المغرب يفكك شبكات الهجرة .. وهشاشة الاستقرار في إفريقيا تفاقم الظاهرة
لا يبدو أن حرب السلطات المغربية، المتواصلة منذ عقود مع الهجرة غير النظامية والشبكات النشطة فيها، ستتوقف في يوم من الأيام، إذ إنه لا يمضي شهر أو أسبوع إلا يتم الإعلان عن توقيف عدد من المهاجرين ومتورطين في محاولة تسهيل عبورهم نحو الضفة الأخرى؛ الأمر الذي يسجل ارتفاعا ملحوظا في الأسابيع الماضية، ساعد على ذلك استقرار الأحوال الجوية بالبحر الأبيض المتوسط.
وخلال شهر نونبر الجاري، سُجل على الأقل توقيف وتفكيك 6 شبكات تنشط في مجال الهجرة غير النظامية في مدن متفرقة من المملكة؛ من أبرزها الناظور وإنزكان وطانطان. كما جرى توقيف عدد من الأشخاص المتورطين في العمليات التي تم ضبطها وإحالتهم على المحاكمة، في إشارة إلى أن المعركة مستمرة ضد الظاهرة المعقدة.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت، في تقرير منجزاتها برسم السنة المالية 2023، أنها ضاعفت جهود محاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية والتصدي للشبكات الإجرامية. وكشفت الوزارة أن هذه الجهود أفلحت، إلى غاية متم شهر شتنبر من السنة الجارية، في إفشال 60 ألفا و192 محاولة للهجرة غير الشرعية وتفكيك 250 شبكة إجرامية تنشط في ميدان الهجرة والاتجار بالبشر.
وسجلت وزارة عبد الوافي لفتيت أن البحرية الملكية المغربية تمكنت، خلال الفترة سالفة الذكر، من إنقاذ 10 آلاف و405 أشخاص من الغرق وتقديم المساعدة والدعم لهم؛ من بينهم 6 آلاف و495 شخصا من جنسيات أجنبية، أثناء محاولتهم الهجرة بحرا وسرا باستعمال القوارب.
في الوقت الذي كشفت بيانات حديثة للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس” عن ارتفاع بنسبة 18 في المائة في حركة الهجرة غير النظامية على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من جهة الغرب الإفريقي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2022.
وفي ظل هذه المعطيات والأرقام المعلنة، قال خالد مونة، الخبير في مجال الهجرة، أن محاولات الهجرة من سواحل شمال المغرب والأقاليم الجنوبية للمملكة إلى أوروبا “تزايدت مند بداية يونيو”، مؤكدا أن هذه المحاولات خصوصا التي تنطلق من السينغال مرتبطة بـ”الأوضاع السياسية والاقتصادية”.
وشدد مونة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن الأوضاع السياسية والاقتصادية بعدد من الأقطار الإفريقية تؤدي بشكل عام إلى الرفع من وتيرة الهجرة وتسريعها، نافيا أن تكون هناك خصوصية مرتبطة بالمرحلة الحالية والتطورات التي تعرفها محاولات الهجرة.
كما اعتبر الخبير ذاته أن المقاربة الأمنية “لا يمكن أن تكون حلا للظاهرة”، مبرزا أن الرباط “لا تملك عصا سحرية لإشكالية الهجرة”، وأكد أن الاستقرار الاقتصادي والسياسي والعدالة الاجتماعية هي “الوسائل الكفيلة لتحقيق الاستقرار والحد من تطور شبكات الهجرة الدولية”، حسب تعبيره.
من جهته، أرجع محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، مواصلة السلطات المغربية تفكيك شبكات الهجرة غير النظامية إلى “نجاعة المقاربة الأمنية”، مؤكدا أنه عوض التركيز على “تجريم الهجرة والمهاجرين لجأت إلى تجريم شبكات الهجرة والاتجار بالبشر”.
وأضاف بنعيسى، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا التوجه والمقاربة التي ينهجها المغرب في محاربة شبكات الهجرة “يتماشى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؛ وهو الأمر الذي يأتي في سياق التعاون المغربي الإسباني”، مبينا أنه كلما كانت العلاقات متميزة ومستقرة بينهما كلما انخفض عدد المهاجرين غير نظاميين الذين يصلون التراب الإسباني أو مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وارتفع تفكيك شبكات الاتجار بالبشر بين البلدين”.
واستدرك الحقوقي ذاته مبينا أن المقاربة المتبعة “يمكن أن تكون في فعالة في وقت ما أو لا تكون حسب السياقات”، وتابع: “لكن ما يجب التركيز عليه هو المقاربة القبلية، من خلال معالجة وإيجاد حلول لعوامل الدفع؛ مثل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بالنسبة للمهاجرين المغاربة غير النظاميين، أو انعدام الاستقرار في البلدان الإفريقية”.