أخبار العالم

الجزائر تُداري جرائم البوليساريو بإشراك “الميليشيات” في المواعيد الأمنية الإفريقية


كعادته، لا يذخر النظام الجزائري جهدا في محاولة توريط مجموعة من الدول العربية التي تربطها علاقات قوية بالمملكة المغربية في النزاع المفتعل حول صحراء هذه الأخيرة؛ من خلال إشراك ميليشيا البوليساريو في اجتماعات وملتقيات إقليمية، بالرغم من تعارض مشاركة الانفصاليين في هذه الاجتماعات مع أهدافها الرئيسية بالنظر إلى دورهم الوظيفي في زعزعة استقرار المنطقة ومحاولة تحويل منطقة شمال إفريقيا إلى ملجأ للجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة التي تهدد أمن واستقرار الدول في هذه الرقعة الجغرافية المستقرة نسبيا.

مناسبة هذا القول هو قيام الجزائر بإشراك جبهة البوليساريو إلى جانب كل من مصر وليبيا في ما يسمى “تمرين مركز القيادة لقدرة شمال إفريقيا” تحت شعار “سلام شمال إفريقيا 02″، الذي احتضنته قاعدة عسكرية بمدينة جيجل الجزائرية في الفترة الممتدة ما بين 18 و25 نونبر الحالي، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الجزائرية. وتضم منظمة “قدرة شمال إفريقيا”، التابعة للاتحاد الإفريقي، في عضويتها كلا من الجزائر ومصر وليبيا وتونس وموريتانيا؛ إضافة إلى الكيان الوهمي.

مشاركة احتفالية وتقويض للاستقرار

البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، قال إن “مشاركة عناصر ميليشيا البوليساريو في اجتماعات قدرة شمال إفريقيا يفقد هذه الآلية الإفريقية مصداقيتها ويقوض كل الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والسلام في إفريقيا وبشكل خاص في منطقة الساحل والصحراء الإفريقية التي تعد من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من الهشاشة الأمنية والتهديدات الإرهابية وتصاعد المخاطر المهددة للاستقرار الإقليمي”.

وأضاف البراق أن “هذه المشاركة المشبوهة تعطل الجهود الإفريقية لتحقيق السلام والأمن في هذه المنطقة مترامية الأطراف. كما أن ردع الإرهاب بشكل ناجع يبدأ بمقاربة تعتمد أولا على تأهيل الكوادر الأمنية من جيوش وطنية نظامية ومؤسسات أمنية في دول المنطقة، وليس بعناصر تفتقر إلى التنظيم الإداري والعسكري”، مسجلا أن “إقحام النظام الجزائري لميليشيا البوليساريو في مثل هذه اللقاءات ذات البعد الأمني في إطار مبادرات يرعاها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي هي محاولات مفضوحة للتغطية على أنشطة عناصر الميليشيا المشبوهة في الإرهاب والجرائم العابرة للقارات”.

ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المشاركة الاحتفالية لميليشيا البوليساريو في هذه الاجتماعات لا تعدو كونها محاولات فاشلة من النظام الجزائري للتغطية على هزائمه الدبلوماسية، سواء أمام المنتظم الأممي من خلال تقارير الأمين العام للأمم المتحدة التي تثمن جهود المغرب للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي للنزاع المفتعل أو في هياكل الجامعة العربية حيث إن الجدار المغربي يقوم بعمل نوعي لإجهاض أية محاولة جزائرية لإقحام ميليشيا البوليساريو في المنظومة العربية”.

وسجل أن “إصرار النظام الجزائري على إقحام الانفصاليين بشكل فج في مثل هذه الاجتماعات يكرس الإشكالات البنيوية التي يعيشها الأمن البشري في شمال القارة الإفريقية، ويزكي كل الطروحات التي تؤكد أن الجزائر بسلوكها العدواني أصبحت تشكل عبئا على الاستقرار الإقليمي من خلال أجندة توسعية تستهدف دول الجوار. لذا، فتحقيق أهداف هذا الاجتماع رهين بتذليل كل العقبات وفتح مسارات إقليمية جديدة للتعاون في ظل وضع إقليمي مقلق، حيث تبقى نجاعة هذه المقاربة مرهونة بسلوك الأطراف الداخلية والقوى الإقليمية المحيطة ذات المصالح والارتباطات مع المنطقة”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “المقاربة المغربية للتعاطي مع الإشكالات التي تعاني منها القارة ستظل الأكثر نجاعة وقربا من الواقع الإفريقي، سواء على المستوى الأمني من خلال المشاركة الفاعلة للمغرب في بناء قدرة أمنية إفريقية قوية من خلال تبادل المعلومات والتنسيق مع أغلب الدول الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة السرية وباقي الإشكالات الأمنية أو على المستوى العسكري حيث تظل مناورات الأسد الإفريقي هي الرد المغربي لكل التهديدات الإقليمية من قبيل الجماعات الانفصالية أو الإرهابية أو من خلال جهود التنسيق بين مختلف القوى للحفاظ على التوازنات الجيوسياسية في شمال إفريقيا”.

اجتماع أمني محض وعلاقات متجذرة

من جهته، أكد عادل عبد الكافي، عقيد ليبي مستشار عسكري سابق للقائد الأعلى للجيش، أن “مشاركة ليبيا في “تمرين مركز القيادة لقدرة شمال إفريقيا” الثاني المنعقد في الجزائر لا يأتي في إطار أي موقف سياسي ليبي تجاه المملكة المغربية، لأن العلاقة بين الدولة الليبية والمغرب هي علاقة تاريخية ومتجذرة لا يمكن أن تتأثر بهكذا مشاركات؛ ذلك أن ليبيا تدعم استقرار المغرب وبالمثل يدعم المغرب استقرار ليبيا، إذ احتضن أغلب مسارات التوافق بين الأطراف السياسية المتنازعة في ليبيا، حيث أن استقرار هذه الأخيرة سينعكس إيجابا على دول الجوار وعلى شمال إفريقيا ككل”.

وأضاف عبد الكافي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مشاركة ليبيا بعيدة عن أي اعتبارات سياسية، إذ تأتي في إطار تمرين عسكري عادي في إطار الاتحاد الإفريقي”، مشددا على أن “ليبيا تحرص على الوجود في مثل هذه الملتقيات، حيث إن استمرار الوجود الليبي في هكذا اجتماعات سيطور من قدرات الجيش الليبي وإمكانياته في مواجهة التهديدات الأمنية التي تواجه الدولة الليبية، على غرار انتشار المرتزقة التشاديين في الحدود ومرتزقة فاغنر الروس”.

وخلص المتحدث ذاته أن “ليبيا لا بد لها من الوجود في مثل هذه الاجتماعات والملتقيات حتى تساهم في محاولة التأسيس لاستقرار دائم في منطقة شمال إفريقيا التي تعرف تحديات أمنية كبيرة، خاصة على الحدود الليبية التي تعرف نشاطا مكثفا للجماعات الإرهابية وانتشارا للأسلحة على هامش الانفلات الأمني الذي تعرفه البلاد؛ وبالتالي فإن الوجود الليبي في هذا الملتقى لا يخرج عن هذا الإطار، ولا يعني بأي شكل من الأشكال تموقف ليبيا أو تغيير موقفها من المملكة المغربية التي تربطها بها علاقات قوية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى