أخبار العالم

فشل الجامعات المغربية في تبوأ مراتب متقدمة عربيا يسائل جودة التعليم العالي



لم تستطع الجامعة المغربيّة مرة أخرى أن تحصل على مرتبة متقدّمة عربيّا، إذ لم تُعتبر حتى ضمن الجامعات الثّلاثين الأولى، بحسب بيانات جديدة لمؤسسة “تايمز هاير إيديوكايشن”، في تصنيف “الجامعات العربية لسنة 2023″، حيث حلّت جامعة محمد الخامس بالرباط في المرتبة 43، ما يعني تلقائيّا أنها حازت الرّتبة الأولى على الصّعيد الوطني المغربي.

ويبدو أن “جودة التّعليم العالي والبحث العلمي” مازالت تفصل المشرق عن المغرب، إذ إن “الجامعات العشر الأولى جاءت موزعّة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مع حضور جامعة واحدة قطرية؛ فيما ذهبت المرتبة الأولى لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية السعودية”، وفق التصنيف ذاته.

أما مغاربيّا فحلت جامعة تونسيّة في المرتبة 25، متقدمة على جامعة محمد الخامس، وعلى جامعة القاضي عياض التي حلت ضمن الجامعات في المرتبة بين 61 و70، بينما لم ترد جامعة جزائريّة في التّصنيف إلا بعدما تجاوز الترتيب الـ90، إذ حلت في المرتبة بين 91 و100، بعد جامعتي ابن زهر بأكادير وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في الترتيب نفسه. كما حلت جامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس في المرتبة بين 71 و80.

عبد اللطيف كيداي، عميد كلية علوم التربية بالرباط، علق على غياب الجامعات المغربية ضمن الجامعات العشر الأولى عربيا، معتبرا أن “جامعة محمد الخامس وجامعات أخرى حضرت فعلا ضمن التّصنيف، وهي تحتل الرتبة الأولى على المستوى الوطني، غير أن تبوّء المراكز العشرة الأولى يتطلب استثمارات ضخمة على مستوى البحث العلمي والأكاديمي والموارد المالية”، موضحا أن “البلدان المشرقية، خصوصا السعودية والإمارات وقطر، تخصص ميزانيات ضخمة فعلا للنهوض بالبحث العلمي داخل هذه الجامعات”.

وأورد كيداي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “أغلب هذه الجامعات الخليجية المصنفة يُدرّس فيها أساتذة أجانب، بمعنى أنها تستثمر أكثر في البحث العلمي، من خلال جذب الكفاءات الأكاديمية والخبرات العلمية الدولية التي لها باع طويل في المجال، ولها دراية وسهولة في نشر المقالات العلمية في المجلات المفهرسة”، مبرزا في الآن ذاته أن “الوعي بالتصنيف بدأ لدى المسؤولين المغاربة في الآونة الأخيرة، وهناك رغبة أكيدة في رفع تنافسية الجامعة المغربية”.

وأضاف عميد الكلية ذاته أن “المرتبة 43 تبقى مع ذلك لا بأس بها، لكن لكي تصل إلى مراتب متقدمة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط فهذا مازالت تعتريه مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بالاعتماد على اللغة الفرنسية عوض الإنجليزية، التي تعد لغة عالمية، وبجودة الباحثين؛ أضف إلى ذلك أن الاستثمار في الجامعات العمومية المغربية مازال لم يرق اليوم إلى المستويات المطلوبة، بحيث مازالت ميزانية البحث العلمي جد متدنية؛ في حين أن البلدان التي صُنّفت جامعاتها تخصص نسبة مهمة من الناتج الداخلي الإجمالي للبحث العلمي والتحصيل الأكاديمي”.

وسجل عميد كلية علوم التربية بالرباط أن “الطريق صار يُعبد تدريجيا في المغرب مع البرامج الجديدة التي شرعت فيها الوزارة لإصلاح نظام الدكتوراه؛ فهذا النظام الجديد من شأنه أن يمدنا بأعداد مهمة من الباحثين المغاربة ذوي الكفاءة العالية، بالنظر إلى اشتراط إتقان اللغة الإنجليزية للتسجيل في سلك الدكتوراه وكتابة مقالين علمين في المجلات المفهرسة والمشاركة في الحركية الدولية، وغيرها من المعايير الجديدة”.

من جانبه، عزا محمد الدرويش، رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، هذا “الضعف في التصنيف الذي تجترّه الجامعة المغربية سنويا” إلى “التشتت في الرؤية وتعدد مؤسسات البحث العلمي في بلادنا، وغياب جهاز وطني قائد لمشاريع البحث في المجالات المتعددة”، مضيفا أن “تعقد المساطر الماليّة والإدارية في تمويل البحث العلمي الذي عمر طويلا في القطاع أربك عمل مختلف الجامعات والمختبرات والمعاهد والشعب، إلخ”.

الدرويش أكد، ضمن تفسيرات أدلى بها لهسبريس، أن “هناك أيضا غياباً واضحًا للحكامة في تدبير قطاع التعليم العالي، سواء من طرف الوزارة أو من طرف أغلب الجامعات والمؤسسات”، وزاد: “ينضاف إلى ذلك مشكل اللغة، فتعليمنا العالي والابتدائي والثانوي هو ضحية لاعتماد الفرنسية دون غيرها منذ أزيد من ستين سنة، وعدم انفتاحنا على لغات أخرى ذات تأثير دولي في الحركية الثقافية العالميّة، كالإنجليزيّة والإسبانيّة والصينيّة، إلخ”، منبها إلى “إشكال عدم الاستمراريّة في البرامج الكبرى، فكل وزير يأتي يبدأ من الصفر”.

وأشار المتحدث ذاته إلى “الدور الذي يلعبه انعدام ثقافة الاعتراف داخل الجامعة المغربيّة في هذا الجانب، خصوصًا بشأن الأساتذة الباحثين الذين يقومون بأعمال رائدة في مجالات تخصصاتهم”، موضحا أن “العديد من الأساتذة الباحثين نالوا جوائز في الكيمياء والفلاحة والعلوم الإنسانيّة والتّقنية وغيرها ولم يحظ أي واحد من هؤلاء باستقبال وزير أو رئيس حكومة أو حتى رئيس جامعة”، وختم بالقول: “أضف إلى ذلك غياب ثقافة العناية بالأكاديميين، وهو ما يساهم في تذمر نفوس هؤلاء المجتهدين، فتجدهم يعودون للخلف واحدا واحدا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى