أخبار العالم

السجال يتجدد بين القضاة و”المجلس الأعلى”



تجدد السجال حول العقوبات التأديبية بين القضاة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عقب اتخاذ هذا الأخير عقوبة الانقطاع عن العمل في حق القاضي نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرشيدية عفيف البقالي.

وجاء في حيثيات القرار الذي اطلعت عليه هسبريس، الموجه إلى القاضي البقالي، أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرر خلال اجتماعه بتاريخ 31 أكتوبر 2023، برسم دورة شتنبر 2023، “اتخاذ عقوبة الانقطاع عن العمل في حقكم”، مضيفا: “يتعين عليكم أن تكفوا عن مزاولة مهامكم القضائية، بمجرد توصلكم بهذا الكتاب”.

وفي الوقت الذي علل فيه المجلس الأعلى للسلطة القضائية قراره، قال القاضي البقالي إن العقوبة التأديبية الصادرة في حقه، القاضية بالانقطاع النهائي عن العمل، “بدأت تفاصيلها بعدما أشعرت المجلس الأعلى للسلطة القضائية الموقر ببعض الإخلالات بالمحكمة الابتدائية بالعيون”.

وأضاف القاضي الموقوف أن إشعاره للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، جاء “اعتقادا مني أن هذه الإخلالات ناتجة عن انحرافات أشخاص ليس إلا، وتفعيلا لمناشير ودوريات المجلس المذكور التي تحث القضاة بمكاتبته (المجلس الأعلى) وتبليغه بملاحظاتهم وتظلماتهم وطلباتهم وما يعترضهم من إشكالات، خصوصا المنشور عدد 34-22، المؤرخ في 14 يونيو 2022”.

وأرف المسؤول القضائي ذاته، في بلاغ له: “كنت أعتقد أن المحاسبة ستطال المسؤولين عن تلك الإخلالات، وفي المقام الأول السيد وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالعيون، لكنني تفاجأت بدلا من ذلك بقرار نقلي من الحكمة الابتدائية بالعيون إلى المحكمة الابتدائية بالرشيدية، بعلة سد الخصاص، في خرق واضح للمادة 77 من النظام الأساسي للقضاة، التي تلزم المجلس الأعلى للسلطة القضائية بضرورة مراعاة القرب الجغرافي والوضعية الاجتماعية للقاضي”.

وربط القاضي البقالي سبب إصدار عقوبة الانقطاع النهائي عن العمل بحيثيات واقعة تبليغه للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عن “اختلالات المحكمة الابتدائية بالعيون”، معتبرا أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية الموقر لم يكتف بهذه العقوبة المقنعة المستترة في قرار النقل، وإنما باشر إجراءات تأديبية في حقي انتهت بعقوبة الانقطاع النهائي عن العمل”، موردا أن هذه العقوبة “هي في الحقيقة عقوبة عزل أريد لها أن تأخذ شكلا واسما آخرين”.

وأردف بأن العقوبة التي تقررت في حقه جاءت “بعدما واجهني المجلس الموقر بمجموعة من التدوينات أعتبرها موجهة ضد السيد وكيل الملك بالعيون، وهي تدوينات لا تخرج عن الحديث عن المبادئ التي أؤمن بها، من قبيل المحاسبة والمسؤولية والنزاهة والحياد ومحاربة الفساد، انسجاما مع الدستور المغربي ومخططات الإصلاح والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وللتوجيهات الملكية السامية”.

وعبّر عدد من المنتسبين إلى قطاع العدالة، في تدوينات، عن تضامنهم مع القاضي البقالي مباشرة بعد الإعلان عن قرار توقيفه، حيث قال المحامي رشيد آيت بلعربي إن التدوينات التي كان يكتبها القاضي الموقوف هي “خواطر تعبّر عن قناعات تعلن الرفض التام لمظاهر الرشوة والفساد في المجتمع ككل، دون ربطها بواقعة معينة أو بشخص معين”، متسائلا: “أفلهذا الحد أصبح الحديث عن الفساد والرشوة يزعج ويقض مضجع الساهرين على أمننا القانوني والقضائي؟”.

من جهته، قال المحامي الحسن أبو الحسن إن “سيف التأديب ذبح مجددا حق شرفاء القضاء المغربي، الأستاذ عفيف البقالي”، مضيفا أن “هذا الرجل الشهم ليس ممن يتعاطون الرشوة والفساد ويقبل التدخل في الملفات المعروضة عليه، بل عارض ذلك بقوة وشراسة، فكان مصيره العزل، والذين شوهوا صورة القضاء المغربي ويتاجرون في مآسي الناس وحقوقهم وحقوق الوطن ينعمون في طمأنينة وراحة بال لا تليق بأصحاب الكلمة الحرة”.

وأعلن نادي قضاة المغرب عن عقد “اجتماع طارئ يوم غد السبت”، يُرتقب أن يخصص لمناقشة موضوع توقيف القاضي البقالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى