الجزائر ستعترف بمغربية الصحراء .. والرباط تدير أجواء أقاليم الجنوب

قال الزعيم السابق لحزب العمال الاشتراكي بالكناري، رافاييل إسبارزا ماشين، إن “موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية لن يتغير بعد تنصيب سانشيز، بل سيتطور إلى مستويات متقدمة”.
وأضاف إسبارزا، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجزائر تتجه في المستقبل إلى قبول مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء”.
وأورد الزعيم الاشتراكي السابق أن “المغرب يتحكم في إدارة المجال الجوي بالصحراء بنسب عالية”، مبينا أن “المفاوضات مستمرة حول الأمر”.
وشدد إسبارزا على أن “موضوع ترسيم الحدود بين الكناري والمغرب وخلاف الموارد الطبيعية بعد الخطاب الملكي، سيتم حله في إطار تفاوضي عنوانه الاحترام والتعاون”.
نص الحوار كاملا:
نبدأ بالجدل في إسبانيا حول مفاوضات سانشيز مع أحزاب كتالونيا التي تشهد موضوع قانون العفو العام، هل ترون أن هذا القانون يهدد وحدة إسبانيا بالفعل؟
اليمين الإسباني غالبا ما يحذر من تهديد كاتالونيا وحدة إسبانيا حين يتعلق الأمر بتشكيل الحزب الاشتراكي للحكومة بدعم من الأحزاب الكتالانية، وإسبانيا كما ترون ما زالت حتى اليوم موحدة، ولكن اليمين لا يعتبر أن إسبانيا مهددة بالانقسام حين يتعلق الأمر بتشكيل حكومة يمينية بدعم الأحزاب القومية في كتالونيا ويعتبر ذلك من باب المصلحة العليا للدولة واستقرارها. والحقيقة أن التهديد الوحيد الذي يزعج اليمين في الاتفاق مع الكتالانيين لتشكيل الحكومة المقبلة بقيادة الاشتراكيين، هو فشله في الحصول على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة، والشعب الإسباني قال كلمته يوم 23 يوليوز الفارط بأنه لا يريد حكومة يمينية ائتلافية مع اليمين المتطرف.
حسنا هل نفهم أن اليمين سيعرقل مرور المشروع بعد تشكيل الحكومة؟
بعد المصادقة عليه في البرلمان (الغرفة الأولى)، سيواجه قانون العفو العام بعض التماطل والتأخير في المصادقة عليه من الغرفة الثانية التي يحظى فيها اليمين بالأغلبية، لكنه حتما سيعود إلى المصادقة النهائية عليه في الغرفة الأولى، ومن المنتظر بعد نشره في الجريدة الرسمية أن يواجه بدون شك طعونا من طرف المعارضة اليمينية في المحكمة الدستورية، وإلى غاية بت المحكمة الدستورية في الطعون سيدخل إلى حيز التنفيذ وسيستمر كذلك إذا لم يكن للمحكمة الدستورية رأي آخر.
دعنا نسلط هنا الضوء على صورة سانشيز لدى الرأي العام الإسباني، كيف تبدو بعد هاته المستجدات؟
يُنظر إلى سانشيز في إسبانيا دائما على أنه شخصية مثيرة للجدل بشدة، هناك من يكرهه لأسباب عرضية عميقة وشخصية، وبعضهم لأسباب عقلانية، وذلك لأنه يمنعهم من الوصول إلى الحكومة. ومن ناحية أخرى، فإن البعض ينتقده بسبب السياسات التي ينهجها، والتي تهتم كلها بمشاكل الطبقة العاملة والطبقة الوسطى، وهو ما لا يكسبه تأييد الباطرونا وأصحاب المال. في المقابل، فئات واسعة من الإسبان ترى فيه ما كانت تراه في رئيس الحكومة السابق الاشتراكي خوسي لويس ثباتيرو، وتراه قريبا من الشعب. الرجل له مناقب وربما بعض الأخطاء، يتخذ قرارات جريئة الزمن القادم سيؤكد مدى صحتها.
ننتقل الآن إلى العلاقات مع المغرب، وبكل واقعية من فضلك، هل تعتقدون أن سانشيز سيتمسك بموقف مدريد بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، خاصة وأننا رأينا عدم ذكر هذا الملف في الاتفاقات المبرمة مع تحالف “سومار”؟
موقف إسبانيا من موضوع الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد وممكن لن يتغير، بل سيتطور وسيتعزز بمواقف مماثلة منتظرة قريبا من دول أوروبية أخرى كما حدث سابقا مع ألمانيا وغيرها من كبار العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومن المنتظر أن تكون فرنسا هي القادمة، خاصة بعد موقفها الأخير في مجلس الأمن، ربما ستستمر بعض الخلافات داخل التحالف الحكومي القادم، حيث هناك تباين في الموقف من طرف الحليف اليساري “سومار”، فيما يخص هذا الموضوع، لكنه لن يكون موضوع نقاش وخلاف حكومي علني، قد يستمر كنقاش داخلي لكن بحدة أقل من السابق. والحليف اليساري في الحكومة بات يتعامل منذ مدة مع هذا الموضوع ببراغماتية ويتجه نحو التعامل معه بواقعية أكثر، لأنه بخلاصة لا وجود لحل لنزاع الصحراء غير الحكم الذاتي، كما أن إسبانيا تعلم أن وحدة المغرب ضرورية لها وللاتحاد الأوروبي.
