أخبار العالم

شروط دكتوراه التميز تثير الجدل .. وفاعلون يراهنون على “محاصرة الزبونية”



يواصل الإصلاح البيداغوجي لسلك الدكتوراه إثارة الكثير من الجدل بسبب تسقيف السن في 26 عاماً بالنسبة للمترشّحين في “دكتوراه التميز”، واشتراط أن يكون الباحث متفرّغا للبحث العلمي فقط نظير أن يتقاضى 7000 درهم كمنحة شهرية؛ إذ اعتبر من يعارضون هذا التصور الجديد أنه يشمل نوعاً من الإقصاء للموظفين، الذين تبقى أمامهم فرصة التسجيل في “الدكتوراه العادية”.

ورغم كون وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، بذل جهوداً تواصليّة جمّة لإبراز أن اشتراط تقديم الاستقالة للاستفادة من دكتوراه التميز التي تراهن على تكوين 1000 طالب على الأقل لا يعني بالضرورة إقصاء الآخرين، فإن العديد من الفاعلين عبروا عن رأي مختلف يدفع بأن “الكفاءة هي الأصل الذي يجب أن تضمنه الشفافية في الانتقاء، بينما يظل العمل والسن مجرد شروط ثانوية وشكلية”.

في هذا الصدد قال عبد الصمد بلكبير، أكاديمي وباحث مغربي، إن “الرهان الذي يجب أن ترفعه هذه الدكتوراه الجديدة هو القدرة على الحسم النهائي مع مختلف الآفات التي خرّبت البحث العلمي، من قبيل الزبونية والمحسوبية والسرقة العلمية، إلخ”، مؤكداً أن “الدكتوراه تقتضي بالفعل درجة عالية من التفرغ، لكن يجب أن نعتمد معايير مبنية على الصرامة العلمية لكي نستطيع أن نضمن نوعاً من المردودية”.

وأوضح بلكبير، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “تسقيف السن بدوره لا يمكن أن نعتبره حلا لإنهاء الفوضى في التعليم العالي المغربي، لأن الباحث يمكن أن يكون متفرغا ومتميزا لكنه تجاوز السن المحدد”، مردفا بأن “الكفاءة هي المدخل لإصلاح الدكتوراه، من خلال تأهيل الباحثين الجيدين، نظرا لكون النظام السابق الخاص بالدكتوراه أحدث مجازر في حق الجامعة المغربية، وكان لا بد من بديل له، لكن شرط أن يكون متّفقا عليه”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “الإصلاح الذي يراهن على البدء من الأعلى يجبُ أن ينبني أساساً على الأهلية أكثر من أي شيء آخر”، مسجلاً أن “البحث العلمي بالمغرب مازال يشكو من خصاص كبير، بيد أن الذي يمكن للوزارة الوصية أن تقوم به هو أن تقتدي بتجارب عالمية ناجحة في مجال الدكتوراه، ليس في الجانب التقني، بل النوعي، بما أن تسقيف السن لن يكون هو الخلاص، إذا تم إبعاد الأسس الأخرى: الجدارة والكفاءة والأهلية والمردودية”.

من جانبه أفاد عبد اللطيف كيداي، عميد كلية علوم التربية بالرباط، بأن “دكتوراه التميز تقتضي التّفرغ التام لكي يستطيع الطالب الباحث أن يتحرك عالميا ويزور جامعات في مختلف الأصقاع”، مؤكداً أن “الطالب الموظف لا يمكنه أن يفكر في الاستفادة، ويمكنه الترشح في الدكتوراه العادية، لكن برنامج التميز يراهن على شريحة معينة وبشروط ومعايير جد محددة، تماشيا مع الضرورة التي صارت معلنة متوجهة لباحثين متفرغين”.

وأبرز كيداي، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “هذا البرنامج كان نداء من طرف الفاعلين في التعليم العالي، لكون التجربة برهنت أن الطلبة الموظفين يجدون صعوبة في الالتزام بالشّروط”، مشدداً على أن “الباحث في سلك الدكتوراه الذي يسجل في سن صغيرة يكون قريبا من سلك الماستر، ما يضمن نوعاً من الاستمرارية في البحث، وسيمكّن من اعتبار البحث العلمي مشروعاً متماسكا من الإجازة حتى الدكتوراه”.

ورفض المتحدث ذاته أن “تتمّ معارضة هذا المشروع في شكله الظاهري فقط، لكونه برنامجا للتميز، يستهدف فئة معيّنة، لكنه يمنح الحق لأي مغربي في التسجيل في سلك الدكتوراه العادي وليس في سلك التميز”، خاتما: “الإصلاح البيداغوجي للدكتوراه هو خطوة هامة دخلت فيها بلادنا، وعلينا أن ندعمها لكي نستطيع تجاوز كل المطبات التي نعاينها وتحدثنا عنها باستمرار في العديد من المناسبات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى