أخبار العالم

“إعمار المناطق الآمنة”.. هل تبددت أحلام العودة إلى الخرطوم؟



وبعد 6 أشهر قضاها تحت لهيب غلاء إيجار العقارات السكنية، تمكن محمد بشير من شراء قطعة أرض في مدينة سنار وسط السودان التي وصلها نازحاً من الخرطوم مع اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبدأ في تشيدها ضارباً لنفسه موعداً مع حياة جديدة.

يأتي ذلك في أعقاب قرب دخول الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، شهرها الثامن دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لتوقف هذا الصراع ويعود النازحين إلى ديارهم في العاصمة الخرطوم.

وتسبب القتال في فرار أكثر من 4 ملايين سوداني في الخرطوم ودارفور من منازلهم، غالبيتهم نزحوا الى المناطق الآمنة في الداخل مثل بورتسودان شرقي البلاد وعطبرة وود مدني، بجانب وولايتي سنار والنيل الأبيض وسط السودان.

 ويقول المواطن محمد بشير لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تركت منزلي في ضاحية أمبدة غربي مدينة أمدرمان بكامل مقتنياته، وكنت أتوقع عودة سريعة إليه بعد توقف أعمال العنف، لكن طال أمد رحلتي وأنهكتني التكلفة الباهظة لإيجار المنزل، لذلك قمت بشراء قطعة أرض سكنية بما تبقى لي من مدخرات”.

لجأ بشير وفق روايته، إلى هذا الخيار بعد أن تبددت أحلامه في العودة إلى منزله في العاصمة الخرطوم التي تتصاعد فيها وتيرة العنف يوم تلو الآخر، لكن تأسيس منزل بكامل عتاده لم يكن بالمهمة السهلة نظراً للارتفاع الكبير في مطلوبات البناء المختلفة.

ويضيف: “أنا بحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة في عملية البناء، ولكن بالنسبة لي يمثل خيار استراتيجي وسوف يريحني أكثر من إيجار منزل خاصة لأن كل المؤشرات الماثلة أمامي توحي بتطاول أمد الحرب الحالية. هو تحدي كبير، لكنه الأفضل”.

واقع مؤلم
وتحولت أحلام العودة إلى الخرطوم عند كثير من الفارين إلى اقتناء منزل في المناطق السودانية الآمنة خاصة الأشخاص المقتدرين والذين نقلوا أنشطتهم التجارية إلى هناك، الشي الذي أنعش سوق العقارات والأراضي السكنية في تلك البقاع بشكل ملحوظ.

واقع فرضه استمرار الصراع المسلح في الخرطوم وتعثر مساعي السلام التي تقودها قوى دولية وإقليمية، فدبت حالة اليأس حتى على السكان العالقين في العاصمة حالياً ونفد صبرهم من البقاء تحت نيران الحرب لمزيد من الوقت بعد أن تبدد حلمهم في اتفاق قريب يوقف القتال.

وهي كحالة علاء حامد الذي غادر منزله في أمدرمان ووصل إلى مدينة بورتسودان مطلع الأسبوع الجاري بعد أن صمد تحت نيران الحرب لمدة 7 أشهر متشبثاً بآماله وأحلامه بعودة الاستقرار.

 ويقول حامد لموقع “سكاي نيوز عربية”: “خرجت مع عائلتي بصورة نهائية من أمدرمان ولا نرى أي فرصة للعودة مجدداً خلال وقت قريب من خلال الواقع المذري الذي تركناه خلفنا، لذلك نحن على أعتاب حياة جديدة وسوف نشتري منزلاً إذا وجدناه في مقدورنا”.

يضيف: “لقد تدمرت البنى التحية وساءت خدمة الاتصالات والإنترنت والكهرباء مع وجود صعوبة في الحصول على مياه الشرب والغذاء، فضلاً عن تدهور الوضع الأمني مع تصاعد عمليات القصف المدفعي العشوائي، لذلك قررنا المغادرة وبدء حياة أخرى”.

ويقول أحمد علي وهو سمسار عقارات في بورتسودان لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هناك طلب مرتفع نسبياً على الأراضي السكنية غير المشيدة خاصة في المناطق الطرفية بصورة لم نشهد مثلها قبل اندلاع الحرب وهذا مرتبط ببحث نازحين من الخرطوم عن منازل يستقرون فيها”.

ويضيف: “رغم الطلب العالي إلا أن عملية الشراء لا تتم في أغلب الأحياء نسبة للارتفاع الكبير في أسعار الأراضي السكنية، ففي المناطق الطرفية بمدينة بورتسودان ربما يصل سعر قطعة أرض تكفي لمنزل صغير (300) متر مربع الى 17 مليون جنيه (الدولار نحو 6000 جنيه) ، لكن بعض الشخصيات المقتدرة ماليا استطاعت شراء منازل”.

تكاليف باهظة
وتشهد بورتسودان التي تحولت ضمنيا إلى عاصمة إدارية بديلة للخرطوم يتواجد فيها قادة الجيش ومسؤولين حكوميين، اكتظاظ سكاني كبير بعد أن وصلها آلاف النازحين الشي الذي ارتفعت معه تكلفة ايجار المنازل والشقق والفنادق، حيث يصل ايجار شقة صغيرة الى 700 دولار امريكي.

ودفعت تكاليف الإيجار الباهظة التي شهدها المناطق الآمنة الأخرى كذلك، الأشخاص المقتدرين مالياً الى التفكير في تأسيس منازل جديدة واستهدفوا أطراف المدن والقرى المجاورة نسبة لأسعارها المنخفضة مقارنة بوسط المدن، لكن يبقي السود الأعظم من النازحين هم من الفئات الضعيفة اقتصادياً وليس لهم خيار غير العود لمنازلهم بالخرطوم.

 وبحسب عبد الله الطيب وهو مواطن من ولاية سنار، فإن مدينة سنار والقرى في الاتجاه الشرقي منها تشهد انتعاش كبير في حركة شراء الأراضي السكنية، كما ارتفعت قيمتها السوقية مقارنة بالفترة التي سبقت اندلاع الحرب.

ويقول عبد الله لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تعامل عدد من الفارين من حرب الخرطوم مع الامر وفق عملية حسابية، فتكلفة ايجار 6 أشهر كافية لشراء منزل وتأسيسه في الاحياء الطرفية، لذلك نصحنا العديد من اقاربنا ومعارفنا نحو هذا الاتجاه وقد فعلوا”.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى