تصاعد عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ينذر “بتفجر الأوضاع”
- Author, يحيى كناكريه
- Role, بي بي سي نيوز عربي- عمّان
مع استمرار الحرب في غزة تتجه الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة إلى مزيد من التصعيد أيضاً، فلا يمر يوم دون أن تشهد مختلف المناطق مداهمات للجيش الإسرائيلي وهجمات للمستوطنين ضد الفلسطينيين.
ووصل عدد القتلى في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى أكثر من 212 بعضهم قتل على يد المستوطنين، وأكثر من 2800 جريح، وفق وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة.
وقالت الكيلة: “لا يزال الجيش الإسرائيلي والمستوطنون يمارسون عدوانا ممنهجا في المدن والقرى ومخيمات الضفة، والتي كان آخرها على مخيم بلاطة، والذي أدى لمقتل خمسة مواطنين، وآخر في طوباس، والعشرات من الجرحى”.
وحذرت وسائل إعلام إسرائيلية من أن الوضع في الضفة الغربية “على وشك الانفجار”، كما حذرت تقارير أمريكية من “خطر اشتعال” جبهة صراع ثانية ضد إسرائيل في الضفة الغربية بسبب ارتفاع وتيرة المداهمات وهجمات الجنود والمستوطنين.
“حرب غير معلنة”
الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي وصف ما يحصل في الضفة الغربية بأنه “حرب غير معلنة” حتى من قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول في ظل التضييق والحصار المستمر.
وقال لبي بي سي: “حكومة نتنياهو لا تريد أن تفتح أي جبهة أخرى، لذلك تقوم بقمع أي تحرك في الضفة للانفراد بقطاع غزة”.
وأشار إلى أن “التركيز على جنين وطولكرم ومخيم بلاطة والخليل وأريحا جاء بسبب تواجد المقاومة الفلسطينية فيها، كما تنطلق بؤر التحركات منها، ولا تريد إسرائيل أن يكون ذلك نموذجاً ينتقل لأماكن أخرى”.
وطلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس “التدخل العاجل أيضا لوقف اعتداءات القوات الإسرائيلية وإرهاب المستوطنين المتواصل في الضفة الغربية والقدس، وهو الوضع الذي ينذر بانفجار وشيك”.
وهدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بحظر تأشيرات الدخول على “المتطرفين الذين يهاجمون المدنيين في الضفة الغربية”، مضيفاً “لقد أكدت لقادة إسرائيل ضرورة وقف أعمال العنف المتطرفة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية ومحاسبة مرتكبيها”.
وقال المتحدث باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، عبد الجليل حنجل، في تصريحات لـ “بي بي سي” إن “الوضع يسير إلى الأسوأ”، في وقت تتصاعد فيه الاستهدافات والاعتقالات والانتهاكات في الضفة الغربية بشكل كبير منذ بدء الحرب في غزة.
وسجل الهلال الأحمر الفلسطيني 89 انتهاكا – مثل منع وصول، وإعاقة وصول، وانتهاكات بحق الطواقم الطبية، وانتهاكات بحق مركبات الإسعاف – وفق حنجل.
وأشار حنجل إلى أن الهلال الأحمر الفلسطيني تعامل مع 69 قتيلا و2648 جريحا في الضفة الغربية منذ بدء الحرب، “كان الملاحظ فيها زيادة عدد الإصابات بالرصاص الحي، وزيادة الاستهداف في أماكن خطرة بالجسم، والاستهدافات غير المبررة”.
تكتيكات جديدة
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه في حالة تأهب قصوى ويستعد لإحباط هجمات، بعضها قد ينفذه مسلحو حماس في الضفة الغربية.
واستخدم الجيش الإسرائيلي تكتيكات جديدة نسبيا في أنشطته العسكرية بالضفة الغربية، من بينها استخدام مسيرات في تنفيذ غارات جوية، بالإضافة إلى تجريف الشوارع، خلال هذه العمليات.
