حرب غزة: خمس شهادات لمفرج عنهم من السجون الإسرائيلية، والرد الإسرائيلي
- Author, مروة جمال
- Role, بي بي سي عربي – غزة اليوم
التقى فريق بي بي سي عدداً من الفلسطينيين المفرج عنهم ضمن صفقة تبادل الرهائن والسجناء بين حركة حماس وإسرائيل والتي تمت بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية لمدة سبعة أيام.
المنشدة الفلسطينية حنين المساعيد، 29 عاماً تقول لبي بي سي “كان الإنشاد رفيقي في الأسر.. كان يساعدني أعبر عن اللّي جواتي.. يوم كنت أنشد كنت أبكي”. اعتقلت حنين لـ 23 يوماً في سجن الدامون في حيفا على خلفية كتابتها منشورات تعاطفٍ وتأييدٍ لقطاع غزة بعد اندلاع الحرب.
“تهمة النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن تهمتي أنا فقط؛ كانت تهمة كُل الفتيات والنساء اللائي ألقي عليهن القبض معي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ممنوع ننشر، ممنوع نتنفس، مجرد النشر عن غزة ولو منشور واحد يُعرّض الشخص صاحب المنشور للاعتقال” هكذا استكملت حنين حديثها عن التهمة التي واجهتها في التحقيقات قبل إطلاق سراحها بموجب اتفاق الهدنة الأخير.
وعن لحظة الإفراج عنها تقول “كانت إحدى المعتقلات معي تقول لنا دائماً “غداً تطير العصافير” وصدقت نبوءتها وطرنا وحلّقنا في سماء فلسطين يوم أُفرج عنّا، في هذا اليوم اختلطت لديّ دموع الفرحة بالحرية بدموع الحزن على من سأتركهم خلفي في السجن، وفي لحظة خروجي مع زميلاتي بكينا جميعاً ولم نصدق هذه اللحظة، مازلت أسمع صوت أبواب السجن.. صوت السجانات.. رغم أنني في المنزل وتحررت”.
حنين التي وصفت تجربة اعتقالها بالعذاب الذي لا يوصف، قالت إنها لم تخش ولم تهب شيئًا أثناء لحظة الاعتقال، وكانت صابرة ومحتسبة، لكنها لا تستطيع نسيان أنّها حُرمت من حريتّها وهي أثمن شيءٍ في الحياة، ما جعلها تشعر حين أفرج عنها بأنّها عصفور كان حبيساً وحانت لحظة تحليقه في السماء من جديد.
واختتمت حديثها برسالةٍ باكية قالت فيها “لا تنسونا.. هناك أسرى جرحى معرّضين للإعاقة، ولا أحد يعلم عنهم شيئاً، الرصاص ما زال في أجسادهم ولم يتم إسعافهم، لا تنسونا، تحدثوا عنّا، لا تنسوا فلسطين”.
ما بعد السابع من أكتوبر
اعتقلت روان نافذ أبو زيادة من برج مراقبة، بتهمة محاولة الطعن، وحكم عليها بالسجن لتسع سنوات، أمضت منهم ثماني سنواتٍ قبل أن يُفرج عنها بموجب اتفاق الهدنة الأخيرة.
روان قالت إنّ فترة اعتقالها “كلّها بكفّة” وفترة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول “في كفةٍ أخرى”، مؤكدةً أنّه منذ ذلك التاريخ شهدت هي وزميلاتها في السجن تغيراً كبيراً في تعامل إدارة السجن معهن، ما أدّى لتعرضهن للكثير من الانتهاكات بحسب وصفها.
وتقول أبو زيادة ” بعد السابع من أكتوبر أخذوا كلّ الطعام من الغرف، بما فيها المنتجات التي اشتريناها من قاعة الطعام “الكانتين” بأموالنا الخاصة، وتركوا الزنازين خاويةً تماماً من أيّ شيءٍ يمكن أن يؤكل، وقالوا إنّ إدارة السجن ستتولى تقديم الطعام لنا، وكان الطعام الذي يقدمونه سيئًا جداً من حيث الكمية والجودة على حدٍ سواء، فالكمية غير كافية لعددنا، فقد كانت علبة لبن صغيرة جداً كوجبة إفطارٍ في الصباح، لا تكفي للشبع، ووجبة الغداء كانت صحن شوربة لثماني معتقلاتٍ وبداخله القليل من البطاطا والجزر، أما وجبة العشاء فكانت بيضةً لكل معتقلة، لذلك دائماً ما كُنّا نشعر بالجوع، ولا نستطيعُ النوم بسبب شدة الجوع”.
روان تحدثت عن روحٍ معنويةٍ عالية تمتعت بها السجينات على حد وصفها، إذ قمن بتكسير القفل الذي أغلقت به إدارة السجن قاعة الطعام “الكانتين” الداخلي بالقسم لفتحه وتوزيع المواد الغذائية التي بداخله على السجينات اللائي يعانين من الجوع لأيامٍ طويلة، كما قمن بإخفاء جهاز الراديو عن أعين السجّانات في حملات التفتيش لنظل على إطلاعٍ على الأخبار وعلى صلةٍ بالعالم الخارجي.
