قادة منظمة التحرير الفلسطينية يشيدون بالمواقف الملكية والشعبية للمغرب
يُصادف اليوم الأربعاء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة للاحتفال به أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث تم اختيار تاريخ التاسع والعشرين من شهر نونبر من كل سنة الذي يصادف التاريخ الذي اعتمدت فيه الجمعية الأممية القرار رقم 181 لسنة 1947 القاضي بتقسيم أرض فلسطين وإنشاء دولتين عربية ويهودية.
اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يأتي هذه السنة في ظل وضعية استثنائية تعيشها منطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر الماضي، يشكل فرصة سنوية لتنبيه المجتمع الدولي إلى ضرورة تحمل مسؤوليات في التصدي للجيش الإسرائيلي، ولمواجهة خطط الضم الإسرائيلية التي تهدد حل الدولتين المنصوص عليه في القرارات الأممية ذات الصلة، كما يشكل فرصة لتسليط الضوء على استمرار التزام قيادات وشعوب دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعلى رأسها المغرب، بالقضية الفلسطينية رغم المتغيرات الجيو-سياسية التي عرفتها المنطقة في العقود الأخيرة.
مواقف للتاريخ
قال أنيس سويدان، مدير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام للجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، إن “الشعب المغربي لديه ارتباط تاريخي بفلسطين منذ سنوات طويلة حتى قبل النكبة عام 1948، حيث كان المغاربة بعد انتهائهم من أداء فريضة الحج يتوجهون إلى القدس الشريف في عرف يسمى ‘تقديس الحجة’، فيقضون أياما في الصلاة والعبادة في المسجد الأقصى قبل رجوعهم للمغرب”.
وسجل سويدان في تصريح لهسبريس أن “المئات من المغاربة فضلوا البقاء في فلسطين وتزوجوا منها، ونشأت حارة المغاربة التي تشهد إلى غاية الآن على عمق ترابط الشعبين الفلسطيني والمغربي، وبالتالي فإن هذا الطوفان البشري والمسيرات التي شهدتها شوارع المدن المغربية ليست غريبة على المغرب الشقيق وشعبه الداعم الدائم لفلسطين التي يعتبرها قضيته أيضا”.
ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن “موقف ملوك المغرب منذ الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله كان دائما مع الحق الفلسطيني، فقد قاتل مئات المغاربة دفاعا عن فلسطين قبل النكبة، وقدموا عشرات الشهداء في القدس ويافا وحيفا، كما تطوع العشرات منهم في الثورة الفلسطينية المعاصرة”، موردا أن “الموقف العربي في قمة فاس عام 1982 بقيادة المغرب كان متقدما في دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 كحل وحيد للقضية الفلسطينية؛ كما دعم جلالة الملك المرحوم الحسن الثاني الخيارات والتحركات الفلسطينية التي أدت إلى عدد من الاتفاقيات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وإن لم تلتزم إسرائيل بأغلبها”.
مواقف بقي الملك محمد السادس ملتزما بها، حريصا على دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ورفض مصادرة حقوقه الطبيعية والمشروعة. وفي هذا الصدد أوضح الأمين العام للجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني أن “ترؤس جلالة الملك محمد السادس للجنة القدس في المؤتمر الإسلامي، وترؤس المغرب بيت مال القدس، شكل ركيزة أساسية لدعم المقدسات وسكان مدينة القدس الشرقية المحتلة في شتى المجالات الصحية والاجتماعية والإنسانية، وهذه مواقف يسجلها التاريخ”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول عودة الزخم الكبير الذي عرفته القضية الفلسطينية في الشارع العربي عموما والمغربي على وجه الخصوص بعد أحداث 7 أكتوبر، قال المتحدث ذاته إنه “مما لا شك فيه أن التغيرات الجيوسياسية التي حدثت في العالم العربي منذ العام سنة 2011 قد أثرت سلبا على الدعم الشعبي والرسمي العربي للقضية الفلسطينية على مدى سنوات، وجاء طوفان الأقصى ليُعيد هذا التضامن بأبهى صوره، ليس فقط في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، ولكن في كافة أنحاء العالم؛ حتى في الدول التي دعمت العدوان الاسرائيلي على غزة منذ بدايته”.
وفي هذا الصدد شدد مدير دائرة العلاقات الدولية بمنظمة التحرير الفلسطينية على أن “الدعم الشعبي ومواقف الشعوب مهمة جدا للشعب الفلسطيني في أن يرى شعوب العالم تدعمه وتدعم قضيته ونضاله المشروع، ومهمة أيضا على مستوى التأثير على حكومات الدول الداعمة للعدوان الاسرائيلي”.
رفض تصفية القضية
أكد واصل أبو يوسف، الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن “الشعب المغربي كان ومازال لصيقا بالقضية الفلسطينية”، مردفا: “ثم إن الشعب الفلسطيني لن ينسى أبدا أن المغرب كان دائما من الداعمين الرئيسيين لقضيته وعلى جميع المستويات”، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أن “الملوك المغاربة كانوا من الداعمين الرئيسيين لقضية شعبنا، سواء الراحلين منهم أو الملك الحالي محمد السادس”.
وأضاف أبو يوسف أن “المغرب كان أحد رؤوس الحربة في بلورة المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية على المستوى العربي من أجل إبقائها كقضية مركزية لكل الأمة العربية والإسلامية”، لافتا إلى أن “شعبنا الفلسطيني يستمد صموده وعزمه وتصميمه على تحرير أرضه من الدعم والإسناد اللذين يتلقاهما من أشقائه العرب والمسلمين”، وزاد: “سنظل مؤمنين بعطاء أمتنا ودعمها مطالبنا وحقوقنا من أجل حصول شعبنا على حريته واستقلاله وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات”.
وشدد الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “انتصار المملكة المغربية بكل مكوناتها للقضية الفلسطينية، وخروج المغاربة شعبا وأحزابا ومسؤولين للتأكيد على وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني، ورفضهم تصفية قضيته من طرف الاحتلال الإسرائيلي، هو أمر مهم وأساسي، حيث لم تتوقف المسيرات والفعاليات التضامنية مع فلسطين في مختلف المدن المغربية”.
وخلص عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى أن “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يُحتفل به كل عام وفي معظم العواصم العالمية هو مناسبة للتأكيد على ضرورة ضمان حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وعودة اللاجئين، وفقا للقرارات الأممية ذات الصلة”.