الجزائر تمنع قياديا من السفر للقاء قادة حماس.. خبير: النظام يطلب ود الغرب
في خطوة تؤكد مرة أخرى حجم التناقضات الصارخة ما بين الخطاب والفعل السياسيين في الجزائر، أقدمت سلطات هذا البلد على منع عبد الرزاق مقري، القيادي الإسلامي والرئيس السابق لحزب “حركة مجتمع السلم”، من السفر خارج التراب الجزائري من أجل لقاء قيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، والمشاركة في مؤتمر دولي في ماليزيا بخصوص تعاطي الدول الغربية مع الحرب في غزة.
مقري، الذي سبق له أن أنتقد مرات عديدة “سلطوية ولا أخلاقية” نظام بلاده في تعاطيه مع تضامن الشعب الجزائري مع نظيره الفلسطيني، ومنعه المسيرات والمظاهرات المؤيدة لفلسطين، أكد في منشور له في صفحته على “فايسبوك” قرار المنع قائلا: “كنت قبل يومين أهم بالسفر خارج الوطن فإذا بي أُخبر في موقع شرطة الحدود بأنني ممنوع من الخروج، وعند مناقشتي الضابط الذي كُلف بإخباري وجدته لا يعرف شيئا عن الموضوع سوى أنني ممنوع”.
وأضاف القيادي الإسلامي الجزائري: “يشرفني كثيرا أن أتعرض لهذا الاعتداء الرسمي بسبب مناصرتي للقضية الفلسطينية، وسعادتي لا توصف أنني أتحمل ضمن الملحمة التاريخية العالمية التي دشنها طوفان الأقصى هذا الجزء اليسير من الأذى الذي لا وزن له مقارنة بما يكابده أهلنا في غزة”، مؤكدا أنه كان متوجها إلى كل من قطر لإجراء زيارة مجاملة وتهنئة لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ثم المشاركة في مؤتمر دولي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور علاقة بالحرب في غزة.
وتابع مقري: “هذا المستوى من تكميم الأفواه ومنع الحريات لم أر مثله من قبل، رغم سنوات النضال في العمل السياسي؛ فقد خرجنا في مسيرات في الشوارع منذ بداية التعددية دون ترخيص في وقت الإرهاب وفي ظروف أمنية أخطر بكثير، ووقت التدافع بيننا وبين رجال الأمن في الشوارع، دون حقد ولا ضغينة، فلم يحاسب أحد ولم يتابع أحد ولم يمنع أحد من السفر”، مضيفا: “لقد خرجنا للشوارع دون ترخيص في زمن زروال وبوتفليقة ضد التزوير ومن أجل العراق وتضامنا مع غزة والمقاومة وضد العهدة الرابعة… ولم يتم التصرف مع أي كان بالشكل المعمول به حاليا”.
وسبق لعدد من قادة الحزب الإسلامي الجزائري أن انتقدوا ممارسات النظام الجزائري ومنعه المسيرات التضامنية مع فلسطين، إذ عبر أحمد صادف، رئيس المجموعة البرلمانية للحزب المذكور، خلال جلسة في البرلمان، عن خيبة أمله لـ”رؤية بلد مطبع مثل المغرب يخرج شعبه إلى الشوارع وينظم مسيرات تضامنية مع فلسطين بينما يُمنع ذلك في الجزائر”، بتعبيره.
وتفاعلا مع الموضوع ذاته، قال وليد كبير، صحافي جزائري معارض، إن “هذه الممارسات ليست جديدة على النظام الجزائري الذي له باع طويل في ذلك”، مسجلا أن “قرار منع مقري يحمل في طياته دلالتين أساسيتين، الأولى تتعلق بنشاط الرجل السياسي في ما يخص القضية الفلسطينية، والثاني يتعلق بمحاولة إغلاق الطريق أمامه من أجل الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
وأوضح كبير، في تصريح لهسبريس، أن “قرار منع القيادي الإسلامي من السفر من أجل نشاط يتعلق بفلسطين يحمل كذلك إشارات يرسلها النظام الحاكم للقوى الغربية الداعمة لإسرائيل، حتى يظهر أنه لا يُطلق العنان لنخبه السياسية ولأحزابه للتعبير عن مواقف قوية من الحرب في غزة، وأنه متحكم في الوضع”، لافتا إلى أن “قرار منع الجماهير من التظاهر من أجل فلسطين يندرج هو الآخر في هذا الإطار”.
وسجل الصحافي الجزائري المعارض أن “النظام الجزائري رغم أنه لا يُصرح بذلك إلا أنه يعمل دائما على إظهار ولائه للقوى الغربية، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث فشلت مراهناته ومقامراته السياسية على المعسكر الشرقي، مع فشل دخوله إلى البريكس”، مشيرا إلى أن “الجزائر تخشى أن تجلب عليها غضب الغرب، وبالتالي منعت القيادي الإسلامي من السفر للقاء قيادات حماس في الدوحة”.
وأورد المتحدث ذاته أن “هذه الخطوة التي أقدمت عليها السلطات الجزائرية تريد من خلالها توضيح موقفها غير المعلن إلى الغرب كونها لا تؤيد المقاومة الفلسطينية، وهو ما يؤكد يوما بعد يوم أن الجزائر ليست لها أي عداوة مع إسرائيل، وإنما مع جيرانها بالدرجة الأولى”، مسجلا أن “مواقف الدول التي تربطها علاقات بإسرائيل صارت متقدمة جدا من موقف الجزائر التي طالما رفعت شعار مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.
وخلص المتحدث لهسبريس إلى أن “الجزائر التي تستعد لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي في يناير المقبل إنما تحاول خلق تكتل في هذه الهيئة الأممية لضرب مصالح المملكة المغربية، ومحاولة التأثير على مواقف القوى الكبرى الداعمة للرباط في وحدتها الترابية، وبالتالي فهي لا تريد في الوقت الحالي أن تُغضب هذه القوى بالسماح لإسلامييها بلقاء قادة حماس”.