كما لفتت روان في حديثها، إلى أنّ الجلوس في سيارة النقل “البوسطة” التي يُنقلُ فيها المسجونين الأمنيين إلى المحاكم، والانتظار فيها لمدة أربع ساعاتٍ، وهي مكبلة اليدين والرجلين، قد أصابها بانحرافٍ والتهاباتٍ في الرقبة ولم توفر لها إدارة السجن العلاج المناسب لذلك واكتفت بتوفير المسكنات.
وعن أول شيءٍ فعلته بعد خروجها من السجن قالت “ركبت بالسيارة لأشاهد ما طرأ على بلدتي من تغيرات، وللتأكد بأنني حرة وليس حولي قضبانٌ وحديد”.
القُصّر من المعتقلين
أحمد علي الصباح والذي اعتقل قبل أن يتم السادسة عشر من عمره، وأمضى في السجن سبعة عشر شهراً بتهمة إلقاء الحجارة، دون محاكمة، قال عن فترة احتجازه” ضربوني وحققوا معي، التعامل لم يكن جيداً على الإطلاق، كنت انام على فرشة وحرام فقط، وكان يُسمح للأهل بالزيارة قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أمّا بعد اندلاع الحرب فلا، كما تعرضنا للضرب، وقد كان معي في السجن معتقلين أعمارهم تتراوح بين 10 و13 عاماً”.
محمد ياسين كان أيضاً من الذين اعتقلوا دون السن القانونية، قال “إنه اعتقل من المنزل وأنّه تعرض للضرب بوحشية، وأضاف أنّه في الثلاثين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اقتحم عليهم السجن عددٌ من المسجونين واعتدوا عليهم بالضرب ما أدى لكسر أحد أسنانه”.
شقيقة أقدم معتقل
“الحرية حلوة” بهاتين الكلمتين عبّرت حنان البرغوثي عن فرحتها بخروجها من السجن، لكنّها استدركت وقالت “فرحتي منقوصة لأنني تركت خلفي في المعتقل أخي نائل البرغوثي أقدم معتقل في إسرائيل بواقع 43 عاماً، وأيضا زوجة أخي التي تبلغ من العمر 66 عاماً وكذلك أبنائي الأربعة، كلهم مازالوا رهن الاعتقال في السجون”.
وعن ظروف اعتقالها قالت “حينما اعتقلت كان اثنان من أبنائي معتقلين، وقد عُذبتُ على يد ضابط المنطقة، وحُرمت من زيارة أخي بحجة أنني خطر على دولتهم رغم أنني حصلت على تصريحٍ أمني يسمح لي بدخول الأراضي المحتلة، كما هددوني بسحب سيارتي وتكسير بيتي ونفذوا تهديداتهم، وتم اقتيادي لجهة مجهولة وأنا معصوبة العينين ومكبلة اليدين والرجلين، وبعدها اقتادوني لسجن الدامون”.
وأضافت البرغوثي”قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كان السجن مكاناً سيئاً، لكن بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أصبح أسوأ وأسوأ، إذ تم ضربنا ورشنا بالغاز، والمسارعة بغلق الباب وأيّ فتحةٍ للتهوية حتى لا يتجدد الهواء داخل الزنزانة، وقطعوا عنا الكهرباء وسحبوا الطعام من الزنازين، وتعمّدوا احتجازنا في غرفٍ ضيّقة بأعدادٍ كبيرة، وكان بيننا مريضات بأمراض مزمنة تُركن دون علاج واضطررنا لشرب الماء من صنبور الحمام إثر قطع مياه الشرب عنّا ما أدّى لإصابتنا بترسباتٍ وتلبك معويّ، ورأيتُ معتقلاتٍ صغيرات يتعرضن للتفتيش العاري والتهديد بالاغتصاب، باختصار حاولوا كثيراً.. لكنهم لم يكسرونا”.
الرد الإسرائيلي
ورداً على هذه المزاعم، قالت مصلحة السجون الإسرائيلية لبي بي سي إنّ جميع السجناء محتجزون وفقاً للقانون ويتمتعون بجميع حقوقهم الأساسية التي يكفلها القانون.
وقالت في بيان “لسنا على علمٍ بالادعاءات التي وصلت” و”مع ذلك، يحق للسجناء والمعتقلين تقديم شكوى يتم دراستها بشكل كامل من قبل الجهات الرسمية”.
ولم ترد إسرائيل على سؤال بي بي سي بشأن الوفيات أثناء الاحتجاز بشكلٍ مباشر، لكنّها قالت إنّ أربعة سجناء ماتوا في أربعة تواريخ مختلفة خلال الأسابيع الماضية، وإنّ إدارة السجون ليس لديها علم بأسباب الوفاة.