حرب غزة: من هو رفعت العرعير الذي قتل في قصف جوي إسرائيلي؟
- Author, منار حافظ
- Role, بي بي سي نيوز عربي – عمّان
“قد نموت هذا الفجر”، هذه كانت واحدة من آخر جمل كتبها الكاتب والأكاديمي الفلسطيني المعروف رفعت العرعير (44 عاماً) عبر منصة إكس، تويتر سابقاً، قبل أن يقتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة.
وأرفق العرعير كلماته الأخيرة مع مقطع فيديو يُسمع فيه أصوات الانفجارات والقصف الإسرائيلي. ونشر أيضا على المنصة نفسها: “المبنى يهتز. الحطام والشظايا تضرب الجدران وتتطاير في الشوارع، إسرائيل لم توقف قصفها”.
قُتل الأكاديمي الفلسطيني مع أخيه وابنه وأخته وثلاثة من أبنائها في هذه الحرب، وكان قد فقد شقيقه في قصف إسرائيلي على منزلهم في حرب عام 2014، حسب صديقه الصحفي ياسر محمد، الذي يضيف أن لدى العرعير ثلاثة أبناء أحدهم في السنة الجامعية الأولى، و ثلاث بنات يعيشون مع والدتهم في غزة.
كان العرعير مدرساً للأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة، التي قصفت بغارة جوية إسرائيلية في 11 أكتوبر/تشرين الأول. وبررت إسرائيل قصف الجامعة بأنها “مركز عملياتي وسياسي وعسكري مهم لحماس في غزة”.
وبحسب الصحفي ياسر محمد لـ بي بي سي، وهو أحد أصدقاء العرعير المقربين، فإنه ولد في حي الشجاعية في غزة وترعرع فيها ودرس في مدارسها ثم بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في الجامعة الإسلامية، حصل على الماجستير في الأدب الإنجليزي من يونيفرستي كوليدج – لندن، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بوترا في ماليزيا.
ويقول عاصم النبيه، صديق العرعير المقرب، إنه ” كان يمشي أكثر من 25 ألف خطوة يومياً ليجمع قصص الغزيين ويروي معاناتهم”.
“مستمر في البحث عن الخبز والإنترنت”
يقول ياسر محمد “تحدثت مع العرعير قبل أيام من استشهاده، وقال لي في آخر مكالمة بيننا: “ما زلت مستمراً في البحث عن الخبز والإنترنت”.
وأحكمت إسرائيل حصارها على غزة بعد الحرب، إذ يعاني القطاع حالياً من انقطاع في المياه، وانقطاع متكرر للكهرباء والانترنت، ونقص في الطعام.
وكان العرعير أحد مؤسسي مشروع “نحن لسنا أرقاماً”، وهي منظمة فلسطينية غير ربحية تأسست عام 2015، لسرد قصص الضحايا الفلسطينيين المذكورين كـ “أعداد” في الأخبار.
وصف جهاد أبو سليم، أحد الطلبة السابقين، العرعير بأنه مرشد وصديق “يهتم حقاً بطلابه خارج الفصل الدراسي”.
وأضاف أن العرعير علمه اللغة الإنجليزية، إذ اعتبر أن اللغة “وسيلة للتحرر من حصار غزة الطويل، وجهاز نقل فوري يتحدى الحصار الفكري والأكاديمي والثقافي”.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في الساعات التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وصف العرعير الهجوم بأنه “مشروع وأخلاقي” وشبهه بـ “انتفاضة غيتو وارسو”، الأمر الذي أثار جدلاً.
وانتفاضة الحي اليهودي في وارسو “غيتو وارسو”، هي ثورة حدثت في بولندا التي احتلتها ألمانيا عام 1943، وشهدت استخدام اليهود للأسلحة المهربة إلى الحي اليهودي في محاولة لمقاومة الجهود النازية لنقل اليهود إلى معسكرات الإبادة.
تحدث العرعير عن القضية الفلسطينية باللغة الإنجليزية وألف كتاب “Gaza Writes Back”، أو “غزة تنتفض عبر الكتابة”، جمع فيها قصصاً قصيرة لكتّاب شباب في غزة، ينتمون إلى جيل عاش في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ ما يزيد عن 16 عاماً.
وبحسب الناشط والصحفي البريطاني آسا وينستانتلي عبر منصة إكس “أغلب الطلبة الذين كتبوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية دربهم رفعت العرعير. لقد درب جيشاً من الكتاب والمدونين على الكتابة ورواية القصة”.
كما قال مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في جنيف رامي عبده عبر حسابه على منصة اكس إن العرعير تلقى تهديدات بالقتل.
أنس أبو سمحان أحد أصدقاء وطلاب العرعير قال لـ بي بي سي إن آخر مرة تواصل فيها معه كانت قبل أسبوع، مضيفاً: “كلنا نتوقع استهدافنا في غزة، لكن اسم رفعت كان له تأثير كبير ومن المتوقع استهدافه بشكل شخصي”.
“رفعت سخر كل أداة من أجل القضية الفلسطينية ولمكافحة الاحتلال”، يضيف أبو سمحان.