رأينا أيضا وجود حديث عن عودة السفير الجزائري في مدريد، كيف ترون هاته الخطوة؟ هل فاز سانشيز في رهانه تجاه العلاقات مع قصر المرادية؟ وكيف سينعكس ذلك على ملف الصحراء؟
فيما يتعلق بالجزائر وإسبانيا والصحراء، علينا أن ندرك أن الجزائر فاعل أساسي وطرف في موضوع نزاع الصحراء، بل هو جزء من السياسة الخارجية والسياسة الجيو-استراتيجية الجزائرية، لكن بالنظر إلى أوضاعها الداخلية والتحولات التي يعرفها العالم، ستتجه الجزائر نحو إعادة التفكير في سياستها الخارجية فيما يتعلق بهذا الموضوع، وفي علاقاتها بالجوار بشكل عام. الخطوة الأولى نراها الآن في عودة السفير الجزائري إلى مدريد وخطوات أخرى قادمة تتعلق بالعلاقات التجارية والاقتصادية والغاز… وفيما يتعلق بهذا النزاع، الجزائر ستتجه نحو تعديل موقفها إلى حدود الاعتراف بمغربية الصحراء مستقبلا وقبول مقترح الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية، لأنه ليس هناك حل أفضل وأكثر واقعية وقبولا للتطبيق، وستحاول الجزائر لا محالة التخلص من تبعات هذا النزاع الذي يعتبر العائق الرئيسي في بناء اتحاد المغرب الكبير، وهذا الاتحاد له أهمية كبيرة سواء بالنسبة للجزائر أو المغرب، بل وكل المنطقة.
في علاقات الجوار تأتي جزر الكناري التي كنت فيها سابقا رئيسا لحزب العمال الاشتراكي، تبدو الحكومة الحالية هناك غير راضية على مضامين خطاب العاهل المغربي في مسألة التنقيب عن الغاز، هل تعتقد أنهم خائفون من خطوة المغرب؟
علاقات المغرب بالكناري تميزت دائما بالمد والجزر وببعض الخلافات التي غالبا ما يتم تدبيرها في إطار العلاقات المغربية الاسبانية، والكناري حاليا تضاعف اهتمامها بهذه العلاقات وبتطورها اعتبارا لموقعها المهم كشريك محتمل للمغرب في مشاريع التنمية والتعاون مع جنوب المغرب من سيدي إفني إلى مدينة الداخلة، وبالنظر إلى موقع جزر الكناري وقربها من الجنوب المغربي، يمكنها أن تلعب دورا مهما في تطوير مشاركة إسبانيا في التطور الذي يعرفه المغرب، وبالخصوص في الجنوب المغربي، في مجالات حيوية مثل تدبير الماء، السياحة، تدبير وتسيير الموانئ، وعلى الأخص الفرص التي يقدمها مشروع الميناء الكبير في الداخلة، وكذلك في موانئ أخرى مثل طانطان والعيون وغيرها، والأكيد أن هناك تطورا كبيرا في مجال التعاون الكناري مع جنوب المغرب ومصالح مهمة وكبيرة تربط الضفتين، وبالطبع هناك أمور أخرى عالقة بقوة، خاصة الموارد الطبيعية تحت الماء التي لا يزال الحديث عنها مبكرا، والتي سيتعين على التكنولوجيا أن تقول الكثير في هذه القضية، بمعنى الأمر يعود إلى المسائل التقنية للحسم في حصة كل طرف.
يطرح هذا الموضوع أيضا قضية ترسيم الحدود البحرية، هل ستتعرقل مستقبلا؟
موضوع الحدود البحرية بين جزر الكناري والجنوب المغربي سيتم حله في إطار المفاوضات الثنائية بشكل طبيعي وتحت إشراف الأمم المتحدة والقانون الدولي، ولم يعد في الأصل موضوع خلاف بقدر ما هو موضوع مفاوضات وتفاهم وتنسيق متواصل، ما يعني أنني شخصيا جد متفائل بحل الأمر في ود واحترام كبيرين.
ماذا عن إدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية، خفت اسم هذا الملف في الانتخابات؟
لوقت طويل كنت وما أزال أعرف الكثير عن ملف إدارة المجال الجوي، وما سأقوله هنا، بخلاصة، هو أن إدارة المجال الجوي التي بقيت دائما تحت يد إسبانيا، يتم حسمها حاليا بشكل تدريجي، ويتطلب الأمر بعض الترتيبات التقنية، وعمليا تتحكم المملكة المغربية حاليا في نسبة كبيرة منه.
حتى ننهي هذا اللقاء، كيف ترى مستجدات اتفاقية الصيد البحري بين بروكسيل والرباط التي يرتقب أن يصدر فيها الحكم في مارس القادم بعد تقديم الطعون، نعلم أن توقف البروتوكول يؤثر على عائلات في إسبانيا، وخاصة في جزر الكناري؟
الاتفاقية التي تم الطعن فيها كما سبق أن حصل في الاتفاقيات السابقة التي كان فيها الحكم الاستئنافي دائما لصالح المغرب، تنتظر الآن حكم الاستئناف الذي سيكون بدون شك لصالح التجديد، هذه المرة سيكون ذلك مع فرض المصاريف على البوليساريو كما حصل في الطعن السابق، لكنني لا أريد الحديث عن التوقعات، ما أريد قوله هو أن ما يجب أن يحدث هو إدارة المغرب لأقاليم الصحراء؛ لأن ذلك سيعود بالنفع على الساكنة وعلى الجميع.