أخبار العالم

الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يكرس عزلة البوليساريو والدبلوماسية الجزائرية



عرف شهر دجنبر “تحركا ملحوظا” في ملف الصحراء المغربية، تجديد أوروبي وأمريكي لدعم مبادرة الحكم الذاتي، واجتماعات مكوكية في مقر بعثة المينورسو، وفتح القنصليات بالأقاليم الجنوبية يواصل جذب الدول الإفريقية.

وشكلت الندوة الصحافية التي جمعت إيمانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، ونظيره المغربي، ناصر بوريطة، الإعلان الأول عن التوجه الأساس للجارة الشمالية منذ تشكيل الحكومة بخصوص ملف الصحراء؛ وهو مواصلة دعم الحكم الذاتي.

وفي ألمانيا، كانت برلين واضحة من جديد بخصوص دعمها للمقترح المغربي في الملف، بعد محاولة جبهة البوليساريو التشويش على الموقف الألماني المعبر عنه منذ سنة 2022، والذي ساهم في عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي.

أما بلجيكا، فهي الأخرى قد جددت دعمها للمقترح المغربي على لسان المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية، وفي إفريقيا تعتزم البنين فتح قنصلية لها في مدينة العيون.

تجديد دعم الحكم الذاتي كان أيضا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان نائب مساعد وزير الخارجية، جوشوا هاريس، وذلك من قلب الجزائر، في سياق جولة مفاوضات هي الثانية من نوعها.

التحرك الأمريكي والذي يعتبر الفاعل الخارجي “الأهم” في القضية، كون واشنطن هي “صاحبة القلم” في قرارات مجلس الأمن حول الصحراء، لم يكن سياسيا فقط، بل عسكريا، إذ عقد وفد عسكري أمريكي تابع لسفارة واشنطن بالرباط اجتماعا مع قيادات بعثة الأمم المتحدة بالصحراء المغربية (المينورسو)، حول موضوع “الإشكالات والإكراهات التي تواجه عملية حفظ السلام بالمنطقة”.

قيادة المينورسو كانت على وقع استقبالات متكررة للوفود العسكرية الأجنبية، إذ حل وفقد ألماني في اجتماع مماثل، يبحث الموضوع نفسه، وهو بحث “الإشكالات التي تعيق عمل البعثة في المنطقة”.

البعثة الأممية ذاتها طارت في وقت سابق إلى الجزائر من أجل تباحث موضوع “تفجيرات السمارة” مع قصر المرادية؛ وهو ما يفسر نوعا ما التحرك الأمريكي الحالي في المنطقة، والذي شمل أولا الجارة الشرقية.

ويبدو أن المغرب يستعد لحشد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي في ظل التطورات والتحركات التي يعرفها ملف الصحراء، تزامنا مع الأحداث الإرهابية التي مست مدينة السمارة، والتي شدد بعدها عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة، على وجود رد مغربي.

خطر التمدد الروسي

الطرح يقاربه أحمد نور الدين، خبير سياسي، من مؤشرات خمسة، إذ قال إن “التحرك الأمريكي والأوروبي في الملف جاء بعد قلق من واشنطن من إمكانية توغل فاغنر في المنطقة، خاصة بعد خروج “المينوسما” من مالي”.

وأضاف نور الدين لهسبريس أن “المؤشر الآخر هو وجود اقتناع دولي بأهمية المقترح المغربي للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، خاصة بعد التجاوزات التي قامت بها الجزائر مع إسبانيا منذ إعلان دعم الحكم الذاتي في الصحراء”.

واعتبر الخبير السياسي ذاته أن “التحرك الأمريكي، وفي ظل قلقه من الوضع الإقليمي واستشرائه إلى منطقة الصحراء، يحاول إقناع الجزائر بأهمية الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، والتوقف عن التصعيد؛ لأن المنطقة لا تستطيع تحمل الحرب، ولا يمكن أن يتم إعطاء الفرصة لروسيا للدخول عسكريا”.

وفي هذا الشق، شدد المتحدث ذاته على أن “هنالك تخوفا أمريكيا واضحا من توغل روسيا في المنطقة، خاصة بعد انسحاب الأمم المتحدة من مالي، واندلاع مواجهات بين الرباط والجزائر سيمكن من فتح جبهة أخرى لموسكو”.

النقطة الأخرى، حسب نورالدين، هي الحصيلة الباهتة لإدارة بايدن على مستوى السياسة الخارجية، إذ تحاول تحقيق إنجاز في هذا الملف، خاصة بعد خروج الأوضاع في الشرق الأوسط عن السيطرة.

من جانبها، تعتبر شريفة لموير، محللة سياسية، أن “دلالة هذا الدعم الدولي نابعة من جدية المقترح المغربي في حل هذا النزاع المفتعل؛ وبالتالي الجزائر وكيان البوليساريو دخلا مرحلة عزلة دولية فيما يتعلق بالقضية الوطنية”.

وأشارت المحللة السياسية إلى أن “المنتظم الدولي أصبح على دراية تامة بالأدوار التي تلعبها هاته الأطراف في تأجيج وإطالة أمد هاته القضية”.

وأضافت لموير لهسبري: “تجديد الدعم للقضية الوطنية من قلب الجزائر ضربة جديدة تنضاف إلى الضربات التي تتلقاها الجزائر في هاته القضية، بالإضافة إلى تفنيد لكل محاولات التشكيك في جدية هذا الدعم الدولي للقضية الوطنية، ومحاولة ربطه بمصالح ظرفية بين المغرب وشركائه”.

وأكدت المتحدثة أنه “من الصعب الجزم بإجبار الجزائر والبوليساريو بقبول المقترح المغربي، على الرغم من هذا الدعم الدولي الذي حصدته القضية الوطنية؛ لأن العداء الذي تتعامل به تلك الأطراف مع المغرب يجعل من المستبعد القول بقبولها بالأمر الواقع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى