سد النهضة: أديس أبابا تستضيف محادثات جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد
تستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا السبت جولة جديدة من المفاوضات بشأن سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على فرع النيل الأزرق، والذي تقول مصر والسودان إنه سيؤثر بشكل كبير على حصصهما من مياه النيل.
وذكر مصدر بوزارة الري والموارد المائية المصرية أن جولة المفاوضات الجديدة تستمر لمدة ثلاثة أيام، بمشاركة مسؤولين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، بغرض التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشـأن ملء السد وتشغيله.
وتأتي المفاوضات في إطار الاتفاق الذي سبق أن توصل إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيّ أحمد في يوليو/تموز الماضي – على هامش قمة دول جوار السودان في القاهرة – بشأن إجراء مفاوضات عاجلة للانتهاء من اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر، وهي المُدة التي انتهت الشهر الماضي.
وسبق ذلك آخر جولة من المفاوضات بالقاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي جرت على المستوى الوزاري بحضور الدول الثلاث، من دون الإعلان عن أي تقدم في التوصل إلى الاتفاق المنشود.
وتستعد إثيوبيا للتخزين الخامس للمياه خلف بحيرة السد بعد الانتهاء من الأعمال الخرسانية لتعلية الممر الأوسط، بعد أن كانت قد أعلنت انتهاءها من الملء الرابع في سبتمبر/أيلول الماضي.
وعلى الرغم من توقيع اتفاق مبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا، في 2015، لتحديد آليات الحوار والتفاوض لحل كل المشكلات المتعلقة بالسد بين الدول الثلاث؛ إلا أن جولات المفاوضات المتتالية منذ 2011، فشلت في التوصل إلى اتفاق نهائي بين الدول الثلاث، على آلية تخزين المياه خلف السد وآلية تشغيله.
وكانت إثيوبيا قد أكدت في وقت سابق من هذا الشهرحرصها على التفاوض مع مصر والسودان من أجل إيجاد حل لأزمة سد النهضة، خاصة في ظل هذه المرحلة التي وصفتها بـ “الحساسة ” والتي تشهد اضطرابات في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط.
واستبعد مستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي محمد العروسي، في تصريحات صحفية أدلى بها في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حدوث توافق تام بين إثيوبيا ومصر والسودان خلال الجولة الجديدة من المحادثات.
وقال العروسي: “من الصعب أن نتكهن بنتائج هذه الجولة من التفاوض، ونعتقد بأنها ليست بمهمة يسيرة، وربما نستطيع أن نحرز تقدما في الكثير من الملفات، لكن هذا التقدم لا يعني بالضرورة إيجاد توافق تام، فقد يطول الوقت حتى نصل إلى هذا التوافق”.
ما هو مشروع سد النهضة الإثيوبي؟
بني سد النهضة الإثيوبي على فرع النيل الأزرق في الهضاب الإثيوبية الشمالية، التي يتدفق منها 85 في المائة من مياه نهر النيل، وبلغت تكلفة بنائه 4.2 مليار دولار.
ويقع السد على بعد 30 كيلومتراً إلى الجنوب من الحدود مع السودان ويعد أكبر مشروع سد كهرومائي في أفريقيا. ويمتد بطول أكثر من ميل ويبلغ ارتفاعه 145 متراً، وقد استغرق بناؤه أكثر من 12 عاماً.
وتقارب المساحة السطحية لخزان السد مساحة مدينة لندن الكبرى.
وتريد إثيوبيا من السد أن ينتج الكهرباء لسد احتياجات 60 في المائة من سكانها الذين يفتقرون إلى الكهرباء حالياً.
وهناك آمال بأن يتضاعف انتاج إثيوبيا من الكهرباء في نهاية المطاف بحيث توفر للشركات إمدادات مستمرة من الكهرباء وتعمل على تعزيز التنمية.
وقد يزود السد الكهرباء للدول المجاورة ومن بينها السودان وجنوب السودان وكينيا وجيبوتي وإريتريا.
لماذا تشعر مصر والسودان بالانزعاج من مشروع السد؟
يبلغ تعداد سكان مصر حوالي 107 ملايين نسمة، وهي تعتمد على نهر النيل في الحصول على جميع احتياجاتها تقريباً من المياه العذبة.
وهي تحتاج لمياه النيل من أجل تلبية الاحتياجات المنزلية والزراعية، وخاصة زراعة القطن التي تستهلك كميات كبيرة من المياه.
كما أن مياه النيل تُستخدم لملء بحيرة ناصر في سد أسوان والتي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية.
ويعتمد السودان، الذي يبلغ تعداد سكانه48 مليون نسمة، اعتماداً كبيراً على المياه المتدفقة من نهر النيل.
وترى مصر أن الإجراءات الإثيوبية الأحادية الجانب تنطوي على تجاهل لمصالح وحقوق دول المصب وأمنها المائي.
وتذهب إلى القول إن تخفيض كميات المياه المتدفقة في النيل بنسبة 2 في المائة سينجم عنه خسارة 200 ألف فدان من الأراضي الزراعية المروية.
كما أن مخاوف مصر تتعلق بمواسم الجفاف، حيث تخشى من أن تقوم إثيوبيا بملء خزان السد بالماء لزيادة طاقتها على توليد الكهرباء، بدلاً من أن تترك المياه لتتدفق في مجرى النيل باتجاه دول المصب.
وكانت إثيوبيا قد ملأت السد بالمياه خلال ثلاث سنوات رافضة الموقف المصري الذي يقول إن عملية ملء السد يجب أن تستغرق ما بين 12-21 عاماً.
وعلى الرغم من أن السودان متضرر كمصر من انخفاض منسوب المياه في النيل، إلا أن رده على موضوع السد كان مقيداً بالصراع الدائر في البلاد.
`هل يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل السد؟
كان السد مصدر خلاف بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى منذ بدء بنائه في 2011.
وكانت اتفاقيتا تقاسم مياه النيل اللتان وقعتا في 1929 و 1959 قد منحتا مصر والسودان حقوقاً في جميع مياه النيل تقريباً.
ومنحتاهما أيضاً الحق في رفض مشروعات دول المنبع (مثل إثيوبيا) التي من شأنها أن تحرمهما من حصصهما من المياه.
من جانبها، قالت إثيوبيا إنها لن تكون ملزمة بهذه الاتفاقيات القديمة، وقررت البدء ببناء السد خلال فترة انتفاضات ما عرف بالربيع العربي، عندما كانت هناك اضطرابات سياسية في مصر.
وفي 2015، وقعت مصر والسودان وإثيوبيا على اتفاق جديد، لكن المحادثات حول كيفية استخدام إثيوبيا لمياه النيل في ملء السد تكرر فشلها.
وفي 2019، حذرت مجموعة الأزمات الدولية- وهي منظمة تعمل على منع الحروب- من أن إندلاع صراع مسلح بسبب السد هو احتمال واقع.
وتدخلت الولايات المتحدة في 2019 في محاولة للتوصل إلى اتفاق بين مصر وإثيوبيا ولكن دون تحقيق نجاح كبير.