبي يبلغ من العمر عامين، وأصاب زوجته في قرية خارج بلغراد. وكان بوغدانوفيتش من المحاربين القدامى الذين قاتلوا مع القوات الصربية في حرب الاستقلال الكرواتية في أوائل التسعينيات.