لماذا يلعب “تحالف الكناري” ورقة الشراكة الإسبانية المغربية في مجال الهجرة؟
تواصل النائبة البرلمانية عن تحالف الكناري القومي (CC) بمجلس النواب الإسباني، كريستينا فاليدو، محاولاتها لإضفاء “طابع المركزية على جزر الكناري” بإقحامها دائما في سياق العلاقات بين مدريد والرباط؛ فبعد أن استنفرت النائبة مشروع التنقيب عن الغاز في المياه المغربية الأطلسية، عادت لتقول إنه ليس هناك حوار “ملموس وفعال” حول تدفقات الهجرة في العلاقات الثنائية بين حكومتي إسبانيا والمغرب.
واعتبرت كريستينا فاليدو، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسبانية، أن “سياسة الهجرة المتمثلة في وصول وعبور المهاجرين إلى جزر الكناري، لا تحظى حاليا بمكانة بارزة في جدول الأعمال السياسي بين البلدين”، مضيفة في سياق متصل أن “الائتلاف يجد أنه من الضروري للغاية أن تتولى الدولة إدارة تدفقات المهاجرين بالأهمية السياسية التي تستحقها”.
وأشارت النائبة البرلمانية عن تحالف الكناري القومي إلى أن التحالف سبق واقترح أن “تتم إعادة إطلاق خارطة الطريق للعلاقات الثنائية بين إسبانيا والمغرب، وتعزيزها بشكل يقوي التعاون في مجال الهجرة”، مضيفة أن “الحكومة المركزية سبق وقدمت التزاما بأنها ستسلط الضوء على تعاون البلدين من أجل اتباع نهج شامل ومتوازن إزاء ظاهرة الهجرة، وهو ما يتعين أن تكون جزر الكناري حاضرة فيه، ويجب الاستماع إلى طرحها بهذا الخصوص”.
“تشويش داخلي”
على الرغم من أن هذا الموضوع يشكل، وفق كثير من الخبراء والمتتبعين، رهانا حقيقيا على المغرب في ما يخص الهجرة من طرف إسبانيا كحكومة مركزية، وأيضا مختلف الحكومات الجهوية، إلا أن محمد ظهيري، أستاذ بجامعة كومبلوتينسي بمدريد بإسبانيا، اعتبر أنه “لو كانت هذه النائبة البرلمانية تعتقد أنها تركز على دور المغرب، فإن الأخير كدولة وحكومة عليه ألا يدخل في عراك داخلي يهم السياسة الداخلية الإسبانية”.
وقال الظهيري، ضمن قراءة قدمها لهسبريس، إن “تصريحات البرلمانية الوحيدة الممثلة لحزب ائتلاف الكناري هو امتداد للابتزاز السياسي الذي تمارسه الأحزاب الإقليمية على الحكومة المركزية؛ نظرا للغليان الذي تشهده السياسة الإسبانية عقب انتخاب بيدرو سانشيز”، مبرزا أن “شراكة المغرب مع إسبانيا لا بد أن تكون على مستوى ملفات في مستوى التحديات التي أمام المغرب، لا سيما على المستوى الاقتصادي والشراكات في إطار التعاون جنوب-جنوب، وتمتين المبادرات المغربية من خلال تحويل الأقاليم الجنوبية المغربية إلى قاطرة لهذا التعاون”.
وأشار الجامعي المغربي الباحث في شؤون الهجرة والدراسات العربية والإسلامية إلى أن “الرباط يجب ألّا تسمح لحكومة جهوية بالتخاطب معها، وذلك على اعتبار أن كل ما يتعلق بملف الهجرة المغرب ينبغي أن يكون مخاطبه الأول هو الحكومة المركزية الإسبانية، وبما أن الهجرة ملف أوروبي، فيتعين أن يكون مخاطبه الثاني هو الاتحاد الأوروبي حصرا”، مستحضرا أن المغرب دولة ذات سيادة ولا داعي للتحاور أو التخاطب مع جزر الكناري، رغم أنها تعتبر نفسها معنية.
وأبرز المتحدث أن “التخاطب مع الكناري سيؤكد لجمعيات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المهاجرين في إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي أن المغرب قبل ليكون دركي حدود كما يعتبره الكثيرون الذين لا يعرفون طبيعة الشراكة”، موضحا أن الهجرة ضمن خارطة الطريق بين البلدين يجب أن تمثل ملفا للتعاون والتنسيق، وألّا تستأثر باهتمام أكبر من حجمها، بما أن هناك قضايا عديدة مهمة ينبغي عدم إغفالها.
“سياقات نفسية”
نبيل دريوش، باحث مختص في العلاقات المغربية الإسبانية، اعتبر أن “تصريحات كريستينا فاليدو يمكن قراءتها من زوايا مختلفة”، موضحا أنه “من ناحية، تعول هذه الجزر وتراهن على أهمية الدور المغربي في صد المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء”، ومن ناحية أخرى، هي “تعيش دائما على إيقاعات وهواجس وإرهاصات ومخاوف أرخبيل الجزر، أي الذين يشعُرون بأنهم بعيدون عن الشأن المركزي الإسباني”.
وقال دريوش، في تصريح لجريدة هسبريس، إن “الهجرة غير النظامية شكلت دائما قلقا واضحا بالنسبة للسلطات بفي لجزر سالفة الذكر”، مؤكدا أنها “صارت تعبر عن رغبتها أن يسمع صوتها في هذا النقاش المتصل بالهجرة مع المغرب، لكن حدود حوارها تبدو داخلية، كما يظهر أن خطابها يشكل نوعا من الضغط على الحكومة المركزية لالتقاط مخاوفها وأخذها بعين الاعتبار وعدم تجاهلها في النقاش مع المغرب في قضايا الهجرة”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المغرب يعد شريكا أساسيا للاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة”، و”مطالبة الجزر المغرب ببذل جهود أكبر”، يقرأها دريوش على أنها “تعبير عن سياقات نفسية ومخاوف تم رصدها لدى السياسيين والفاعلين وغيرهم من سكان الجزر، بالتالي ما قالته النائبة البرلمانية هو حث على الرفع من حجم الشراكة مع المغرب في مجال الهجرة من خلال إسماع صوت ساكنة الجزر في سياق هذه الشراكة، هو ما يمكن أن نفسره انطلاقا من وجهة نظر إسبانية خالصة”.