عبد الإله الصبار .. مغربي يساهم في تأطير مدربي التايكواندو بكبيك
حدد عبد الإله الصبار ميوله الرياضي بفعل العروض السينمائية المتطرقة إلى ‘’فنون الحرب’’، خاصة أفلام بروس لي، وأيضا صور عناصر مشتغلة في “الحراسة المقربة” بالقصر الملكي في المغرب، وعلى هذا الدرب سار حتى راكم ست درجات في الحزام الأسود للتايكواندو، ولم تعد تفصله غير مدة قصيرة على بلوغ الدرجة السابعة.
يلتزم المغربي نفسه بتحركات عديدة في منطقة كبيك بكندا، دون التفريط في تجويد أداء ناديه بمدينة مونتريال، أبزرها الخدمات المقدمة لاتحاد التايكواندو بهذه الجهة، مثلما يعطي الصبار أهمية بالغة للعمل التطوعي الذي يبتغي المساهمة في التقريب بين المغرب وكندا من خلال ما يتيحه إرساء التنسيق في الشؤون الرياضية.
الرياضة والدراسة
تأرجحت نشأة عبد الإله الصبار بين مدينتَي الرباط وسلا، إذ ازداد في الأولى وكبر في الحاضرة الثانية، وبين ضفتَي نهر أبي رقراق شب وترعرع في أحضان أسرة شجعته على التطور بالإقبال على الرياضة عموما، وعلى ممارسة ‘’فنون الحرب’’ خصوصا، دون التفريط في المثابرة ضمن الحصص الدراسية.
يقول عبد الإله: ‘’بدايتي الرياضية كانت على يد الأستاذ الكبير محمد نسيم، إذ لديه أثر كبير على تكوين شخصيتي الرياضية منذ الصغر، وقد كان يشجع على التنقل بين الأندية الرياضية عوض احتكار ذوي الأحزمة السوداء؛ لذلك حصلت على موافقته قبل الالتحاق بالنادي المركزي الرباطي’’.
تأرجح الصبار بين ممارسة الكراتيه والإقبال على الأيكيدو، لكن الانجذاب حضر تجاه رياضة التايكواندو التي قرر ملازمتها على الدوام، وبجانب ذلك عمل على استكمال تكوينه في التعليم العالي حتى يصير متخصصا في مجالَي التسويق والتجارة الدولية، ثم صار حاملا لطموحات رياضية ودراسية مرتبطة بالهجرة.
الانتقال إلى كندا
كانت عيون عبد الإله الصبار متوجهة نحو الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على تدريبات رياضية، وما يزال محتفظا بمراسلات مع متخصصين في الأساليب القتالية حين كان مستقرا في المغرب أواخر عقد التسعينات من القرن الماضي، لكن التطورات اللاحقة جعلته يغير الوجهة كي يخوض التجربة الكندية.
يستحضر الصبار ما جرى حينها بقوله: ‘‘أختي المستقرة في أمريكا كانت على علم بطموحاتي، وقد حرصت على تشجيعي كي أتخذ قرار الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنني قمت بملء طلب للاستقرار في كندا، وبمجرد الحصول على الموافقة قررت التحرك رغم ارتباطي بعمل يتعاطى مع أسهم البورصة في المغرب’’.
ضمن هذه المرحلة الجديدة، حرص عبد الإله الصبار على إتمام دراسته الجامعية في مدرسة الإدارة بكبيك، مستوفيا التكوين الأكاديمي في تخصص تدبير الموارد البشرية، ليتخرج ضمن دفعة تضم، على الخصوص، منتمين إلى السلك الدبلوماسي والعمل السياسي والأداء الأمني، دون تفريط في أدائه الرياضي.
نادي المدرسة الأولمبية
يعترف عبد الإله بأن الاستقرار على الأراضي الكندية دفعه إلى ممارسة مهن عديدة لضمان مردود مالي يغطي النفقات اليومية للحياة، منتقلا بين شغل وآخر حتى لا يترك فترة فراغ بلا مداخيل تلبي الاحتياجات، ويشدد على أن الضرورة الملحة كانت وراء قبوله بأعمال مليئة بالتكرار المرهق رغم بساطتها نظريا.
ويضيف المنتمي إلى صف الجالية المغربية المقيمة في مدينة مونتريال: ‘’تحسنت الأحوال حين قررت المرور إلى الاستثمار في مهاراتي الرياضية، وجاءت الانطلاقة بالحصول على فرصة ثمينة لتدريب عناصر أمنية كانت تبحث عن مؤطر، وبعدما حظيت بإعجاب الضابط المسؤول صار هذا التعاقد يتجدد مرة تلو الأخرى’’.