وقال الجيش إنه “يستهدف نشطاء فلسطينيين ومخازن أسلحتهم وبنيتهم التحتية”.
وتشن طائرات مسيّرة غارات على المظاهرات، فتُلقي على المشاركين فيها قنابل الغاز، كما حدث في الخليل، أو تلقي عبوات ناسفة من الجو، أو تنفّذ عمليات لاغتيال مسلحين فلسطينيين، كما حدث في طولكرم وجنين بحسب ما تشير إليه المصادر الفلسطينية.
وقال الجيش الإسرائيلي في وقت سابق إن عمليات تجريف الشوارع في جنين خلال عملياته العسكرية الكبيرة جاءت بعد “زرع العبوات الناسفة في الشوارع، وفي حفر الصرف الصحي، بهدف تفجير القوات الإسرائيلية”، مشيرا إلى أن إزالتها جاءت على اعتبار أنها “تشكل خطرا على السكان الأبرياء”.
ويقدر عدد الذين أجبروا على ترك منازلهم بنحو 500 شخص، حسب منظمات حقوقية، فيما كشف مركز المعلومات الإسرائيلي “بتسليم” أن 16 قرية يسكنها رعاة هُجرت منذ نشوب حرب غزة.
استهداف المستشفيات
وحسب وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، فإن:
مستشفى ابن سينا في جنين: تم استهداف الطواقم الطبية فيه بالرصاص الحي، وقنابل الغاز، وحصاره، والدخول الى باحاته “في انتهاك صارخ لحرمة المستشفى، والمرضى، والطواقم الطبية فيه”.
مستشفى الشهيد دكتور سليمان خليل الحكومي في جنين: يتعرض بشكل دائم ومتكرر خلال اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمدينة ومخيمها لاعتداءات على الطاقم الطبي، والمرضى، من خلال إطلاق الرصاص الحي بشكل عشوائي تجاه المستشفى، واستهدافه بقنابل الغاز التي تجعل المستشفى عاجزًا عن تقديم الخدمات الصحية للجرحى والمرضى.
مستشفى الأمل في جنين: تم استهدافه من قبل الجيش واقتحام باحاته، والتحقيق مع الكوادر الطبية فيه، وتعريض حياة المرضى للخطر.
مستشفى الشهيد ثابت ثابت في طولكرم: تم استهداف المستشفى وقصفه بقنابل الغاز، وهو الأمر الذي خلف عشرات الإصابات بحالات اختناق شديد في صفوف الطواقم الطبية، والمرضى، خاصة الأطفال وكبار السن، فضلا عن إعاقة سيارات الاسعاف عن أداء عملها في نقل وإجلاء الجرحى والمرضى، ونقلهم بحرية الى المستشفيات لتلقي العلاجات في كافة المحافظات في الضفة، بالإضافة للتحقيق مع كوادر الإسعاف فيها.
كبح الجماح
حثت الولايات المتحدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ضرورة كبح جماح المستوطنين “المتطرفين” في الضفة الغربية في أعقاب تقارير عن أعمال عنف ضد الفلسطينيين.
وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان: “نعتقد أن رئيس الوزراء نتنياهو يتحمل مسؤولية كبح جماح المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية الذين، كما قال الرئيس بايدن قبل بضعة أيام، يصبون الزيت على النار”.
وأضاف: “من غير المقبول على الإطلاق أن يكون هناك عنف من جانب المستوطنين المتطرفين ضد الأبرياء في الضفة الغربية، هذا شيء سنواصل الضغط باتجاهه”.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن هجمات المستوطنين ارتفعت بأكثر من الضعفين منذ بدء الحرب في غزة، حيث يتهم الفلسطينيون المستوطنين بإطلاق النار عليهم بهدف القتل.
ويعيش في الضفة الغربية نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون مستوطن، في مستوطنات يعتبرها القانون الدولي “غير شرعية”.