أخبار العالم

سابقة.. اكتشاف آثار كائنات متعدد الخلايا بالمغرب تعود إلى 539 مليون سنة


في سابقة من نوعها، نجح فريق دولي من الباحثين، من بينهم مغاربة، في توصيف آثار حركة الكائنات متعددة الخلايا، يعود عمرها إلى حوالي 539 مليون سنة، في جبال الأطلس الصغير، لتكتمل آخر حلقات تاريخ كوكب الأرض بالمملكة المغربية.

وجاء في بيان صحافي حول “أول” اكتشاف بالمغرب لآثار كائنات لا فقرية عمرها مئات ملايين السنين متواجدة بأراضي المملكة، أن “هذا الاكتشاف ساهم في تحديد أول المؤشرات البيولوجية المحددة للحدود الستراتغرافية بين العصر الإدياكاري (نهاية الزمن البريكامبري) والعصر الكمبري، الذي شهد ازدهار الحياة وتنوع الكائنات الحية متعددة الخلايا”.

وتم الإعلان عن هذا الاكتشاف، الذي ساهم فيه باحثون مغاربة من جامعة القاضي عياض بمراكش، وفق المصدر ذاته، في مجلة “Precambrian research” العلمية، التي بينت أن “ظهور هذه الكائنات خلال العصر الكمبري، يمثل مرحلة رئيسية لم توثق بشكل كبير بعد في السجلات الطبقاتية، حيث تقع أهم وأكثر المواقع المدروسة خلال العقود الأخيرة في كندا والصين وأستراليا، بالإضافة إلى موقع إفريقي وحيد في ناميبيا”.

وأوضح المصدر سالف الذكر أن “سلسلة الأطلس الصغير الغربي تحتوي على مساحات شاسعة تظهر فيها طبقات رسوبية بحرية لم تخضع للتحول بعد ترسبها، تغطي الفترة الزمنية بين العصر الإدياكاري والكمبري، الذي يحتوي محليا على طبقات تظهر نشاط الكائنات الحية على شكل آثار أفقية وعمودية، تشهد على نشاط الكائنات متعددة الخلايا مثل الديدان وكائنات أخرى تشبه الشقائق البحرية”.

وأضاف البيان أن “هذه الآثار تعرف علميا بـ ( Conichnus وPlanolites،Palaeophycus ،Gordia ،Helminthoidichnites ،Monomorphichnus ،Treptichnids)”، مشيرا إلى أن “هاته الآثار بقيت شاهدة على أو ظهور لكائنات حية قادرة على التحرك والحفر في الرواسب”.

واشتملت الدراسة على نتائج التحاليل النظائرية للكربون 13 التي أجريت على الطبقات المترسبة ما بين الحقب الإدياكاري والكمبري، في المواقع نفسه، والتي أظهرت تطابقا مع النتائج المسجلة في مواقع أخرى من بقاع العالم.

وأبرز المصدر أن “التكامل بين المعطيات الأحفورية ونتائج نظائر الكربون 13 مكن من تحديد الطبقات التي تمثل الحدود بين العصر الإدياكاري والكمبري في الأطلس الصغير الغربي”.

وكان جنوب منطقة تارودانت منطقة الدراسة، التي مكنت من تحديد الحلقة المفقودة من السجل الستراتغرافي المغربي، الذي يشمل كامل تاريخ الحياة على الأرض، انطلاقا من مظاهر الحياة البدائية أحادية الخلية في البريكمبري حتى ظهور الإنسان في العصر الرباعي.

في هذا الصدد، قال عبد الفتاح عزيزي، أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض رئيس فريق الدراسة، إن “هذا الاكتشاف كان الحلقة الأخيرة لنكمل تاريخ الحياة على كوكب الأرض هنا على المغرب”.

وأضاف عزيزي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الموقع المكتشف بنواحي تارودانت هو الثاني في القارة الإفريقية، بعد موقع منطقة ناميبيا في جنوب إفريقيا”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “اكتشاف هاته الآثار تطلب سنوات، إذ انطلقت مهمة الفريق في سنة 2018 إلى 2020، لتبدأ بعدها مراحل أخرى تهم تقييم ودراسة الآثار المستكشفة، حتى تم الإعلان رسميا عن النتائج في سنة 2023”.

وفسر الأستاذ الباحث بجامعة القاضي عياض أن “هاته الاكتشافات تبقى أولية، على أن نمر إلى دراسات جديدة تهم الوسط الذي تعيش فيه هاته الكائنات، ونحاول الإجابة عن سؤال: كيف تشكلت وتطورت الحياة على كوكب الأرض؟”.

واعتبر عزيزي أن “تاريخ كوكب الأرض بكامله يوجد في الأراضي المغربية بشكل رسمي بعد هذا الاكتشاف الذي يقع بين حقبتي الإدياكاري والكمبري (حوالي 539 مليون سنة)”.

وذكر أن “العينات المستكشفة توجد في مختبر جامعة القاضي عياض بمراكش، والآثار الأخرى توجد في عين المكان، وسيتم العمل مستقبلا على تأمينها وحفظها من التلف”.

وخلص الأستاذ الباحث إلى أن “الفريق يعمل حاليا على أبحاث جديدة تهم استكشاف آثار أخرى، سيتم الإعلان عن تفاصيلها مستقبلا للعموم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى