فسْخٌ يكشف انتهاكات لحقوق أعوان الحراسة
أماط قرار المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بسيدي بنور، بالدار البيضاء، فسخ صفقة التدبير المفوَّض لخدمة الحراسة مع الشركة المفوّض إليها تدبير هذه الخدمة، النقاب عن خروقات بالجملة وانتهاكات لحقوق الأعوان العاملين معها، في حين أكد مصدر تحدث إلى هسبريس أن الصفقات التي تبرمها المديريات الإقليمية تحتاج إلى مراجعة صارمة من أجل ضمان الحقوق الشغلية للأعوان.
وأعلن المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بسيدي بنور، في مراسلة إلى مديري ومديرات المؤسسات التعليمية التابعة للمديرية، أن هذه الأخيرة اضطرت إلى فسخ الصفقة التي تربطها بشركة التدبير المفوض لخدمة الحراسة، “لعدم التزامها ببنود الصفقة”، كما أعلن أن المديرية باشرت الإعلان عن صفقة جديدة.
وطلبت المديرية الإقليمية بسيدي بنور من مديري المؤسسات التعليمية التابعة لها إشعار مستخَدمي الشركة المفسوخة صفقتُها بأن تواجدهم بالمؤسسات التعليمية التي يشتغلون بها، “أصبح غير قانوني في غياب الجهة المشغّلة والمسؤولة عن الوضعية المهنية والمادية لمستخدميها”.
كما طلبت المديرية من مديري المؤسسات التعليمية التابعة لها “اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة التي من شأنها تأمين المؤسسة وروادها”، و”استثمار كل الوسائل البشرية والمادية واللوجيستيكية المتاحة، بما فيها تعزيز الأمن بالمؤسسات التعليمية باستعمال كاميرات التصوير”.
رشيد صوفي، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بسيدي بنور، قال إن فسح الصفقة مع الشركة المفوض إليها تدبير خدمة الحراسة بالمؤسسات التعليمية التابعة للمديرية، جاء بسبب عدم التزام الشركة بالبنود المنصوص عليها في الصفقة، لا سيما ما يتعلق بالحقوق الشغلية للمستخدمين، كالحد الأدنى للأجر، والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأضاف صوفي، في تصريح لهسبريس، أن المديرية الإقليمية لسيدي بنور راسلت الشركة المعنية ووجهت إليها دعوة للاجتماع معها، غير أنها لم تحضر، كما تمتْ مطالبتها بالإدلاء بالوثائق التي تُثبت الوفاء بالتزاماتها مع المستخدمين، غير أنها لمْ تُدلِ بكل الوثائق المطلوبة، واكتفت فقط بتقديم وثائق عليها عدد من الملاحظات.
وبدأت أولى ملامح انتهاك الشركة المعنية لحقوق المستخدمين في شهر يونيو الماضي، بعد أن شرع هؤلاء في خوض وقفات احتجاجية أمام المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بسيدي بنور، وأمام العمالة، وهو ما حدا بالمديرية إلى مراسلة السلطات، ومفتش الشغل، موجّهة استدعاء جديدا إلى الشركة للاجتماع، غير أن هذه الأخيرة لم تحضر، بحسب إفادة رشيد صوفي.
وأبرز المسؤول ذاته أن المديرية الإقليمية اتبعت المساطر القانونية في التعاطي مع الموضوع، لتلجأ بعد ذلك إلى توجيه إنذار أول إلى الشركة، عن طريق مفوض قضائي، لم تتفاعل معه، ثم وجهتْ إليها إنذارا ثانيا بعد مرور 15 يوما عن الإنذار الأول، لتضطر، بعد استمرار الشركة في عدم التجاوب، إلى فسخ الصفقة.
وبرر المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية فسْخ الصفقة في هذه الفترة، برغبة المديرية في وضع حد للاحتقان الذي ظل سائدا وسط المستخدمين، موضحا أن المديرية الإقليمية ستعلن عن طلب عروض لإبرام صفقة جديدة في منتصف شهر دجنبر المقبل.
وجوابا على سؤال بخصوص ضمان أمن المؤسسات التعليمية بعد فسخ صفقة الشركة التي كانت تدبر خدمة الحراسة، قال المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بسيدي بنور إن المديرية ستعمل على معاجلة هذا الأمر من خلال التعاون مع باقي الشركاء، كالجماعات الترابية، وجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، معتبرا أن “ما حدث ليس شيئا جديدا، بل يمكن أن يكون في أي مؤسسة عمومية”، وأن “الأمور مضبوطة وقانونية”، على حد تعبيره.
في المقابل، كشفت مصدر تحدث إلى هسبريس حول الموضوع أن فسخ المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية للصفقة التي كانت تجمعها بشركة تدبير خدمة الأمن في المؤسسات التعليمية التابعة لها، ليس سوى “ما يظهر من جبل جليد الخروقات التي ترتكبها هذه الشركات”.
وأفاد المصدر ذاته بأن اختلالات الصفقات التي تُبرم مع شركات الحراسة تبدأ منذ نيلها للصفقة، حيث لا يتعدى الأجر الذي تمنحه للمستخدمين 1400 درهم، في حين إن الشركة تحصل على 4500 درهم عن كل مستخدم، لافتا إلى أن القانون يُلزم الآمر بالصرف بعدم توقيع التحويل المالي إلا بعد التوصل بما يثبت أن الشركة ملتزمة بأداء الحد الأدنى للأجر للمستخدمين.
الاختلالات التي ترتكبها القطاعات الحكومية أثناء إبرام الصفقات العمومية المتعلقة بالحراسة وصيانة ونظافة المقرات الإدارية، سبق أن أكدتها الدورية الصادرة عن رئيس الحكومة بتاريخ 31 يناير 2019، التي سجّلت مجموعة من المخالفات بمناسبة إنجاز الصفقات المذكورة، من قبيل عدم الالتزام بالحد الأدنى القانوني للأجر، وعدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بمدة العمل وأيام العطل والأعياد المؤدى عنها، وعدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بتسجيل الأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا التصريح بأجورهم.
ودعت الدورية القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية إلى إعطاء تعليماتها لمصالحها قصد الأخذ بعين الاعتبار، أثناء تحديد القيمة التقديرية للصفقات وأثناء دراسة ملفات المتنافسين وعند أداء النفقات، الحقوق التي تنص عليها المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لفائدة الأجراء الذين يتم تشغيلهم للقيام بأشغال حراسة وصيانة ونظافة المقرات الإدارية.
وشددت الدورية، بالخصوص، على الحد الأدنى القانوني للأجر، والعطلة السنوية المؤدى عنها، وأيام الأعياد والعطل المؤدى عنها، والراحة الأسبوعية، وحصّة المشغّلين من التحملات الاجتماعية، والتحملات الاجتماعية قصيرة وطويلة الأمد، والتأمين الإجباري عن المرض، والتعويض عن فقدان الشغل، والتأمين عن حوادث الشغل.