حرب غزة: بي بي سي تدخل مستشفى الشفاء برفقة الجيش الإسرائيلي
وصلنا إلى مجمع مستشفى الشفاء في الظلام عبر جدار متهدم في محيطه دمرته جرافة مدرعة يوم الثلاثاء للسماح بدخول القوات الإسرائيلية.
وكانت بي بي سي، وطاقم تلفزيوني آخر، أول الصحفيين الذين تمت دعوتهم من قبل الجيش الإسرائيلي لمشاهدة ما تقول إسرائيل إنها عثرت عليه في الموقع.
إن أي ضوء إضافي هنا ينطوي على مخاطرة، لذا فإننا نتلمس طريقنا عبر المجمع، متبعين القوات المدججة بالسلاح التي أرسلت لمرافقتنا حيث نتجول حول الخيام المؤقتة والحطام والأشخاص النائمين.
ويقول الأطباء في المستشفى إنهم يعملون بدون كهرباء أو طعام أو ماء منذ أيام، وإن المرضى المصابين بأمراض خطيرة توفوا نتيجة لذلك، بما في ذلك الأطفال الخدج. وقد لجأ النازحون بسبب القتال في غزة إلى مجمع المستشفيات.
لكن إسرائيل تقول إن حماس تدير أيضا شبكة من الأنفاق تحت الأرض، بما في ذلك تحت مستشفى الشفاء.
القوات الخاصة الملثمة التي تقودنا إلى داخل المبنى فوق الأنقاض والزجاج المكسور علامة على مدى توتر الوضع هنا. إن حضورنا، بعد يوم واحد فقط من سيطرة إسرائيل على المستشفى، يوضح الكثير عن دوافع إسرائيل لكي تظهر للعالم سبب وجودها هنا.
في الممرات ذات الإضاءة الساطعة بوحدة التصوير بالرنين المغناطيسي، أطلعنا المقدم جوناثان كونريكوس على ثلاثة مخابئ صغيرة لبنادق كلاشينكوف وذخيرة وسترات واقية من الرصاص. ويقول إنهم عثروا على حوالي 15 بندقية في المجمل، إلى جانب بعض القنابل اليدوية.
وأظهر لنا المقدم كونريكوس أيضا بعض الكتيبات والنشرات العسكرية، وخريطة يقول إنها محددة بطرق الدخول والخروج المحتملة من المستشفى.
وقال إن ما يخبرنا به ذلك هو أن حماس تستخدم المستشفيات لأغراض عسكرية.
وقال “اكتشفنا الكثير من أجهزة الكمبيوتر والمعدات الأخرى التي يمكن أن تلقي الضوء حقًا على الوضع الحالي، بما في ذلك موقف الرهائن”.
ويقول إن أجهزة الكمبيوتر المحمولة تحتوي على صور ومقاطع فيديو للرهائن الذين تم اختطافهم في غزة. وهناك أيضًا لقطات تم نشرها مؤخرًا، وشاركتها الشرطة الإسرائيلية، لاستجواباتها مع مقاتلي حماس الذين تم اعتقالهم بعد هجمات أكتوبر/تشرين الأول.
ولم تطلع بي بي سي على ما كان موجودا على أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
وقال اللفتنانت كولونيل كونريكوس إن هذا يشير إلى أن حماس كانت هنا “خلال الأيام القليلة الماضية”.
وأضاف: “في نهاية المطاف، هذا مجرد جزء ضئيل من الأمر”. وأضاف “حماس ليست هنا لأنها رأت أننا قادمون. ربما هذا هو ما أجبروا على تركه وراءهم. تقييمنا هو أن هناك المزيد”.
وأمضى الجيش الإسرائيلي أسابيع في القتال حتى يبلغ أبواب المستشفى. وشهدت الشوارع المحيطة بعضا من أعنف المعارك في غزة في الأيام القليلة الماضية.
لقد كانت زيارتنا خاضعة لرقابة مشددة. ولدينا وقت محدود للغاية على الأرض ولم نتمكن من التحدث إلى الأطباء أو المرضى هناك.
كانت رحلتنا إلى غزة، في ناقلة جنود مدرعة مغلقة بإحكام من الخارج، واتخذت نفس مسار أول توغل بري إسرائيلي كبير في غزة منذ أسابيع.
وعلى الشاشات داخل المركبة العسكرية، تحولت الأراضي الزراعية ببطء إلى شوارع تتناثر فيها قطع كبيرة من الحطام، والأثار المتبقية للمباني المدمرة.
في جنوب مدينة غزة، توقفنا لتغيير سياراتنا، وسلكنا طريقنا فوق أكوام من المعدن الملتوي وقطع كبيرة من الركام والخرسانة.
وجلست مجموعات صغيرة من الجنود قرب نيران أشعلوها، وأعدوا عشاء سريعا بجانب صفوف الدبابات. “إنها وصفة سرية،” غمز أحدهم.
بالقرب منهم تهاوت المباني متخذة أشكالا غريبة. وبقي الباب المعدني لواجهة متجر معلقًا ومفتوحًا في منتصف الطريق.
رُسمت نجمة داود على الحائط بطلاء أحمر اللون؛ وبداخلها كتب أحدهم “جيش الدفاع الإسرائيلي”، وفوقها عبارة “لن يحدث ذلك مرة أخرى”.
غيرت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر حسابات إسرائيل في صراعها مع حماس. وتعهدت إسرائيل بإنهاء سنوات من المواجهة غير المستقرة، من خلال تدمير القوة العسكرية والسياسية لحماس، التي تصنفها المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية.
وهذا يعني الدخول إلى قلب مدينة غزة، بما في ذلك داخل الشفاء.
ولا تزال القوات الإسرائيلية تبحث عن الأنفاق الموجودة أسفل المستشفى والتي تعتقد أن مقاتلي حماس ربما انسحبوا إليها، ربما مع بعض الرهائن.
وقد أصبح هذا المبنى محور للحرب الإسرائيلية، حيث وصفته بأنه مركز قيادة رئيسي، بل ومن المحتمل أن يكون “القلب النابض” لعمليات حماس.
وفي حرب المعلومات الوحشية التي نتجت عن هذا الصراع، فقد تكون هذه هي لحظة الحسم بالنسبة لإسرائيل.
وبعد ما يقرب من 24 ساعة من تأمين وتفتيش المستشفى، تقول إسرائيل إنها عثرت على أسلحة ومعدات أخرى يمكن أن تساعد في توفير معلومات عن مقاتلي حماس والرهائن. ولكنها لم تعثر على إي منهم بعد.
غادرنا المستشفى وسرنا مسرعين على الطريق الواسع المؤدي إلى طريق غزة الساحلي.
مدينة غزة واقعة تحت سيطرة الدبابات الآن، وتبدو الطرق في أماكن كما لو أنها منطقة زلازل من شدة الدمار.
ومن الواضح ما تطلبه الأمر حتى تسيطر إسرائيل على هذه الشوارع.