“ائتلاف 490” يقرر التخلي عن جمع توقيعات ضد “تجريم العلاقات الرضائية”

يبدو أن قصة حملة “خارجة على القانون”، التي أحدثت “رجة قوية” داخل المجتمع المغربي نتيجة إعلانها في الحمض النووي لتأسيسها أنها “ستُناصر الحريات الفردية بمعناها الكوني”، من المقرر أن تصبح مجرد ذكرى في “النضال الحقوقي المغربي”، بعدما صدر حكم قضائي يرفض مرة أخرى تمكين الجمعية التي تحمل اسم “ائتلاف 490″ من وصل يخول لها تنظيم أنشطتها الترافعية بشكل يستجيب للقوانين الجاري بها العمل.
وكان الحكم، الذي نطق به قسم الاستئناف بالقضاء الإداري بالدار البيضاء منذ أيام والذي لم ينشر بعد، وفق ما أبداه محامي الائتلاف لهسبريس، مؤيدا للحكم الابتدائي الذي صدر في ماي من العام الجاري.
وحسب ما اطلعت عليه هسبريس، فإن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكمت حينها في الشكل بـ”قبول الطلب” وفي الموضوع بـ”رفضه مع إبقاء الصائر على رافعه”.
وعللت المحكمة الإدارية قرارها في ماي المنصرم بكون “المذكرات والوثائق المدلى بها توضح أن المدعية تقدمت لدى السلطة الإدارية المحلية ممثلة في شخص عامل عمالة مقاطعة أنفا بالملف القانوني لتأسيسها دون أن يكون مرفوقا بوصل إيداع التصريح بعقد اجتماع الجمعية مسلم من طرف السلطة المحلية أو بما يفيد طلب التصريح بعقد الاجتماع المذكور؛ وهو ما يشكل إخلالا بالإجراءات القانونية المنصوص عليها”.
وفيما كان قرار الاستئناف الإداري مؤيدا لهذا الحكم الابتدائي، الذي اعتبر الطلب “غير مستند على أساس قانوني”، قالت كريمة رشدي، عضوة “ائتلاف 490″، إن “الجمعية احترمت كافة الشروط والإجراءات الشكلية المنصوص عليها في ظهير تأسيس الجمعيات”، مؤكدة أن “الجمعية رغم ذلك لم تحصل على الوصل المؤقت أو الوصل النهائي؛ وهو ما شكل صعوبة في إجراء العديد من التحركات”.
وأوضحت رشدي، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس، أن “الجمعية بدون وصل لم تستطع أن تفتح حسابا بنكيا ولا تنظيم أنشطة ترافعية كبرى في بعض المؤسسات أو القيام بحجوزات في فنادق لضيوف هذه الأنشطة، نظرا لكون العمل يحتم وضعا قانونيا ضمانا لنجاح أي مبادرة وعدم التشويش عليها”، مسجلة أن “الحكم الابتدائي خيّب آمالنا وجاء الاستئناف ليواصل الخيبة”.
وبما أن “الطبيعة لا تقبل الفراغ”، فإن المتحدثة أبرزت أن “الحاجة إلى تجربة مدنية غير ربحية ستظل مطروحة كرهان لدى أعضاء وعضوات ائتلاف 490″، مؤكدة أنه “في الوقت الحالي ليس هناك مناقشة على مستوى الهياكل بالتفكير في إطار جديد؛ ولكن هذا الالتزام بالدفاع عن الإنسان وعن حريته وحقوقه لن يجعلنا مكتوفي الأيدي، خصوصا في هذه الظرفية حيث تُجرى تعديلات على القانون الجنائي”.
وتأسفت الحقوقية ذاتها على “مآل أزيد من 3 آلاف توقيع جرى جمعها بجهد كبير منذ نونبر 2022، وكان الأفق هو الوصول إلى 4 آلاف”، مضيفة أن “هذه التوقيعات أصبحت، الآن بعد هذا القرار القضائي، بلا مفعول؛ لكون التنظيم الذي ينظمها ويحتضنها لم يُعترف به بشكل رسمي كفضاء مدني للقيام بهذا الدور”.
وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن “صفحات الحركة ستستمر في نشر تصوراتنا، وستظل موجودة في مواقع التواصل الاجتماعي؛ إيمانا منا بضرورة مواصلة التأطير والتحسيس والتعبئة والدفاع عن الحق في الاختلاف وعن الحريات بكافة توقيعاتها، لاسيما الفردية منها”.
وزادت: “لن نستطيع أن نشتغل حاليا بشكل غير قانوني؛ لأن الحكم القضائي كان حاسما في مسار الائتلاف”، لافتة إلى أن “الدفاع عن الحريات يجب أن يكون مؤسسا حتى يكون أكثر فعالية”، منبهة إلى أن “الائتلاف استقبل من لدن وزارة العدل وأبدى مقترحاته.. واليوم، هناك رصيد وهناك أرضية لا بد من الانطلاق منها لضمان تصور مختلف وطرائق جديدة للفعل المدني الحقوقي الذي لا يتخفى، ويدافع بوضوح وجرأة عن حقوق الإنسان بمعناها الكوني”.
يذكر أن حركة “خارجة عن القانون” أثارت، منذ إطلاقها في شتنبر 2019، جدلا كبيرا إثر جمعها التوقيعات إلكترونيا على عريضة تلتمس “إلغاء تجريم كل الأفعال التي تندرج في إطار الحريات الفردية المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي”، لا سيما “الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج”. ولاحقا، في نونبر 2022، بدأ التنظيم ذاته جمع التوقيعات في الواقع تحت شعار “الحبس لا”، لكي تستجيب للشروط التي ينص عليها قانون العرائض.
ولقيت هذه الحركة، التي حازت على “جائزة سيمون دي بوفوار” من أجل حرية المرأة لعام 2020، منذ إطلاقها قبل الجائحة بقليل، “حملات مضادة” رفضت ما اعتبرته “محاولات من بعض المدنيات والنسائيات لفرض نوع من التحديث القسري للمجتمع المغربي”، وأيضا “تشكل نوعا من التغريب والدوس على القيم المغربية”، على الرغم من أن الحركة أفادت دائما أنها “تنتصر فقط للحق في الاختلاف وفي التعايش”.