الخارجية الأمريكية تجدد دعم الحكم الذاتي للصحراء المغربية من الجزائر
في مقابلة له مع وسائل إعلام جزائرية، جدد جوشوا هاريس، نائب مساعد كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية، دعم واشنطن لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. كما “ندد” بعمليات استهداف المدنيين؛ وهو الأمر الذي يتزامن مع العملية الإرهابية للبوليساريو في مدينة السمارة.
المقابلة التي نشرتها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر كشفت بعض الخطوط الرئيسية لزيارة هاريس الثانية للمنطقة، وهي “قلق” أمريكا من التصعيد الذي تمارسه جبهة البوليساريو منذ إعلانها وقف إطلاق النار؛ بعد تحرير معبر الكركرات من قبل القوات المسلحة الملكية سنة 2020.
وشدد المسؤول الأمريكي، وفق المصدر ذاته، على أن “العودة إلى الأعمال العسكرية أصبحت، منذ وقف إطلاق النار سنة 2020، مثيرة للقلق وتزيد من تعقيد الوضع وتشعر حكومتي بقلق بالغ إزاء الأنشطة العسكرية التي تبعدنا أكثر العملية السياسية”.
واعترف هاريس بأن الجهود الأممية التي قادها المبعوثون السابقون “لم تكن ناجحة إلى حدود اللحظة” في حل النزاع المفتعل، مبينا أن “أمريكا جادة في استخدام نفوذها من أجل تمكين الأمم المتحدة في التوصل إلى حل”؛ ما يؤشر على “تخلي أمريكا عن حلحلة الأزمة في القاعات المفتوحة، والتوجه إلى نظيرتها المغلقة”.
وفي شق تجديد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كان لافتا أن هاريس أكد على “واقعية وجدية” هذا المقترح، باعتباره حلا ممكنا لـ”تلبية تطلعات الساكنة”، كاشفا أن “عودته إلى الجزائر بهدف بحث خطوات عملية لإنجاح العملية السياسية للأمم المتحدة”، الأخيرة التي تعتبر تدعم الحكم الذاتي وتدعو الجزائر للعودة إلى طاولة المفاوضات، وفق تقرير أمينها العام أنطونيو غوتيريش.
وفي جوابه عن سؤال “الانفصال أو الحكم الذاتي، أم بحث حل ثالث”، أكد المسؤول الأمريكي أن “الأمر يتطلب الإبداع والبراغماتية، والواقعية”.
تعليقا على الموضوع، قال محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، إن “تصريحات هاريس واضحة ومباشرة، وهي تحمل دعوات جديدة من واشنطن لقصر المرادية من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، وتحميله مسؤولية التصعيد الذي تقوده منظمتها البوليساريو”.
وأضاف نشطاوي لهسبريس أن “زيارته إلى الجزائر وحدها ذات دلالة كبيرة باعتبار أن جبهة البوليساريو لا يمكن أن تقدم على أي فعل دون أخذ الموافقة من صنيعتها الجزائر”، مبينا أن “التصريحات دعوة إلى الجزائر من أجل ضبط تصرفات الجبهة المسلحة والتي تهدد المنطقة”.
الإشارة الأخرى التي تضمنتها تصريحات هاريس، وفق الخبير في العلاقات الدولية، هي “أهمية مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وجاد، وذي مصداقية؛ ما يعني أن أمريكا تسعى من هاته الزيارة إلى إقناع الجزائر بهذا المقترح”.
“تحاول الجزائر والبوليساريو ربط حل نزاع الصحراء بالقانون الدولي أي بتقرير المصير، ولا تعترف بأنه مبدأ لا يؤدي دائما إلى الاستقلال، وتصريحات هاريس ذهبت في هذا الشق، إذ اعتبر ضرورة استحضار البرغماتية والواقعية، بمعنى أهمية تقديم الجزائر والبوليساريو لحلول ترقى إلى واقعية الحكم الذاتي المغربي”، أورد المتحدث.
الحسين كنون، محلل سياسي، سجل أن “زيارة هاريس تظهر أيضا أن الجزائر طرف أساس في نزاع الصحراء المفتعل، وأن البوليساريو منظمة إرهابية في يدها”.
وبيّن كنون، في تصريح لهسبريس، أن “الزيارة تجسيد بأن النزاع الحقيقي يوجد بين طرفين، وهما المغرب والجزائر، وتأكيد آخر على أهمية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للصراع”.
وفسر المحلل السياسي ذاته أن “هاته التصريحات توضح مدى استمرار توجه الولايات الأمريكية في حل النزاع وفق مبادرة الحكم الذاتي؛ لأنها الحل الوحيد الممكن في طاولة المفاوضات”.
واستطرد المتحدث ذاته بأن “زيارة أي مسؤول أمريكي للجزائر تذهب دائما في هذا النهج؛ ما يعني أن السياسة الأمريكية لها إجماع واضح في كيفية حل هذا النزاع، الذي طال أمده”.