في المرحلة الموالية، عمد عبد الإله الصبار إلى إنشاء ناديه الخاص تحت مسمى ‘‘المدرسة الأولمبية للتايكواندو’’، ثم واصل التطور بالخضوع لتكوينات متتالية في الرياضة نفسها، ملامسا الدرجة السابعة في الحزام الأسود، كما حاز إشهادات لتأهيل المدربين من بينها، سنة 2010، دبلوم المستوى العالي لأساتذة التايكواندو.
التزامات حالية في كبيك
يعد عبد الإله الصبار واحدا من أبرز مكوني مدربي التايكواندو على صعيد كبيك وعموم الأراضي الكندية، وقد شرع مؤخرا في التحضير لاستقبال سنة 2024 بالحصول على الدرجة السابعة للحزام الأسود في هذه الرياضة التي حازت الصفة الأولمبية في البرنامج الرسمي لألعاب ‘’سيدني ‘’2000 في أستراليا.
بالإضافة إلى الحرص على حسن تدبير النادي الكائن في ‘’كوليج روزمون’’ بمونتريال، يشغل الإطار المغربي نفسه منصب مدير تنفيذي لاتحاد التايكواندو في كبيك منذ ما يزيد على 12 سنة، وقد ساهم في وضع بصماته على ملفات عديدة من هذا الموقع في المسؤولية الرياضية؛ منها تحديد معايير التعريف بالرياضيين وعمليات الانتقال للتنافس في المستويات العالية والمواعيد الدولية.
يقول الصبار: ‘’أفخر بما تم إنجازه من طرف اتحاد التايكواندو في كبيك ضمن هذا الإطار، خاصة أن المعايير المعمول بها حاليا تتيح للأبطال المنتقين أن يستفيدوا من منحة مالية وتحضيرات بدنية ومواكبة في التغذية على أعلى المستويات، مثلما أعتز بتألق ابني في كندا والتحاقه بالفريق الوطني للتايكواندو هنا’’.
أعلام من 3 قارات
يشهر نادي عبد الإله الصبار أعلاما من 3 قارات، إذ يتضمن شعاره رايات كندا والمغرب وكوريا، مشيرا بذلك إلى استحضار رمزي لكل من أمريكا وإفريقيا وآسيا، معبرا عن رغبة المرفق الرياضي في اعتماد رياضة التايكواندو الكورية للارتقاء بالممارسة في كندا دون إهمال مساعي ربط المزيد من الجسور مع ممارسين على صعيد المغرب.
يقول مستجمع 23 سنة من العيش في كبيك: ‘’أنتمي أيضا إلى تنظيم غير ربحي يحمل اسم الجمعية الكندية المغربية لترقية رياضة التايكواندو، يعمل على تحفيز الحوار الثقافي والرياضي بين البلدين، وقد بصم على مبادرات متميزة بتنظيم زيارات كنديين إلى الوطن الأم، منها واحدة اتجهت رأسا نحو مدينة الداخلة في الصحراء المغربية’’.
يراهن عبد الإله حاليا على إنجاح نشاط جديد للجمعية نفسها، يتم التحضير لإطلاقه تحت يافطة ‘‘القافلة الثقافية والرياضية المغربية الكندية’‘ بشعار ‘‘حين يتخطى الشغف الحدود’’، من أجل تشجيع تبادل الأفكار والخبرات بين الجانبين، ومحاولة نقل تجربة كرة القدم المغربية، عقب التألق في المحافل الدولية، إلى أبطال التايكواندو أيضا.
الإصرار على الطرقات
يرى أستاذ التايكواندو عينه أنه يمكن وضع إطار عام يساعد المهاجرين على النجاح في بلدان الاستقرار، لكن المحددات الحاسمة ترتبط بظروف كل شخص على حدة، وما يريده فرد لمستقبله لا يعني أن يبتغي آخر السير على النهج نفسه، لكنه يرى الخيط الناظم متجليا في إنجاز الأعمال بقسط وافر من الشغف الصادق.
ويذكر عبد الإله أنه حيثما كان الإنسان حاضرا فوق البسيطة، عليه أن يعطي للحياة معنى باستحضار هدف محدد على الأقل، وأن يسعى إلى جعله ملموسا ببذل كل الجهد، ويزيد: ‘’أرى أن الناس يختلفون في المسالك، ما يفضي إلى حصولهم على فرص متباينة ينبغي اقتناصها في الأوقات الملائمة’’.
‘’أعي جيدا مفعول الإصرار من خلال تجربتي الشخصية، سواء حين كنت في المغرب أو بعد الانتقال إلى كبيك من أجل الاقامة الدائمة، ويمكنني أن أنصح بممارسة التايكواندو بالنظر إلى التغذية النفسية التي يوفرها في هذا الجانب الوجداني’’، يختم عبد الإله الصبار.