مراجعة الضريبة على الدخل بالمغرب تجنب الطبقات المتوسطة المزيد من الهشاشة
أعلنت الحكومة رسميا، من خلال الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، أن “الحكومة تعتزم مراجعة الضريبة على الدخل من أجل الرفع من أجور الموظفين والأجراء”؛ وهي خطوة كانت “مُنتظرة”، بعدما تعالت دعواتٌ كثيرة منذ أزيد من سنة تحث الحكومة على ألا تظل مكتوفة الأيدي أمام الظروف الاستثنائية التي عرفها المغرب جراء غلاء المعيشة بشكل أثر اقتصاديا واجتماعيا على مختلف الفئات الشعبية المغربية.
هذه الخطوة، التي سيتم “تنزيلها سنة 2025″، عدها الخبراء مبكرا “إيجابية”، لكونها “يُنتظر منها أن تخفف العبء الضريبي على الطبقة المتوسطة من جهة”. كما ينتظر منها من جهة أخرى أن تحقق نوعا من “العدالة الضريبية”، بما أن الضرائب المقتطعة من المنبع كانت دائما مُنهكة بالنسبة للأجراء؛ وهو ما يجعل الآمال معلقة على هذا “الإصلاح الضريبي”، لكي يقلل من حدة المتاعب الاقتصادية.
دعم منتظر ومستعجل
عبد الخالق التهامي، محلل اقتصادي، اعتبر أن “هذا الإعلان كان مطلوبا ومنتظرا، لكي يخفف العبء الضريبي على الطبقات المتوسطة التي واجهت أثقالا اقتصادية كثيرة جراء ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وتزايد نسبة التضخم”، مؤكدا أن “هذه الخطوة هي مستعجلة ولا تحتاج إلى أي تأخير، خصوصا أن الحل الوحيد الذي لدى الحكومة لتجنيب هذه الطبقة المزيد من السيناريوهات السيئة هو مراجعة الضريبة على الدخل لدعم الفئات التي تضررت من التدابير الجبائية المعمول بها”.
وأشار التهامي، ضمن تصريحاته لجريدة هسبريس، إلى أن “هذه الخطوة تظل بحاجة إلى تنزيل وتفعيل؛ نظرا لأن تخفيض الضريبة على الدخل تعد من الإجراءات التي يمكن أن تحقق الإنصاف الضريبي في حق الطبقة المتوسطة من خلال تحسين دخل الأجراء وتعزيز قدرتهم الشرائية”، مشددا على أنه “سيكون أفضل لو تم إدراجها في مشروع قانون المالية الذي تمت المصادقة عليه اليوم؛ لكن الاتجاه نحو مراجعة الضرائب على الدخل عموما هو خطوة إيجابية”.
وثمّن المتحدث ذاته “هذا الإجراء”، موضحا أنه “هو الحل، بما أن الفئات الفقيرة والهشة ستستفيد من دعم مباشر؛ لكن الطبقة المتوسطة والأجراء بشكل عام الطريقة المناسبة للتخفيف عليهم في ظل الأزمة الاقتصادية هو مراجعة الضريبة على الدخل”، مشددا على أن “الحكومة ستحرص في المراجعة طبعا على أن تضمن عوائدها؛ لكن بشكل لا ينهك الطبقة المتوسطة التي كانت مهددة بأنها ستصبح ضمن الفئات الهشة إذا استمرت قدرتها الشرائية في المزيد من التدهور”.
“أسئلة مطروحة”
عمر الكتاني، محلل اقتصادي، أوضح، من جانبه، أن “الدولة المغربية دولة تضريب بامتياز، وستراهن دائما على أن تكون الضريبة مُحققة لمداخيل إضافية”؛ لكنه، مع ذلك، يطمئن “لهذه الخطوة في بُعدها الاجتماعي وليس السياسي”، حسب تعبيره، موضحا أن “الخطوة كان لا بد أن تُتخذ هذه السنة، لأن استمرار الضغط الضريبي خلال سنة 2024 سيؤدي إلى خلق ضوائق مالية وإلى تفقير المزيد من الأسر متوسطة الدخل”.
وسجل الكتاني، ضمن إفادات قدمها لهسبريس، أن “حيثيات المراجعة يجب أن تكون شفافة ومُعلنة”، متوقعا أن “هذا التعديل الضريبي المرتقب بعد سنة من الزمن من المرجح أن يغيّر فقط بنية الضريبة على الدخل في اتجاه تفضيل كفة الطبقة المتوسطة لتخفيف الضغط عليها في مقابل الطبقات الميسورة”، موضحا أن “هناك حاجة إلى ضمان التوازنات في القانون المالي، وأن ندرج الضريبة على الثروة لتخفيف الضغط الضريبي على فئات أخرى”.
وأوضح أن “القانون المالي أن تحقيق التوازنات يبدو خلال السنوات الأخيرة بأنه لا يزال نظرة غائبة في السياسة المالية المغربية، خصوصا أننا لا نتوفر على معطيات دقيقة في ما يتعلق بنسبة الضغط الضريبي خلال السنة المقبلة”، مبرزا أن “الاتجاه إلى مراجعة الضريبة على الدخل تستدعي أيضا إعادة النظر في الضرائب العمياء وغير المباشرة، على غرار الضريبة على القيمة المضافة التي تمس كل الطبقات الاجتماعية”.