رهانات كبرى تحيط بحصول ألمانيا على “الهيدروجين الأخضر” من المغرب
قبيل انطلاق قمة العشرين حول القارة الإفريقية بمشاركة وازنة للمملكة المغربية، عقد أولاف شولتز، المستشار الألماني، اجتماعا مع ممثلي 12 دولة من القارة السمراء، كان موضوعه الأساس الهيدروجين الأخضر، أكبر مشاغل برلين الطاقية.
وصرح شولتز بأن “الدول الإفريقية يمكنها التعويل على ألمانيا في موضوع إنتاج الهيدروجين الأخضر، كما أنها من الممكن أن تتحول إلى مورد رئيسي إلى ألمانيا لهاته المادة الرئيسية”.
ولم يخف المستشار الألماني حاجة بلاده الكبيرة إلى الهيدروجين الأخضر في اقتصادها الصناعي الأكبر في القارة الأوروبية، الذي أصبح يواجه تحديات طاقية مهمة منذ الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تسابق برلين الزمن لوقف التبعية الطاقية لموسكو.
وتطرق رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، خلال افتتاح قمة مجموعة العشرين حول القارة الإفريقية لاستراتيجية المملكة المغربية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن “ألمانيا بوسعها الاضطلاع بدور مهم في دعم تطوير قطاع إنتاج هذه الطاقة المستدامة، بحكم خبرتها القوية في هذا المجال”.
وسبق أن أقامت برلين مشاريع مهمة في مجال الهيدروجين الأخضر بالمغرب، من بينها تمويل بناء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بمدينة طرفاية بقيمة 300 مليون يورو، وبرنامج “Power to X”، وغيرهما من المشاريع التي تعول من خلالها ألمانيا على تحويل المملكة المغربية إلى مورد أساسي للهيدروجين الأخضر إليها.
وحول فوائد هاته الشراكة، يرى عبد الصمد ملاوي، خبير في مجال الطاقة، أن “ألمانيا تعول بشكل كبير على المغرب من أجل تمكينه من تصنيع وتصدير الهيدروجين الأخضر إليها، باعتباره مادة تعول عليها كل الدول الصناعية قصد تحقيق تحول طاقي نظيف”.
وقال ملاوي، في تصريح لهسبريس، إن “المغرب يمكنه الاستفادة من ألمانيا من خلال التكنولوجيا والتقنيات المتطورة التي تمتلكها، باعتبارها من الدول الرائدة في مجال الهيدروجين الأخضر التي تمتلك شركات رائدة ومتطورة”.
وأضاف أن “ألمانيا لها أهداف كبرى في ما يهم الطاقات النظيفة، وترى المغرب عاملا أساسيا في هذا الموضوع، كما أن المملكة من خلال هذا الأمر ستستفيد بقوة”.
وبخصوص مخاوف تصدير المغرب لهاته المادة الحيوية وتأثيرها على الاكتفاء الذاتي المحلي، شدد الخبير الطاقي ذاته على أن “المملكة وضعت مجموعة من الأهداف الواضحة في هاته المسألة، تهم الاحتفاظ بالثلث من الكمية المنتجة من الهيدروجين”.
من جانبه، سجل إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، أن “المغرب يتمتع بمقومات وإمكانات واسعة تؤهله للمنافسة في مضمار الريادة العالمية في مجال الهيدروجين الأخضر، وسط تطلعات مغربية للمضي قدما في مزيد من الاستثمارات في هذا القطاع بالتعاون مع شركات عالمية مختلفة”.
وأضاف العيساوي، في تصريح لهسبريس، أن “تقريرا حديثا لمكتب الاستشارات الدولية ديلويت (Deliot) بين أن المغرب مهيأ لأن يكون لاعباً رئيسياً في إنتاج الهيدروجين الأخضر، انطلاقاً مما يحظى به من موارد تشكل مزيجاً مفيداً في هذا السياق، إلى جانب قرب المملكة من الاتحاد الأوروبي”.
ولفت المتحدث إلى أن “دراسة سابقة أجراها المجلس الأطلسي قالت إن المغرب بما لديه من إمكانات طبيعية مؤهل لقيادة منطقة شمال أفريقيا فيما يتعلق بإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما ذكرت دراسة حديثة أيضاً هذا العام، نشرتها شركة نيو إنرجي ريسيرش (New Energy resarchs) أن استيراد أوروبا الهيدروجين الأخضر من المغرب أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية من الإنتاج المحلي في العام 2030”.
وأورد المحلل الاقتصادي أنه “مما لا شك فيه، أن مشاركة المملكة المغربية في اللقاء الذي يعقد في هذه الأثناء بألمانيا ستفتح أمام المغرب هذه الإمكانات المواتية ليصدر كميات هائلة من الهيدروجين الأخضر إلى أروبا ويحتل بذلك الصدارة في منطقة شمال إفريقيا”، مذكرا بأن “شركة أسترالية للاستثمار تعتزم إنتاج 3 ملايين طن من الوقود الأخضر بحلول 2030”.
وخلص العيساوي إلى أنه “من المنتظر أن تقيم هذه الشراكة معملا بمنطقة إقليم واد نون لتصنيع هذه المادة التي ستمكن من إنتاج ما يقارب 12 جيجاوات من الطاقة الخضراء، وذلك وفقا للمشاريع الكبيرة التي يخطط لها المغرب منذ سنة 2019”.